طوارئ مناخية في سويسرا.. ذوبان الجليد "مسألة وجود"
تولي سويسرا قضية التغير المناخي أهمية كبيرة، خاصة أن هذه التغيرات قد خلفت خلال السنوات الأخيرة مخاطر كبيرة.
وتتأثر سويسرا بالتغيرات المناخية سواء على مستوى الصحة جراء الارتفاعات الكبيرة لدرجات الحرارة، وتأثير ذلك على الفئات المجتمعية المختلفة، أو على مستوى البيئة من خلال الذوبان غير المسبوق للأنهار الجليدية والتي تجعل منحدرات جبال الألب غير مستقرة.
الحياد الكربوني
وخلال شهر يونيو/حزيران الماضي تمت الموافقة على قانون جديد بهدف التوجه نحو الحياد الكربوني بحلول عام 2050، حيث يدعم القانون التوجهات السويسرية الحالية باتجاه استخدام بدائل الطاقة الأكثر مراعاة للبيئة، بما يسهم في دعم تفاعل القطاعات كافة في سويسرا مع الإجراءات والمبادرات المتخذة والمطروحة من أجل مواجهة ظاهرة التغير المناخي.
ويعد القانون الجديد ضروريا ليس فقط لضمان أمن الطاقة، ولكن أيضا للمساعدة في التعامل مع تداعيات التغير المناخي التي سلط الضوء عليها ذوبان الأنهار الجليدية في جبال الألب السويسرية التي فقدت ثلث حجم الجليد فيها خلال الفترة من 2002 و2022.
ويتضمن القانون التعهد بتقديم دعم مالي بقيمة ملياري فرنك سويسري على مدى عقد للترويج لاستبدال أنظمة التدفئة التي تعتمد على الوقود الأحفوري ببدائل صديقة للبيئة، إضافة إلى دعم قطاع الأعمال التجارية من أجل تعزيز الإبداع في مجال الحفاظ على البيئة.
ظاهرة ذوبان الأنهار الجليدية
وتواجه سويسرا العديد من تداعيات التغير المناخي، حيث إن ظاهرة ذوبان الأنهار الجليدية وانخفاض معدلات هطول الثلوج كانت قد دقت ناقوس الخطر في ظل التقارير التي أكدت أن الأنهار الجليدية السويسرية فقدت ما يفوق 6% من حجمها خلال العام الماضي.
ورغم اعتبار بعض الأوساط العلمية تقلص الغطاء الجليدي بأنه الأسوأ، وأن عام 2022 كان كارثيا على هذا الصعيد إلا أن بعض علماء الهيرولوجيا في سويسرا، اعتبروا أن نتائج هذا الذوبان ليست كلها سلبية، خاصة في وسط ظروف الجفاف التي تعاني منها القارة الأوروبية.
وكذلك ما يمكن أن تعنيه المياه الجليدية الذائبة من إمكانية تعويض انخفاض هطول الأمطار والمساعدة في ملء خزانات السدود المستخدمة لإنتاج الطاقة الكهرومائية، مع الوضع في الاعتبار أن محطات الطاقة الكهرومائية في سويسرا تسهم في تزويد البلاد بأكثر من 60% من الكهرباء المنتجة في سويسرا، بينما بقية الاحتياجات تعتمد على النفط والغاز المستورد إضافة إلى الطاقة من المحطات النووية.
40 درجة مئوية
وعلى صعيد التوقعات فإن بعض الجهات العلمية التي حذرت من التغير المناخي وتأثيراته ومنها ما ذكره المعهد الفيدرالي السويسري للأرصاد الجوية وعلم المناخ، تشير إلى أن سويسرا قد تصبح في غضون 40 عاما شبيهة ببلاد حوض البحر المتوسط، حيث قد تزيد الحرارة في المدينة عن 40 درجة مئوية، وقد تطول فترات الجفاف، بينما يفتقر الشتاء إلى الثلوج، وبما يعنيه ذلك لسويسرا على وجه الخصوص من تأثير على المجتمع والبيئة والسياحة في جبال الألب.
وفيما يتعلق بالتنوع البيولوجي أشارت التحذيرات إلى أن الاحترار الذي تشهده السنوات الأخيرة جراء التغير المناخي قد يزيد من تحديات التنوع البيولوجي في سويسرا، خاصة في ظل حالة التنوع البيولوجي الحالية، حيث إن 36% من أصناف النباتات والحيوانات والفطريات أصبحت على القائمة الحمراء، حيث يرى الباحثون أنه رغم من أن بعض الأنواع ستأتي من جنوب أوروبا إلا أنهم يرون أن عدد الأنواع التي ستختفي سيكون أكبر، حيث إن الموائل الطبيعية آخذة في التدهور، وستكون أكثر الأنواع تضررا تلك التي تعيش بالقرب من جداول المياه وصفحاتها وفي الأراضي الرطبة والجبال.
وعن تداعيات التغير المناخي في سويسرا على قطاع الزراعة يرى علماء المركز الفيدرالي للبحوث الزراعية أن قلة مياه الأمطار خلال فصل الصيف، ستشكل تحدياً للمزارعين، كما أن ارتفاع درجات الحرارة سيزيد أيضا من التبخر وبالتالي ستصبح التربة أكثر جفافا وتحتاج لمزيد من الماء، كما قد يتسبب ذلك في تزايد الآفات الضارة.
ولتفادي تزايد تداعيات التغير المناخي تعمل سويسرا خلال الفترة المقبلة على تعزيز جهودها ومبادراتها وبرامجها، بما قد يسهم في الحد من التأثيرات السلبية المتوقعة بفعل التغير المناخي.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuNjkg جزيرة ام اند امز