مخيم "الهول" بسوريا.. ملاذ جيل جديد من الدواعش
مخيم مترامي الأطراف يعيش به النازحون من الأراضي التي كانت سابقا تحت سيطرة تنظيم داعش في شمال شرقي سوريا
في السوق الموجود بمخيم الهول الواقع بريف محافظة الحسكة السورية، يمكنك رؤية مجموعة من النساء اللاتي لا يمكنك التعرف عليهن بسبب ردائهن الأسود الذي يغطيهن من الرأس حتى أخمص القدم ويسحبن خلفهن أطفالهن.
حاول فريق من شبكة "سي إن إن" الأمريكية التواصل مع مجموعة من النساء العراقيات (يضم المخيم نساء من جنسيات مختلفة أغلبهن سوريات وعراقيات) الموجودات هناك، لكن طلبهم كان موضع جدل؛ فبينما حذرت إحداهن البقية، قائلة: "أخواتي، لا تقلن أي شيء"، ردت أخرى: "لا، أختي، لدينا الحق في التحدث".
أثناء حديث الشبكة الأمريكية مع النساء كن يقاطعن بعضهن البعض بحديث تتصدره قائمة الشكاوى الطويلة من سوء الأوضاع وترديها داخل المخيم قبل أن يكشفن عن واقع أطفالهن المثير للشفقة، فبحسب إحداهن دفع عدم توافر الأموال والطعام الصغار للسرقة في محاولة أخيرة لمواجهة الأوضاع البائسة بالمخيم.
سكان نازحون
المخيم مترامي الأطراف الذي يعيش به النازحون من الأراضي التي كانت سابقًا تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في شمال شرقي سوريا، ظهر من العدم ليصبح الآن في حجم مدينة صغيرة تعصف فيها الرياح والرمال بالخيام في حرارة الصيف السوري الحارقة.
كما زادت أعداد السكان من 9 آلاف إلى 70 ألفا بينهم 50 ألفا من الأطفال والنساء الناجيات من المعركة الأخيرة لتنظيم داعش بمدينة الباغوز السورية في مارس/آذار، ويمثل الأجانب نحو 15% من الموجودين في المخيم.
وأدت أسابيع المعركة إلى تدفق كبير للنازحين، معظمهم من عائلات مقاتلي التنظيم الإرهابي الذي هزم في آخر معاقله بالباغوز.
وفي حين حاولت بعض الأمهات بيأس العثور على طريقة للخروج، تحاول كثيرات إعادة إحياء "مدينتهن الفاضلة المتشددة".
قوانين صارمة
تحت ستار من السرية، واصلت نساء المتطرفات إنفاذ القوانين الصارمة لخلافتهن المزعومة السابقة، والحرص على مراقبة ولاء باقي النساء لداعش؛ إذ يعاقبن من يشتبهن في تساهلهن في دعم هذا التنظيم الإرهابي. ليس هذا فقط، بل حتى يراقبن عن كثب الالتزام بقواعد اللباس المتشددة، وهناك عقوبات شديدة تلحق بكل من لا يواكبن ذلك.
"المخيم هو أنسب مكان لظهور تنظيم داعش الجديد، هناك إعادة تنظيم لعقائد داعش، لا يمكنك التفرقة بين من هو داعشي ومن ليس كذلك"، هكذا قال محمود كارو المسؤول عن المخيمات بمقاطعة الجزيرة الواقعة في شمال شرقي سوريا.
وأوضح كارو أن تعقب التحركات داخل المخيم أمر صعب؛ لأن النساء اللاتي يغطين وجوههن بنقاب من شبه المستحيل التعرف عليهن، ويغيرن خيامهن باستمرار لتجنب إلقاء القبض عليهن.
وحذر تقرير صادر عن البنتاجون الشهر الماضي من أن الولايات المتحدة وحلفاءها المحليين غير قادرين على مراقبة التحركات داخل مخيم الهول عن كثب، بالتزامن مع تنامي التطرف داخله مع مؤشرات عودة داعش في أماكن أخرى بالمنطقة.
أولوية أولى
تقول النساء في السوق الموجود بالمخيم إن أولويتهن الأساسية هي تأمين إطلاق سراح أزواجهن المسجونين وأبنائهن المراهقين الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية.
وقالت إحدى تلك النساء لشبكة "سي إن إن": "أقول لأطفالي إن والدهم مع الكفار، إن أطلق سراح السجناء، حينها ربما ستتعاطف قلوبنا وقلوب أطفالنا معكم، لكن إن لم يتم إطلاق سراحهم ستنمو الكراهية مع النساء والأطفال".
سيدة أخرى أصبحت على حافة الجنون مع عدم إطلاق سراح ابنها المراهق وعدم معرفتها ما حدث معه، وقالت: "إن لم يتم إطلاق سراح الرجال، ستصبح النساء أكبر خلية".
وفي النهاية يمكن القول، إن مخيم الهول هو مكان بائس تريد الدول طمسه؛ إذ يمثل إرث حرب الأمس، وهذا ما يجعله خطرًا على نحو فريد؛ لأنه حال السماح له بالاستشراء ستكون به بذور الحرب المقبلة لجيل جديد من المتطرفين.
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز