الاستدامة وحماية البيئة.. أولوية استراتيجية لدولة الإمارات في 2023
تولي دولة الإمارات اهتماما كبيرا بالاستدامة وحماية البيئة بصورة مدروسة عمليا وتشريعيا، وهذا ما أكده منتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع.
استدامة المشاريع نحو الاقتصاد الأخضر والحياد الكربوني
وقد أكد المشاركون في الجلسة النقاشية "الاستدامة في إدارة المشاريع" والتي عقدت في اليوم الختامي لمنتدى دبي العالمي لإدارة المشاريع في دورته الثامنة تحت رعاية الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي أن دولة الإمارات استطاعت وخلال الفترة القصيرة الماضية أن تخطوا خطوات كبيرة نحو تحقيق الاستدامة في المشاريع واستمراريتها والمحافظة عليها والنجاح في إدارتها وكذلك إطلاق مبادرات مستقبلية نحو الاقتصاد الأخضر والحيادية المطلقة من الكربون "وصفر كربون" وإنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة والالتزام تجاه حماية البيئة والاستعانة بالتكنولوجيا في استخدام أحدث الطرق التي توصلها لأهدافها في أسرع وقت.
وأضافوا أنه من المهم أيضًا أن تعي الجهات والأشخاص كيفية تحقيق الاستدامة في إدارة المشاريع واستمراريتها والمحافظة عليها وفق رؤية وخارطة طريق واضحة وأهداف واستراتيجيات محددة تُنفذ من قبل أشخاص يملكون من الخبرة والكفاءة ما يؤهلهم لإدارة المساعي والمبادرات بصورة ناجحة.
جاء ذلك خلال الجلسة النقاشية التي حضرها سعيد محمد الطاير العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي والمهندس شريف العلماء وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية ومارغا هوك مؤلفة كتاب "تحول بقيمة تريليون دولار" وقدمتها الإعلامية شيرين متولي.
وأكد سعيد محمد الطاير أن دبي لديها استراتيجية وخارطة طريق واضحة للوصول إلى 100% من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2050.
وقال "نسترشد برؤية القيادة الرشيدة للدولة في استشراف وصناعة المستقبل ولدينا في دبي رؤية واضحة تشمل استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 واستراتيجية الحياد الكربوني 2050 لإمارة دبي".
اعتماد نموذج المنتج المستقل للطاقة والمياه
وأشار إلى أن هيئة كهرباء ومياه دبي تعتمد نموذج المنتج المستقل للطاقة والمياه IWPP في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية وفي مجمع حصيان لتحلية المياه بواسطة التناضح العكسي "RO" واستقطب هذا النموذج استثمارات بقيمة 40 مليار درهم.
وأوضح الطاير أن جميع المشاريع التي تنفذها الهيئة تسهم في دعم الاستدامة بشكل كبير لافتا إلى أن القدرة الإنتاجية لمجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم ستصل إلى 5000 ميجاوات بتقنية الألواح الشمسية الكهروضوئية وتقنيات الطاقة الشمسية المركزة على مراحل حتى عام 2030 باستثمارات تصل إلى 50 مليار درهم وسيسهم المجمع عند اكتماله في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 6.5 مليون طن سنويا.
وأشار إلى أن المرحلة الرابعة من المجمع تعد أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في موقع واحد على مستوى العالم بقدرة 700 ميجاوات وتستخدم تقنيتين: منظومة عاكسات القطع المكافئ بقدرة إجمالية 600 ميجاوات "3 وحدات بقدرة 200 ميجاوات لكل منها" وتقنية الملح المنصهر "100 ميجاوات من أعلى برج شمسي في العالم بارتفاع 262.44 مترا" وتعد هذه المرحلة أكبر مشاريع تخزين الطاقة الشمسية على مستوى العالم لمدة 15 ساعة ما يسمح بتوافر الطاقة على مدار 24 ساعة.
وأضاف أن هيئة كهرباء ومياه دبي تنفذ مشروع المحطة الكهرومائية في حتا بتقنية الطاقة المائية المخزنة بقدرة إنتاجية ستصل إلى 250 ميجاواتا وسعة تخزينية 1,500 ميجاوات ساعة وعمر افتراضي يصل إلى 80 عاما وتعد الأولى من نوعها في منطقة الخليج العربي وتبلغ قيمة الاستثمارات الرأسمالية للمحطة نحو مليار و420 مليون درهم وسيتم تشغيلها في عام 2024.
وقال إن تطبيق استراتيجية دبي لإدارة الطلب على الطاقة والمياه أسهم في تقليل استهلاك الكهرباء في دبي من 13677 كيلووات ساعة للفرد سنويا في عام 2010 إلى 11,341 كيلووات ساعة للفرد سنويا في عام 2021 بنسبة 17.1% للفرد وتقليل استهلاك المياه من 39,433 جالون مياه للفرد سنويًا في عام 2010 إلى 31,317 جالون مياه للفرد سنويا في عام 2021 بنسبة 21% للفرد تقريبا.
وأشار الطاير إلى أن هيئة كهرباء ومياه دبي أسست شركة "الاتحاد لخدمات الطاقة" "اتحاد إسكو" بهدف تعزيز كفاءة الطاقة في دبي "إتحاد إسكو" ونجحت الشركة حتى الآن في إعادة تأهيل 7792 مبنى قائم في دبي وتهدف الشركة إلى إعادة تأهيل أكثر من 30 ألف مبنى قائم في إمارة دبي حتى عام 2030 لضمان كفاءة استخدام الطاقة.
وقال إنه ولدعم التنقل الأخضر انتهت الهيئة حتى الآن من تركيب نحو 350 محطة شاحن أخضر لشحن السيارات الكهربائية "تتضمن 630 نقطة شحن" في مختلف أنحاء دبي ومن المخطط الوصول بهذا الرقم إلى 1000 محطة شحن "تتضمن 1830 نقطة شحن" بحلول عام 2025 وأسهمت هذه الجهود في تخفيض الانبعاثات الكربونية بنسبة 21% بنهاية 2021 متجاوزة الهدف المحدد في استراتيجية دبي للحد من الانبعاثات الكربونية بنسبة 16%.
وأفاد أن الهيئة تعمل على تحقيق رؤية وتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتحويل دبي إلى مركز للتميز في التقنيات اللازمة للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 في إطار استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 واستراتيجية الحیاد الكربوني 2050 لإمارة دبي لتوفير 100% من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول 2050.
ونوه بإن "إمارة دبي قامت منذ عدة أعوام بإيقاف إطلاق أي مشاريع جديدة لإنتاج الطاقة من الوقود الأحفوري كما قمنا بحصر المشاريع الجديدة لتحلية المياه على تقنية التناضح العكسي باستخدام الطاقة النظيفة بالإضافة إلى رفع كفاءة استهلاك الوقود في وحدات الإنتاج الرئيسية إلى نحو 90% ضمن أفضل المستويات العالمية."
ولفت الطاير إلى أن "الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قدوة لنا نحتذي به في جميع مبادراتنا ومشاريعنا ونعمل على إعداد الكفاءات المواطنة وتعزيز مهاراتهم لتولي زمام القيادة في قطاع الطاقة المستدامة وتشمل السمات الرئيسية التي نبحث عنها في القائد: الرؤية الاستباقية والالتزام بالاستدامة والإلهام والتفكير الواضح الموجه نحو الابتكار ومهارات اتخاذ القرار والتفكير النقدي إضافة إلى الوعي والشغف بالطاقة الخضراء والاستدامة".
الاستدامة.. ضمن أولويات حكومة دولة الإمارات في 2023
من جانبه، أفاد المهندس شريف العلماء وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية أن القيادة الرشيدة لدولة الإمارات وضعت الاستدامة ضمن الأولويات الخمس لحكومة الإمارات في عام 2023 وأن دولة الإمارات تقوم بتخطيط المشاريع وتصميمها وتنفيذها وتشغيلها بهدف تقليل الأثر البيئي الضار إلى أقصى حد، مشيرا إلى أنه من أهم المشاريع المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم سيتم تشغيلها قريبا في أبوظبي ويزيد من قدرة الطاقة الشمسية إلى ما يقارب 3.2 جيجاوات ويقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 2.4 طن متري سنويا ويخطط مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية وهو أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد في العالم لتوليد 5000 ميجاوات بحلول عام 2030.
وذكر أنه من بين المشاريع الكبيرة التي تحقق الاستدامة استراتيجية دولة الإمارات للهيدروجين حيث من المتوقع أن ننتج 14 إلى 22 طن متري سنويا بحلول عام 2050 وأن الخطة تستهدف 25% من أسواق الهيدروجين الرئيسية بالإضافة محطة "براكة" للطاقة النووية في إمارة أبوظبي وهي تقود عملية إزالة الكربون بشكل سريع لقطاع الطاقة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتأمين إمدادات الطاقة في دولة الإمارات على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة وتعزيز أهداف الاستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة فيما ستساعد الدولة على تحقيق أهداف الحياد المناخي بحلول 2050.
وأضاف العلماء أنه في ظل الانعقاد المقرر للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في دولة الإمارات في عام 2023 ستتجه الأنظار إلى محطة براكة لتوضيح كيف تكمل الطاقة النووية مصادر الطاقة المتجددة كجزء من التحول إلى الطاقة النظيفة وتتطلع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية الآن إلى ما هو أبعد من محطة براكة إلى مجالات البحث والتطوير والهيدروجين النظيف والمفاعلات النووية المتقدمة مثل SMRs لدفع عملية إزالة الكربون ومعالجة تغير المناخ.
وأضاف أن مشروع "الريادة" لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه الذي أطلق في عام 2016 يمثل خطوة بارزة في دعم جهود دولة الإمارات لتحقيق الاقتصاد الخالي من الكربون تعد "الريادة" أول منشأة في المنطقة لالتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه حيث تبلغ قدرتها لالتقاط الكربون ما يعادل 800 ألف طن سنويا تعمل المنشاة على التقاط ثاني أكسيد الكربون الناتج من عمليات شركة حديد الإمارات ومن ثم تخزينه وإعادة حقنه لتحسين عملية استخلاص النفط من حقول النفط البريّة.
وقال وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية إن الإمارات هي أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها الاستراتيجي لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 وتتعهد الدولة في مساهمتها المحددة وطنيا بتحقيق حد بنسبة 31% في انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة بالأعمال المعتادة في عام 2030 والتي من المتوقع أن تكون حوالي 301.2 طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وأضاف "قمنا بتطوير اللوائح الوطنية للمباني الخضراء بما يتوافق مع أعلى المعايير العالمية وأفضل الممارسات الدولية لضمان توحيد الحد الأدنى من معايير الاستدامة بين جميع الإمارات ونراعي جميع إرشادات وأنظمة الاستدامة البرامج والاستراتيجيات الوطنية للدولة نحو توفير الطاقة والاستدامة لتكون قادرة على تحقيق هذه الأهداف والغايات".
من جانبها، أشارت مارغا هوك الكاتبة في مجال الأعمال التجارية والاستدامة إلى أنها استعانت بنحو 50 ألف دراسة عن الاستدامة تتناول العديد من المشروعات والمبادرات الناجحة ومساعي بعض الدول في تحقيق الاستدامة والمحافظة على البيئة والجهود في التقليل من النفايات عالميا وسط نمو سكاني كبير.
وقالت إن دولة الإمارات قامت خلال السنوات الماضية بجهود كبيرة في مجال الاستدامة والمحافظة على البيئة بحلول ومبادرات ومقترحات عملية واقعية تمثلت في مشروعات عملاقة تنفذ على أرض الواقع ومساعي للوصل لطاقة نظيفة و"صفر من الانبعاثات الكربونية" وهي من بين الدول الملتزمة بذلك.
ونوهت هوك بإن أبوظبي ودبي لديهما القدرة على انتاج الهيدروجين والطقة النظيفة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وأن مساعيهما الواضحة تؤكد مساعي القيادة الرشيدة في أهمية تحقيق الاستدامة وجودة الحياة لكل من يعيش على أرضها وكذلك المحافظة على البيئة من خلال رؤى واضحة في هذا الشأن.