الذكاء الاصطناعي يلتهم الطاقة.. هل حان وقت القلق؟

في ظل السباق لتطوير الذكاء الاصطناعي، تتسابق الدول والشركات العملاقة نحو حواسيب خارقة تزداد قوة وكلفة واستهلاكًا للطاقة بوتيرة مذهلة.
فبحسب دراسة حديثة نُشرت على منصة arXiv، قد يصل استهلاك أقوى حاسوب خارق مخصص للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030 إلى 9 غيغاواط، وهو ما يعادل حاجة مليون منزل في فرنسا من الكهرباء.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الفرنسي جان لوي كاريير، الباحث في مركز الأبحاث الاقتصادية الفرنسي CERPEM، لـ"العين الإخبارية" إن "الزيادة الهائلة في استهلاك الطاقة وتكاليف تطوير الحواسيب الخارقة للذكاء الاصطناعي تطرح إشكاليات اقتصادية متعددة.
وأضاف أنه "من ناحية، فإن هذه الحواسيب تسهم في تقدم تقني هائل قد يعزز الإنتاجية ويُحدث ثورة في القطاعات الطبية والصناعية، موضحاً أنه من ناحية أخرى، فإن تكلفة بنائها وتشغيلها تُحول الابتكار إلى سلعة حصرية تتحكم فيها قلة من الشركات الكبرى، مما يعمّق الفجوة الرقمية ويطرح تحديات بيئية واقتصادية هائلة على الدول النامية.
وتابع:" إذا لم يُواكب هذا النمو بجهود تنظيمية واستثمار في الطاقة النظيفة، فقد نجد أنفسنا في مأزق اقتصادي تضخمي مرتبط بالبنية التحتية الرقمية نفسها".
حواسيب خارقة تزداد ضخامة
في فبراير/شباط 2025، نفّذ الحاسوب الخارق Frontier في مختبر أوك ريدج الوطني بالولايات المتحدة، أكثر محاكاة للكون تعقيدًا تم إنجازها على الإطلاق.
وهذا الإنجاز المذهل تطلّب بالطبع تكاليف مالية ضخمة، إلى جانب استهلاك هائل للطاقة. ويبدو أن هذه الاحتياجات المالية والطاقة تتضاعف سنويًا بالنسبة لهذا النوع من الآلات، وفقًا لدراسة تم نشرها مبدئيًا على منصة arXiv في 23 أبريل 2025.
ويشير الخبير في الذكاء الاصطناعي كونستانتين بيلز، من مركز الفكر الأمريكي Center for Security and Emerging Technology (CSET)، إلى أن أداء الحوسبة للحواسيب الخارقة الخاصة بالذكاء الاصطناعي تضاعف كل تسعة أشهر بين عامي 2018 و2025.
وقد ترافق ذلك مع تضاعف سنوي في تكاليف اقتناء المعدات والاستهلاك الكهربائي. وقد استند الباحثون إلى بيانات تغطي 500 حاسوب خارق مخصص للذكاء الاصطناعي.
حتى مليوني شريحة إلكترونية بحلول 2030
تفصيليًا، تتحدث الدراسة عن زيادة سنوية بمقدار 1.6 مرة في عدد الشرائح الإلكترونية، إلى جانب تحسن بمعدل 1.6 مرة في الأداء لكل شريحة.واليوم، ومع انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي، أصبحت الأنظمة التي تضم أكثر من 10,000 شريحة بمثابة معيار، بعدما كانت نادرة قبل خمس سنوات فقط.
علاوة على ذلك، باتت بعض شركات التكنولوجيا العملاقة تمتلك حواسيب خارقة ضخمة، مثل حاسوب Meta 100K التابع لـMeta AI، أو Colossus التابع لـxAI، الذي بلغت كلفة معداته 7 مليارات دولار ويتطلب ما لا يقل عن 300 ميغاواط من الكهرباء لتشغيله.
ووفقًا لتقديرات فريق كونستانتين بيلز، فإن أقوى حاسوب خارق في يونيو 2030 قد يحتوي على ما يصل إلى مليوني شريحة إلكترونية، بتكلفة إجمالية تقارب 200 مليار دولار، مع استهلاك كهربائي مذهل يصل إلى 9 غيغاواط — وهو ما يعادل تقريبًا استهلاك مليون منزل في فرنسا.
الهيمنة الخاصة وتفاوتات عالمية
من الجدير بالذكر أيضًا أن هناك اختلالًا في توزيع القوة الحوسبية عالميًا. فالقطاع الخاص اليوم يهيمن على 80% من القدرة الحاسوبية العالمية، مقابل 40% فقط في عام 2019. أما القطاع العام، فتُسيطر عليه بشكل أساسي الولايات المتحدة (بنسبة 75%) والصين (15%).
ومع ذلك، فإن خدمات الحوسبة السحابية تُربك هذا التوزيع، بما أن الموقع الجغرافي الفعلي للحواسيب الخارقة قد يختلف عن موقع المستخدمين.