حرب أفغانستان النفسية.. تقرير يرصد آثارها على جنود بريطانيا
رصدت صحيفة "التايمز" البريطانية، السبت، التكلفة النفسية الخفية التي وقعت على الجنود البريطانيين خلال الحرب في أفغانستان.
وتحت عنوان: "كيف أصبح الانتحار الثمن الخفي لحرب أفغانستان؟"، رصد أنتوني لويد، مراسل الحرب بصحيفة "التايمز" البريطانية، خلال تقريره حول التكلفة النفسية الخفية للحرب في أفغانستان على جنود بريطانيا.
وعندما بدأ لويد الحديث مع قدامى المحاربين البريطانيين الذين شاركوا في حرب أفغانستان، كانت بداية القصة عن ويلات الانتحار، وحالات اضطراب ما بعد الصدمة، وما حدث مع من خدموا في الحرب، وإهمال الحكومة للصحة العقلية للمحاربين.
وعندما سافر خلال فصل الخريف بمناطق التجنيد الخاصة بوحدة "2 Rifles" في لندن وليفربول ومانسفيلد للحديث مع قدامى المحاربين بالحملة الأفغانية بشأن الحرب والموت والصدمة والذكريات، انتهى بحصوله على قصص أخرى.
وقال لويد إن "القصص التي قاموا بروايتها له كانت عن الحب الذي تشاركوه خلال الأوقات الحلوة والمرة، لكن بعض الجنود بدوا يشعرون بالمرارة، ليس فقط من الحرب، بل أيضا من الفراق".
وقال اللواء روبرت طومسون، الذي قاد وحدة "2 Rifles" العسكرية البريطانية معظم تلك السنوات الدامية: "كنا بين الأصدقاء. شعرنا أننا مجموعة قوية. شاركنا في عشر عمليات خلال عشر سنوات. كنا نعلم أننا سنذهب إلى منطقة ستكون صعبة للغاية".
وخالج الحزن صوته عند تذكر ما جابهته فرقته، وظلت كلماته تتردد أصداؤها في ذهن لويد عندما قال: "لا يمكن تغيير حقيقة أننا حاربنا معا. كنا أصدقاء إلى جانب بعضنا البعض. لا يمكنك تغيير ذلك".
كما حدث بول جاكوبس مراسل الصحيفة عن دوريته في 20 أغسطس/آب عام 2009. كان الجنديان أمامه قد فارقا الحياة، وآخر شيء يتذكر رؤيته كان الرعب، فكان حينها بعمر 20 عاما.
في ذاك اليوم، كان لويد في سانجين مع روب طومسون، الذي كان آنذاك عقيدا، وكان جاكوبس أحد جنوده.
حينها كانت انتخابات الرئاسة الأفغانية، وداخل غرفة العمليات وسط سانجين، ارتدى طومسون وفرقته الدروع الواقية والخوذات مع انطلاق نيران صواريخ طالبان وقذائف الهاون قرب القاعدة، بينما تطاير رصاص الأسلحة باتجاه طالبان عبر صف الأشجار المحاذي لنهر هلمند باتجاه الشمال.
وفجأة أعلن عبر جهاز اللاسلكي وقوع حادث انفجار عبوة ناسفة، كانت دورية جاكوبس؛ حيث قتل السيرجنت بول ماكاليز، والجندي جوناثون يونغ، بينما أصيب جاكوبس بإصابات خطيرة.
وبدا الحزن واضحا في عيون طومسون حينها، وقال: "لقد فقدت للتو واحدا من أفضل جنودي".
وقال لويد إنه رأى "نفس الحزن عندما رأى الجنرال منذ بضعة أسابيع، الذي أخبره بأنه لا نريد شفقة، نريد تعاطفا. نريد أن يفهم الناس ما مررنا به".
وكانت جولة العمليات التي استمرت ستة أشهر ونفذتها الوحدة "2 Rifles" ذاك العام، وتعرف بـ"هيريك 10"، من بين الأكثر دموية خلال الحملة الأفغانية على مدار 20 عاما.
وكان ذلك الصيف أيضًا نقطة ارتكاز في الحرب الأفغانية، النقطة التي أصبح فيها الصراع لعبة انتظار كانت ستبلغ ذروتها في أغسطس/آب الماضي، عندما تراجعت أمريكا أولاً وتنازلت عن أفغانستان لطالبان.
وأصبح عام 2009 سيئ السمعة منذ ذاك الحين لسبب آخر؛ اعتباره مصدر مجموعة من حالات الانتحار بين قدامى المحاربين البريطانيين الذين خدموا في هلمند بالعملية "هيريك 10"، الذين كانت وفياتهم أكبر دليل على أزمة صحة عقلية كبيرة تؤثر على أولئك ممن حاربوا في الحملة الأفغانية.
وقال لويد في تقريره إن وحدة "The Rifles" تمثل عنصرًا محوريا في هذه القصة؛ فباعتبارها أكبر فوج مشاة بريطاني، الذي قام بعمليات أكبر من أي فوج آخر، عانوا من أكبر معدل خسائر في الجيش خلال الحملة الأفغانية: مقتل 55 جنديا، وإصابة 258 بين كتائبها الخمس النظامية في ذلك الوقت.
ولحقت الحرب بالكثير منهم في الديار؛ حيث فارق ما لا يقل عن 22 جنديا أو جنود سابقون بالوحدة، الحياة إما بالانتحار وإما بالوفاة الطبيعية منذ 2011، وعشرة من هؤلاء الجنود خدموا مع الوحدة "2 Rifles".