لقد أثبتت التصريحات السياسية والوعود الانتخابية الغزيرة حقيقة اعتماد العديد من الساسة على فكرة النسيان لدى المتلقي.
هل نعاني من ثقب في الذاكرة؟ سؤال يتردد كلما دار حوار أو كُتب مقال يحمل تناقضات أو سقطات تاريخية، تتناول الوضع السياسي خصوصاً، حيث تتبدل الأهواء وتكثر المآرب.
إن الاعتماد على قصر الذاكرة الجمعية أسلوب اتبعه العديد من الكتاب والمحللين على أسس التناقض الغامض بين المحكي والواقع، تلك المسافة النائية بين الحقيقة والوهم، بقصدية صاحب النوايا الدنيئة الهادفة إلى تحريف وتجزيء الحقيقة اعتماداً على عامل الزمن، الذي أصبح أقصر في عالم امتلاء وتلاحق المعلومات.
الحل في مواجهة مجزئي الحقائق يكمن في الرد عليهم والتذكير بسطحية رأيهم، وتقديم الوثائق والبيانات التي لا تقبل الرأي؛ لكي لا يكون لهم حجة ولا برهان، وقد أبلى رواد وسائل التواصل الاجتماعي والمحللين العرب على الشاشات الأجنبية بلاء حسناً بتضافر جهودهم للتصدي لهؤلاء
لقد أثبتت التصريحات السياسية والوعود الانتخابية الغزيرة حقيقةَ اعتماد العديد من الساسة على فكرة النسيان لدى المتلقي، فما الذي سيحدث إن أطلقوا تهديداً أو وعداً اليوم وتراجعوا عنه غداً؟ لا شيء.. فالجماهير تنسى؛ إذ إن لنفسية الجمهور خصوصية شديدة التعقيد، تقبل ما تمليه العواطف عليها، لتغزوا عقولها في صورة لا إرادية لا سيما في حالات التأثر الأيديولوجي.
إن اللحظة الراهنة في الزمن المعاصر حرجة، حيث التحولات لا تسكن والتبدلات في المشهد تتلاحق حتى تُغفل الجماهير الكثيرَ من الحقائق، وتعتمد على الانطباع لتشكيل قناعاتها ومبادئها، وهذا ما يستغله الأعداء في تشكيل رأي عام داخلي مبني على أنصاف حقائق.
ولا يحتاج المرء إلى أكثر من قراءة مقال أو متابعة برنامج على أية قناة معادية حتى يكتشف تزوير الحقائق بحديث مكشوف تمجّه الأسماع لفرط سذاجته ولطبيعته الدوجمائية "الجمود الفكري" المفرطة في التسطيح .
لم تكن ظاهرة الاعتماد على النسيان للسياسيين ومن لفّ لفَّهم، اختراعاً عربيا خالصاً، فالناخبون في الدول الغربية يعانون التحدي ذاته، حين يطلق المترشحون وعوداً لا ينفذون منها شيئاً، ثم ما يلبث الجمهور أن ينسى تلك الوعود، وقد يعود فيرشحهم في دورة أخرى!
لكن الإشكالية في الحالة العربية تقع حين يدافع أحدهم عن فكرة أو نظام سياسي، متناسيا تاريخاً واضحاً بل حاضراً أكثر تجلّياً من الخروقات والتدخلات، ماحيا ذلك بكلمة وحكم يطلقه جزافاً ودون تحقيق، معتمدا على تمرير الأجندة مع وفرة الأخبار والأحداث المتلاحقة .
إن الحل في مواجهة مجزّئي الحقائق يكمن في الرد عليهم، والتذكير بسطحية رأيهم، وتقديم الوثائق والبيانات التي لا تقبل الرأي؛ لكي لا يكون لهم حجة ولا برهان، وقد أبلى رواد وسائل التواصل الاجتماعي والمحللين العرب على الشاشات الأجنبية بلاء حسناً بتضافر جهودهم للتصدي لهؤلاء .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة