زلزال سوريا.. مناشدة أممية وانفراجة حكومية إنسانية تتخطى الخلافات
في أوقات الكوارث والأزمات تكون المراهنة الأساسية على الإنسانية في التغلب على الخلافات من أجل حياة البشر.
وفي سوريا التي ضربها زلزال عنيف أسفر عن آلاف الضحايا، وشرد آلافا غيرهم، قد يمثل الصراع الدائر منذ 12 عاما على أراضيها عائقا أمام وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق التي لا تزال تعاني من النزاع، كان لا بد للجميع أن يتغاضوا عن خلافاتهم.
- زلزال سوريا.. 6 أشهر بلا عقوبات أمريكية هل تمحو آثار الكارثة؟
- الإمارات تغيث متضرري الزلزال في سوريا وتركيا بـ27 طائرة مساعدات
الحكومة السورية تستجيب
وهنا تظهر المفارقة بين المصلحة والإنسانية، وفي هذا السياق أعلنت الحكومة السورية موافقتها على إيصال مساعدات للمناطق المتضررة، التي تعاني من النزاع.
وأعلن مجلس الوزراء السوري، في بيان، إثر جلسة استثنائية أن "إشراف الصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري على توزيع هذه المساعدات بمساعدة منظمات الأمم المتحدة سيكفل وصولها إلى مستحقيها".
وأقر مجلس الوزراء السوري "إحداث صندوق وطني لإعادة تأهيل المناطق المنكوبة، وتقديم كل الدعم الممكن للمتضررين، وتسهيل دخول التبرعات والمبادرات الإغاثية بكل الوسائل وتفويض الوزراء المعنيين بموضوع التعاطي مع هذه المساعدات عن طريق اللجنة العليا للإغاثة".
كما كلف المجلس وزارات الإدارة المحلية، والصحة، والأشغال العامة والإسكان، والنقل، والنفط، بإعداد قاعدة بيانات خاصة بكل الاحتياجات المطلوبة من الأدوية والمواد الإغاثية والآليات والمشتقات النفطية لاستمرار عمليات الإنقاذ.
وكلفهم كذلك بحصر المطلوب لاستمرار إزالة الأنقاض والركام وتقديم الاحتياجات للمتضررين، إضافة إلى "إعداد قاعدة بيانات وحصر الأضرار تمهيداً لوضع برامج تنفيذية للتعامل معها".
مناشدة أممية وطلب أمريكي
وكانت الأمم المتحدة طالبت بـ"وقف فوري لإطلاق النار" في سوريا، لتسهيل إيصال المساعدات لضحايا الزلزال.
المناشدة جاءت على لسان فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي دعا إلى "احترام تام للحقوق الإنسانية وموجبات القانون الإنساني بهدف إيصال المساعدة إلى الجميع".
ومن جانبها، دعت الولايات المتحدة الرئيس السوري بشار الأسد إلى السماح فورا بدخول المساعدات عبر جميع المعابر الحدودية.
فيما طالبت الحكومة السورية، الأمم المتحدة بإمدادها بمساعدات، بالتنسيق مع دمشق.
اجتماع لمجلس الأمن
وفي إطار المساعي الدولية لتسهيل المساعدات، أعلن سفيرا سويسرا والبرازيل، الجمعة، أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع لبحث الوضع الإنساني في سوريا بعد تقييم الاحتياجات.
ومن المقرر أن يزور نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث المناطق المتضررة من الزلزال نهاية هذا الأسبوع.
ودعت سويسرا والبرازيل، العضوان غير الدائمين المسؤولان عن الملف الإنساني السوري، إلى عقد اجتماع للمجلس "في أقرب وقت من بداية الأسبوع المقبل" للاستماع إلى تقييم منسق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.
وقبل الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، كان يتم نقل جميع المساعدات الإنسانية الضرورية عبر معبر باب الهوى.
وتم ذلك بموجب آلية حدودية تم إنشاؤها عام 2014 بقرار من مجلس الأمن الدولي، وترفضها دمشق وموسكو التي ضغطت بنجاح في السنوات الأخيرة لتقليل عدد الممرات من 4 إلى واحد.
وبسبب تضرر الطرق التي دمرها الزلزال، استؤنف تسليم مساعدات الأمم المتحدة، الخميس، عبر باب الهوى، لكن الأمين العام أنطونيو غوتيريش أعرب عن أمله في أن يتوصل المجلس الى "توافق" على فتح نقاط عبور إضافية في ظل اتساع نطاق الكارثة.
وأوضحت باسكال بيريسويل أن سويسرا والبرازيل "على استعداد لتسهيل اتفاق لاتخاذ إجراءات من جانب المجلس إذا لزم الأمر".
فيما دعت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها، الأمم المتحدة، إلى الاستغناء عن إذن المجلس، معتبرة أنه ليس ضروريًا.
النزاع يعرقل المساعدات
وكانت قافلة مساعدات قادمة من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا إلى المناطق التي ضربها الزلزال في الشمال الغربي، فشلت في الوصول، الخميس، في أحدث مثال على تعقيد جهود الإغاثة بسبب عداوات النزاع.
وكانت القافلة تحاول الانتقال من منطقة تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد إلى منطقة خاضعة لسيطرة فصائل مدعومة من تركيا.
وتبادل الجانبان الاتهامات بعد فشل عبور القافلة، وأكد كل منهما أن الطرف الآخر هو من يحاول تسييس المساعدات.
وتسبب الزلزال في تعطيل تدفق مساعدات الأمم المتحدة من تركيا إلى الشمال الغربي لسوريا، حيث يعتمد نحو 4 ملايين شخص بالفعل على المساعدات، لكنها استؤنفت، الخميس.
يأتي هذا فيما قال مسؤول تركي إن "أنقرة تناقش إعادة فتح معبر حدودي إلى الأراضي السورية، ما سيتيح إرسال المساعدات مباشرة إلى تلك المناطق".
وقال المسؤول إن تركيا تدرس أيضا فتح معبر آخر يؤدي إلى منطقة إدلب التي لا تزال ضمن مناطق النزاع.