سوداني يمشي 140 كلم إلى الخرطوم وفاء لنجله شهيد الاحتجاجات
بعد رحلة طويلة امتدت نحو 16 ساعة وفاء لنجله قطع خلالها نحو 140 كيلومترا، وصل قسم السيد إلى الخرطوم وسط استقبالات حاشدة.
من قريته "اربجي" بولاية الجزيرة وسط السودان، توشح قسم السيد محمد، 56 عاما، بصورة نجله "عثمان" الذي سقط في أحداث فض الاعتصام وعلم بلاده، فجر الجمعة، إيذانا ببدء رحلة سيرا على الأقدام صوب العاصمة الخرطوم لحضور احتفالات توقيع اتفاق تقاسم السلطة الذي توافقت عليه قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري المؤقت بوساطة أفريقية وإثيوبية فاعلة.
وبعد رحلة طويلة امتدت نحو 16 ساعة وفاء لنجله قطع خلالها نحو 140 كيلومترا، وصل قسم السيد إلى الخرطوم خلال ساعات متأخرة من يوم الجمعة، وسط استقبالات حاشدة من قبل ناشطين في الحراك السوداني.
ويقول مقربون منه إنه رفض استغلال وسائل المواصلات رغم توفرها، ولم يحمل أي شيء سوى صورة نجله "عثمان" التي زين بها عباءته من الأمام والخلف، وآثر المشاركة في احتفالات السلام وتوقيع وثيقة السلطة الانتقالية التي سعى وضحى ابنه لأجلها.
وعقب وصوله للخرطوم في ساعة متأخرة من ليل الجمعةـ رفض رجاءات مستقبليه بالذهاب إلى أحد المنازل لأخذ قسط من الراحة، وتمسك بضرورة إكمال الرحلة حتى مكان التوقيع بقاعة الصداقة وانتظار اللحظة التاريخية هناك، وفق شهود عيان.
ويقول أحد مستقبليه إن قسم السيد كان مليئا بالحيوية والحماس الثوري، ورغم كبر سنه، قاوم إرهاق المشي بروح شبابية، وظل يتبادل هتافات الانتفاضة وأناشيد النضال؛ احتفاء بالوصول للحكم المدني.
ويوقع المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، السبت، على وثيقتي الإعلان السياسي والدستوري الخاصتين بتشكيل هياكل السلطة الانتقالية بصورة نهائية، وتصاحب ذلك احتفالات واسعة في أرجاء البلاد.
وقال قسم السيد، في كلمة أمام مجموعة من قادة الحراك الثوري استقبلته عند نقطة تفتيش "سوبا" جنوبي الخرطوم، إن ابنه عثمان خرج من أجل قضية وهو مؤمن بها، وكان دائما ما يترك بلدته ويأتي إلى ضاحية بري شرقي الخرطوم، حيث يعتبرها معقل النضال والثورة.
وأضاف أنه قرر المجيء للخرطوم سيرا على الأقدام من أجل الوفاء لابنه الذي قدّم روحه واستشهد فداء للوطن وللوصول إلى هذه اللحظة التاريخية.
وتابع: "سعيد بالوصول والمشاركة في الاحتفالات، وسأواصل الرحلة حتى قاعة الصداقة، وسأنتظرهم هناك حتى يأتوا للتوقيع".
وسيّر ناشطون في الحراك الثوري موكبا مساندا لقسم السيد وهم يرددون شعارات تمجد ضحايا الاحتجاجات، وتدعو إلى القصاص من قتلتهم على نحو "شهداؤنا ما ماتوا عايشين مع الثوار" و"أم الشهيد أمي.. ودم الشهيد دمي".
ونال قسم السيد احتفاء واسعا من قبل نشطاء التواصل الاجتماعي في السودان، ممتدحين ما قام به وحرصه على المشاركة في احتفالات توقيع وثيقة الحكم الانتقالي.