أزمة سلاسل الإمداد وحرب أوكرانيا.. "عاصفة" في فنجان الشاي العالمي
تمر صناعة الشاي حول العالم بأزمة استثنائية تتكالب فيها الجائحة مع أزمة سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار النفط والحرب الروسية الأوكرانية.
ومع الاحتفاء باليوم العالمي للشاي والذي يحل في 21 مايو/أيار من كل عام، تسلط "العين الإخبارية" الضوء على حجم هذه الصناعة وقيمتها والأزمات التي تمر بها وتهدد نموها.
كورونا يضرب سوق الشاي
في عام 2019، بلغ حجم سوق الشاي العالمي نحو 201.1 مليار دولار، وعلى نحو غير متوقع تقلصت قيمة هذه الصناعة إلى 178.7 مليار دولار في عام 2020.
وعام 2020، هو العام الذي شهد ذروة جائحة كورونا وما رافقها من تداعيات أثرت على استقرار سلاسل الإمداد وعمليات الشحن.
- في يومه العالمي.. طقوس شرب الشاي حول العالم
- الشاي بالسمن يثير الجدل.. ومعلقون: "تصلب الشرايين بيسلم عليك"
كما ضربت جائحة كورونا أسواقا رئيسية منتجة للشاي مثل سريلانكا، التي أدى حظر السفر بسبب فيروس كورونا المستجد إلى القضاء على اثنين من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة فيها، وهما السياحة وتحويلات العمال الأجانب.
وقد أدى هذا بالتبعية إلى ضرب الاقتصاد السريلانكي بشكل عام والضغط بشكل خاص على مزارعي الشاي في البلاد، والذين وصل بهم الحال إلى التخلف عن سداد قروضهم الزراعية والعجز عن استيراد مدخلات الإنتاج.
ومع ذلك تمكنت الصناعة من تجاوز كبوتها في عام 2021 الماضي، ووصلت قيمة سوق الشاي إلى 207.1 مليار دولار.
ومن المتوقع وفقا لإحصاءات "ستاتيستا" أن يقفز حجم سوق الشاي العالمي إلى 229.3 مليار دولار في 2022، ثم إلى 247 مليار دولار في 2023، و256.6 مليار دولار في 2024، و266.7 مليار دولار في 2025.
الحرب الروسية الأوكرانية
لكن تلك التوقعات المزدهرة لنمو سوق الشاي مستقبلا لا تزال تحت سيف الحرب الروسية الأوكرانية التي ضربت السوق من ناحيتي الإنتاج والاستهلاك.
فمن ناحية الإنتاج أدت الحرب إلى قيام الغرب بفرض عقوبات تستهدف عرقلة الصادرات الروسية، وكان من بين أهم تلك الصادرات بالنسبة لصناعة الشاي العالمية: النفط والأسمدة.
وقد أدت العقوبات إلى رفع أسعار النفط، الأمر الذي رفع بقسوة أسعار شحن الشاي وأضاف المزيد من الأعباء للمنتجين وهي أعباء يصعب تمريرها للمستهلكين في ظل تراجع الطلب.
أما الضربة الأقسى فهي تلك المتعلقة بالأسمدة، خاصة سماد البوتاس الضروري لزراعة الشاي.
وتستحوذ روسيا وبيلاروسيا على قرابة 25% من سوق البوتاس العالمي، وقد أدت العقوبات إلى قفزة في أسعار هذا النوع من الأسمدة بمقدار أربعة أضعاف، وفقا لموقع worldteanews.
وبدون البوتاس يمكن أن تتقلص محاصيل الشاي بنسبة تتراوح بين 20 إلى 30%.
أما من ناحية الاستهلاك فقد ضربت الحرب الروسية الأوكرانية قسما كبيرا من الأسواق المستوردة، في ظل حقيقة أن روسيا وأوكرانيا من أكثر الدول المستهلكة للشاي.
وتستهلك روسيا كمية غير عادية من الشاي (140 مليون كيلوجرام سنويا)، كما أنها في المركز الخامس عالميا من حيث ترتيب الدول وفقا لاستهلاك الفرد السنوي من الشاي بحسب إحصاءات ستاتيستا في 2016.
كما تأتي أوكرانيا في المركز الـ19 وفقا لنفس التصنيف.
ومع ذلك يمكن العثور على طرق لإمداد الروس بالشاي برا عن طريق الهند وأوزبكستان على سبيل المثال، لكن هذا أيضا سيرفع من التكلفة بما يعني أسعارا أقل جاذبية بالنسبة للمستهلكين.
أزمة سلاسل الإمداد
ليس غريبا أن تزداد اضطرابات سلاسل الإمداد مع أي ارتفاع لأسعار النفط، لا سيما أن صناعة الشحن البحري التي تهيمن على سلاسل الإمداد تعتمد بشكل أساسي على الوقود الأحفوري.
كما تؤثر أزمة سلاسل الإمداد على توريد الشاي ومراحل معالجته وتعبئته وتوصيلله إلى المستهلك النهائي.
وحسب رويترز، يشعر المراقبون بالقلق من جنوح التجار إلى عدم قبول مخاطرة كبيرة في هذا السوق، إلى جانب توجه المزارعين إلى تخفيض الإنتاج خوفا من اضطرابات الأسعار، وهي أمور تصب في النهاية في غير صالح سوق الشاي العالمي.