اغتيالات وتفجيرات وخطف.. ثالوث فوضى يضرب إدلب ويذعر سكانها
مشهد يعكس الواقع في إدلب السورية التي تتجه الأنظار إليها في ظل استعدادات عسكرية للنظام لشن هجوم ضد أحد آخر معاقل فصائل المعارضة
اغتيالات، تفجيرات، عمليات خطف، فوضى أمنية.. مفردات تعكس واقع الحال اليوم في مدينة إدلب السورية، التي تتجه الأنظار إليها في ظل استعدادات عسكرية تقوم بها قوات النظام لشن هجوم ضد أحد آخر معاقل الفصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
واقعُ أثار غضب السكان المدنيين الذين يوجهون أصابع الاتهام إلى الفصائل المقاتلة المهيمنة على الأرض. وهو ما يؤكد حديث ناشطين ومحللين أرجعوا هذه الفوضى بشكل أساسي إلى اقتتال داخلي بين الفصائل. في وقت لم يستبعدوا فيه وجود "خلايا خارجية" تستفيد من زعزعة الأمن وأخرى لتنظيم "داعش".
المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون في إدلب، تحدثوا عن إطلاق مجهولين الرصاص على مقاتلين من فصائل مقاتلة، وتفجير سيارات مفخخة وعبوات ناسفة، أسفرت بعضها عن مقتل مدنيين.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، بينما تتواجد فصائل أخرى ينضوي معظمها في إطار "الجبهة الوطنية للتحرير" وبينها حركة أحرار الشام، في بقية المناطق، فيما تنتشر قوات النظام في الريف الجنوبي الشرقي.
ذعر يلازم السكان
ويقول ناشط إعلامي في ريف إدلب الجنوبي، طلب عدم الكشف عن اسمه خشية الملاحقة، لوكالة الأنباء الفرنسية: "كلما أردت أن أخرج بسيارتي أتفقدها جيداً.. للتأكد من عدم وجود أية عبوة مزروعة فيها".
حالة ذعر دفعت بهذا الناشط الإعلامي أن يقود سيارته مسرعا كلما مرّ بالقرب من أي مستودع للقمامة، "خشية انفجار عبوة بداخله"، و"حتى أثناء الصلاة، يختار الوقوف في الصفوف الأمامية أبعد ما يمكن عن المدخل تحسبا لوقوع انفجار سيارة أو دراجة نارية في الخارج".
ووثق المرصد السوري منذ أواخر أبريل/نيسان مقتل 270 شخصاً، بينهم 55 مدنياً، في عمليات اغتيال متنوعة، معظمها لا يتم تبنيها.
واستهدفت تلك العمليات، قياديين ومقاتلين في هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في إدلب وريفي حماة الشمالي (وسط) وحلب الغربي (شمال) المحاذيين لها.
ناشط آخر من بلدة معرة النعمان، تحدث مع وكالة الأنباء الفرنسية، قائلا:"إذا رأيت كرتونة أو كيس بلاستيك على الطريق، أحيد عنهما وأحياناً أتصل وأبلغ الجهات المعنية خشية من وجود عبوات".
هيئة تحرير الشام..مكروهة في إدلب
حالة الفوضى الأمنية الجارية في إدلب، وثقها تقرير صادر عن مركز عمران للدراسات الاستراتيجية ومقره اسطنبول، إذ أفاد بتزايد عمليات الاغتيال عام 2018 بالمدينة.
التقرير أرجع هذه الفوضى لأسباب عدة، بينها "تعدد الفصائل وتنافسها"، فضلاً عن أن المحافظة "تضمّ بؤراً لخلايا أمنية سواء لداعش أو للنظام".
وشهدت محافظة إدلب على مرحلتين في العام 2017 ثم بداية 2018 اقتتالاً داخلياً بين هيئة تحرير الشام من جهة وحركة أحرار الشام وفصائل متحالفة معها من جهة ثانية.
و"بغض النظر عن منفذ تلك العمليات في إدلب، فإنها تولد خللاً أمنياً ينعكس على الفصائل وحاضنتها الشعبية". وفق ما رآه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية في تقريره الذي أشار
"مناطق كثيرة في إدلب تكره هيئة تحرير الشام ومستعدة للانقلاب عليها في أي وقت".
فلتان لم يستثن الأطباء
وطال "الفلتان الأمني" قطاع الأطباء. ففي يونيو/حزيران ، أعلن أطباء وصيادلة في مدينة إدلب إضرابا عن العمل لثلاثة أيام احتجاجاً على "حالة الفوضى وانعدام الأمن".
وعددوا أسماء أطباء وعاملين في القطاع تعرضوا لحوادث أمنية، لافتين إلى "الكثير من حوادث الخطف".
وفي أغسطس/آب الحالي، تعرض مدير الصحة في مديرية الساحل العاملة في مناطق المعارضة بين جنوب غرب إدلب وشمال اللاذقية خليل أغا، للخطف على أيدي ملثمين، وتم الإفراج عنه بعد أسبوع مقابل مئة ألف دولار، وفق ما قال المسؤول الإعلامي للمديرية محمود الشيخ، لوكالة الأنباء الفرنسية.
ويعتبر الناشط الإعلامي في ريف إدلب الجنوبي أن "هيئة تحرير الشام هي المسؤول الأساسي عن انعدام الأمن كونها هي المسيطرة على الأرض وبالتالي من مسؤوليتها ضمان الأمن".
ونفذت الهيئة وفصائل أخرى خلال الأيام الماضية مداهمات في إدلب اعتقلت خلالها عشرات الأشخاص بتهمة "التخابر مع النظام" مع اقتراب هجوم الأخير ضد إدلب، وفق المرصد السوري.