"السايس".. سيف على رقاب قائدي السيارات بمصر
نتيجة نقص أماكن انتظار السيارات في العاصمة المصرية ظهرت مهنة جديدة لا توجد في أي دولة أخرى وهي "السايس".
في شوارع القاهرة المزدحمة دائماً، ينتظر ملاك السيارات ما يشبه معجزة من السماء ليجدوا بقعة شاغرة لركن سيارتهم عند الذهاب إلى العمل أو التسوق أو حتى التنزه، ونتيجة نقص أماكن انتظار السيارات والأزدحام الذي اشتهرت به شوارع العاصمة المصرية بالإضافة إلى غياب الرقابة الحكومية، ظهرت في مصر مهنة جديدة لا توجد في أي دولة أخرى وهي "السايس".
ونتيجة عدم توفر أماكن محددة لانتظار السيارات، أصبح "السايس" من أهم الشخصيات في الشوارع المصرية، وقد كان في السابق بمثابة المنقذ الذي يجد لك مكاناً من تحت الأرض، لتركن سيارتك، يساعدك من خلال عبارات معروفة مسبقًا، "تعالى هنا يا باشا، أيوة ارجع شويه، قدام عجلة، اكسر يمينك كله، فى العدل بقي، بس أنت كده تمام، هتتأخر، طب 5 جنيه الباركن"، هكذا يقوم بعمله ناهياً كلامه بمصطلح خاص بالعاملين في تلك المهنة وهو "باركن" أو "الباركينج" بلغة السايس.
واستطاع "السايس" أن يخترع لنفسه أدواته مجرد فوطة صفراء وصافرة تشبه التي يستخدمها أفراد المرور، يوجه بها السيارات إلى أماكن الانتظار العشوائية، وازداد نشاط "السايس" بعد ثورة 25 يناير، لتتحول من مهنة فرد "يسترزق" إلى جماعات تسيطر على مناطق بالكامل، وأصبح الأمر عبئاً على أصحاب السيارات حيث أصبح السايس بمثابة المستولي على الشارع عنوة ولا يريد لأي أحد أن يركن سيارته فيه دون أن يدفع ومن لا يدفع قد يتعرض لعواقب وخيمة أقلها التشاجر معه والبلطجة عليه.
وإذا أردت التفاوض مع السايس على تعريفة الانتظار، سيرد عليك بجملة واحدة "أصل أحنا مأجرين من الحى"، الذى لا يعرف غالباً بوقوف السايس من عدمه، لتجد نفسك أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تعرض سيارتك للغرامة و"كلابش" المرور، أو الانصياع لأوامر "الباشا السايس" الذي سيجد لك مكاناً لن تفلح محاولاتك في البحث الوصول إليه.
الشارع المصري انقسم حول مهنة "السايس"، فمنهم من يراه من أصحاب السوابق الإجرامية أو فارض للإتاوات خارج سيطرة دولة القانون، وهناك من يراه مواطن بسيط يحاول كسب "لقمة العيش"، لكن المتفق عليه أن تلك المهنة ولدت من رحم الزحام اليومي لشوارع القاهرة وميادينها التي تبحث عن حل لنقص الأماكن المخصصة لانتظار السيارات.
ولهذا تقدمت النائبة منى منير عضو مجلس النواب المصري بطلب إحاطة إلى لجنة الإدارة المحلية في البرلمان حول "سياس السيارات" فى الشوارع، ووصفتهم بـ"بلطجية الطرق" الذين يفرضون إتاوات على أصحاب السيارات فى شوارع القاهرة والمحافظات.
وقالت منير في تصريحات لـ"العين"، إن مهنة "السايس" انتشرت في شوارع مصر مستغلة نقص الأماكن الخاصة بالانتظار وازدحام شوارع القاهرة والمحافظات، مؤكدة أن السايس يفرض الإتاوات على ركن السيارات فى أماكن الانتظار بالشوارع دون أي رقيب من الحكومة.
وأضافت منير أن الشوارع أصبحت منقسمة على "السياس"، كمناطق نفوذ يفرضون عليها إتاواتهم ويعتدون على المعارضين لتلك الإتاوات، معتبرة أن تلك الظاهرة تؤثر على السياحة والشكل العام فى الشارع المصرى وأصبحت قضية أمن قومي.
وعن تقنين أوضاع السياس، قالت عضو مجلس النواب، إنها توافق على تقنين أوضاعهم باعتبارهم فئة موجودة في المجتمع بشرط استخراجهم لسجل أمني وارتداء زي رسمي محدد والحصول على تراخيص من الأحياء بمزاولة المهنة، وتسليمهم دفاتر مختومة يحدد بها تعريفة الانتظار وعدد الساعات، على أن تدخل تلك الحصيلة إلى خزينة الدولة ويتم وضع مرتبات خاصة بالسايس من داخل تلك الحصيلة.
أما اللواء محمد الشيخ، سكرتير عام محافظة القاهرة، قال لـ"العين"، إن المحافظة تبحث تقنين أوضاع “السياس" ليعملوا تحت مظلة القانون بعد انتشار تلك المهنة في جميع شوارع العاصمة والمحافظات.
وأضاف سكرتير عام محافظة القاهرة أن المحافظة ستضع ضوابط للتعامل مع "السياس" تحت مظلة القانون ووضع تعريفة محددة مسبقة لركن سيارات المواطنين، مشدداً على أن الدولة ستتعامل بكل حزم مع السايس الذي يحاول فرض سيطرته أو سطوته على المواطنين.
وأوضح الشيخ أن السايس سيعمل تحت مظلة المحافظة من خلال خطة عمل سيتم تطبيقها خلال من 3 إلى 6 أشهر، ويشترك فيها الإدارة العامة للمرور ومديريات الأمن في المحافظات المختلفة، وسيتم تعميمها على مستوى الجمهورية، مؤكداً أن الأجهزة المعنية بوضع تلك الضوابط ستكشف عن سلوك السايس الحالي وسيتم استبعاد البلطجية منهم.