سيلفستر ستالون يعتزل رامبو.. هل سيقتنع الجمهور بعدم التصفيق للقتل؟
رامبو يواجه في الفيلم الجديد عصابة مكسيكية اختطفت ابنة صديقه ويضطر إلى استخدام مهاراته القتالية للإطاحة بهذه العصابة.
كعاشق يلوذ بذكرياته بعد وداع أخير لمن يحب، استعاد النجم الأمريكي سيلفستر ستالون تاريخ علاقته مع شخصية "رامبو" التي تعود إلى ما قبل 38 عاماً، في معرض إعلانه عبر فيديو نشره على حسابه بموقع "انستقرام" انتهاء تصوير فيلمه "رامبو5: الدم الأخير" للمخرج أدريان جرونبيرج في الرابع من ديسمبر الجاري.
يتذكر الرجل كيف أنه في عام 1980 كان صاحب الترتيب الحادي عشر في قائمة المرشحين لأداء شخصية "جون رامبو" في فيلم بعنوان "الدم الأول"، إلا أن رفض الجميع تجسيدها، منحه فرصة أداء الشخصية، التي لم تكرسه بعد "روكي" نجماً في هوليوود وحسب وإنما حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً عند عرض الفيلم في عام 1982، حتى أصبح فيه اسم "رامبو" هو العنوان الرئيسي للنسخ التالية من الفيلم، فظهرت النسخة الثانية بعنوان "رامبو: الدم الأول2" 1985، واستأثر الاسم وحده بعنوان النسختين التاليتين، في "رامبو 3" 1988، و"رامبو4" 2008، وبطبيعة الحال صارت تلك الأفلام المتلاحقة مشروع ستالون الشخصي، ممثلاً وكاتب سيناريو بل مخرجاً للنسخة الرابعة فيها أيضاً.
وبعد الانتهاء من عرض "رامبو 4" بفترة وجيزة ولدت النية لإنتاج نسخة خامسة عن شخصية المحارب الأمريكي، ولكن المشروع عاش على مدار نحو 10 سنوات حالة من المخاض العسير، حتى بدا كما لو أنه ولد ميتاً، وسرعان ما بدأ الفيلم يمضي في مخيلة سيلفستر ستالون نحو اتجاه آخر، فلم يعد ينظر إليه بوصفه جزءاً من سلسلة تلقى اهتمام الجمهور وتحصد إيرادات التذاكر، وإنما أراده فيلم اعتزاله لشخصية "رامبو"، ومن ثم كان لا بد من الإعداد له بما يليق بالظهور الأخير لهذه الشخصية الأيقونية في تاريخ السينما.
ووفقا للمعلومات المتوفرة عن الفيلم حتى الآن، فسنكون أمام فصل مختلف من حياة جون رامبو، إذ بعدما وجد هذا الأخير "ما يفترض أنه سلام، حب، وانتماء، عائلة"، حسب تعبير سيلفستر، من خلال العيش والعمل في مزرعته العائلية بأريزونا، فإنه سرعان ما يضطر لمغادرتها نحو المكسيك للبحث عن ابنة صديقه التي اختطفت هناك، وفي سبيل إنقاذها سيجد نفسه في مواجهة عصابة مكسيكية تعمل بالاتجار بالبشر، حيث سيتحتم عليه آنذاك العودة إلى استخدام مهاراته القتالية للإطاحة بهذه العصابة.
ولعل الجزء الأهم في الصورة المختلفة للشخصية التي تعدنا به الحكاية، سيكون عبر استكمال ستالون ما كان بدأه في "رامبو4"، من تحطيم للصورة التي أظهرت "جون رامبو" كما لو أنه جيش كامل تكوم في شخص واحد مدجج بالسلاح، شخص يمجد الحرب والقتل وسفك الدم.
لقد بدت شخصية رامبو في فيلم 2008 أسيرة تخبطها تجاه قيامها بفعل قتل لا تريده، حتى باتت إمكانياته القتالية ثقلاً عليه، ولعل سيلفستر ستالون في نسخة الفيلم الجديدة سيمعن في إظهار هذا الجانب العاطفي في تمرد الشخصية على ما كانت عليه من أفعال دموية، حتى لو كانت تلك الأفعال نتيجة حالة حرب فرضت عليه.
ذلك الحكم على منطق الشخصية الجديد يفترضه عودة رامبو للركون في مزرعة العائلة بالولايات المتحدة الأمريكية للعيش فيها في كنف أسرته، ولعل في الزي الذي ظهرت به الشخصية في صور كان نشرها ستالون على حسابه في انستقرام وكلامه عنها لاحقاً، ما يوحي بأن هذا المحارب ودع ساحات معاركه نهائياً من غير رجعة، وأن العودة إليها ستكون فقط بسبب "الشيء الذي قد تموت من أجله عندما يتم أخذه منك، فتضطر لاستعادته، الذهاب في رحلة مظلمة حقيقية" حسب تعبير ستالون.
على هذا النحو، لا يبدو أن سيلفستر ستالون يريد أن يفارق شخصية "رامبو" قبل أن يقوم بتطهير ماضيها في ذهن المشاهد، باعتزال الشخصية ذاتها لفعل القتل المباح، والتكفير عما سبق واقترفته من غير قصد، حين مجدت الحرب وسفك الدماء.
وعلى الرغم من أننا لا ندري بالضبط كيف ستنتهي الشخصية في نهاية أحداث الفيلم الجديد، لكن عنوانه "الدم الأخير" يوحي بأنه سيكون الفصل الأخير في معاركها التي بدأت في النسخة الأولى من الفيلم تحت عنوان "الدم الأول".
لا نتحدث هنا عن نهاية لأحداث نسخة سابقة في جزء أخير، وإنما نتكلم عن شكل نهائي للصورة الذهنية الراسخة في مخيلتنا عن "رامبو"، شكل يريده ستالون في فيلم اعتزاله لشخصية رامبو، على نحو مغاير لصورة ذلك الرجل الشغوف بالقتل، ولعله يريد لكل هذه المشاهدالقائمة على العنف والتي تلعب على الغرائز أن تنتهي، وأن يحتكم الناس إلى عقولها فتكف عن التفاعل مع الجندي الأيقونة والتصفيق له ولبطولاته دون اكتراث بحجم الدم والقتل العشوائي الذي يحدثه.
هل سينجح سيلفستر ستالون في ذلك؟ وهل سيتوقف الجمهور بالفعل عن التصفيق لفعل القتل فقط لأن فاعله هو البطل؟! هذا سؤال تتطلب إجابته منا انتظار عرض الفيلم المتوقع في خريف عام 2019، وإن كنا لا نعتقد أن يكف الجمهور عن التصفيق للعنف، ففي كل يوم تطالعنا سينما بمزيد من العنف المغلف بالسكر.