عودة هجمات داعش بسوريا.. فشل دولي أم زخم للزعيم الجديد؟
هجمات داعشية دموية مكثفة ما بين كمائن وأخرى مباغتة، بسوريا، في بصمات تثير مخاوف من عودة التنظيم الإرهابي إلى هذا البلد.
فما بين تأكيد تنظيم داعش مقتل زعيمه الرابع أبو حسين القرشي، مطلع الشهر الجاري، وحتى أمس الجمعة، نفذ التنظيم ثلاث هجمات في مناطق متفرقة بسوريا، أوقعت قتلى وجرحى.
- الثالث في 10 أيام.. مقتل 23 من القوات السورية في هجوم لـ"داعش"
- داعش يعترف بمقتل زعيمه الرابع.. وأبو حفص القرشي خلفا له
هجمات أرجعها البعض إلى تراخي المجتمع الدولي إزاء مواصلة مكافحة داعش، فيما اعتبر آخرون أن هذه الهجمات تأتي أيضا في إطار رغبة التنظيم في إعطاء الزخم مع الإعلان عن زعيمه الجديد أبوحفص الهاشمي القرشي.
وفي هذا الإطار تتبعت "العين الإخبارية" عمليات تنظيم داعش الإرهابي، عبر خبراء، لمعرفة أسباب العودة المكثفة للتنظيم، وسر التوقيت.
تخاذل دولي
وأرجع الباحث في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب الدولي، منير أديب، أسباب عودة داعش إلى "تراخى المجتمع الدولي عن مواجهة التنظيم الأكثر تطرفا على مستوى العالم".
ولفت في حديث لــ"العين الإخبارية" إلى أن "الحديث عن غياب داعش ليس دقيقا فهو كان ولا يزال وسيبقى في ظل غياب دولي عن المواجهة وتراخي المجتمع الدولي".
وبيّن أن "داعش نفذ المئات من العمليات النوعية منذ إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب سقوط التنظيم في 2014، فيما شهد الشهر الجاري نشاطا مكثفا لداعش بثلاث عمليات نوعية ربما هي الأعنف في الفترة الأخيرة".
وأشار إلى أن "التحالف الدولي تراجع بصورة كبيرة عن مواجهة هذا التنظيم الذي أعلن عن نفسه في 2014 وتم إسقاطه بعد 5 سنوات".
وأوضح أن "عودة داعش لعملياته النوعية يدل على فشل التحالف في مكافحته"، لافتا إلى أن "داعش كتنظيم غاب عن المشهد، ولكنه لا يزال موجودا بعملياته وبصورة كبيرة خاصة في البادية السورية".
وأكد أن "التنظيم استطاع العام الماضي الإغارة على سجني الصناعة وغويران، الأكبر بشمال شرق سوريا، وكان يضمان الآلاف من عناصره، واستطاع تحرير العديد منهم وهم من يساعدون في تلك العمليات".
وشدد على أن "التنظيم استطاع العودة إلى قوته مرة أخرى بسبب التكاسل والتراجع الدولي عن مواجهته".
إعادة بناء واستغلال الأزمات
واتفق مع أديب، الباحث في الحركات الإسلامية عمرو عبدالمنعم، الذي أكد أن "الكثير من أعضاء التنظيم الذين هربوا العام الماضي بدأوا في التكون والتبلور مرة أخرى وتكوين الجيلين الثاني والثالث والعمل على الأرض بقوة لإعادة التنظيم".
عمرو عبدالمنعم يكمل، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "التنظيم بدأ في التوسع بقوة بعيدا عن سوريا وانتشر في عدد من الدول الأفريقية واستطاع مبايعة أحد الزعماء غير المعروفين إلا بالكنية بعد سقوط زعيمه الأخير".
ولفت عبدالمنعم إلى أن التنظيم ينكمش أحيانا ولكنه يتمدد في خراسان بأفغانستان والساحل والصحراء بأفريقيا.
وبين أن العمليات الأخيرة استهدفت الجيش السوري الذي يمتلك أسلحة ثقيلة لإثبات أنه قادر على مواجهة الجيش وليس مليشيات أخرى أو قوات عادية لإيصال رسالة قوية، متابعا أن التنظيم يصدر الأزمات بشكل دائم للمجتمع المحلي والدولي والعالمي.
وشدد الباحث في الحركات الإسلامية على ضرورة وجود مواجهات فكرية تجفف المنابع أكثر من بؤر المواجهة العسكرية.
وأشار إلى أن "التنظيم استغل المأزق الدولي خاصة الأزمة الأوكرانية الروسية وتأثيرها على العالم ووجود أعداد كبيرة من المهاجرين للعودة مجددا".
زخم للزعيم الجديد
بدوره، اعتبر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية أحمد سلطان أن "الهجمات الأخيرة التي ارتكبها التنظيم تتكرر بين الحين والآخر في سوريا والعراق وبعض البلدان الأخرى".
سلطان تابع في حديث لــ"العين الإخبارية" أنه "يقوم بتلك الهجمات الأخيرة بعد اختيار زعيمه الجديد لإكسابه الزخم بانتصارات جديدة وإضافة نوع من الشرعية إليه".
وأشار إلى أن "خمول التنظيم في فترات ما هو إلا ستار لإخفاء ما يقوم به من بناء شبكات كبيرة لفروعه"، لافتا إلى أن "التنظيم يلجأ إلى التجنيد والاستقطاب في سوريا لإعادة بناء هيكلة التنظيمي".
وتوقع سلطان عودة التنظيم للعمليات من وقت لآخر، خاصة في منطقة البادية السورية التي لم يهزم التنظيم فيها بشكل كامل وازداد قوة ونشاطا فيها مؤخرا.
عمليات داعش
وكان التنظيم الإرهابي شن 3 عمليات خلال عشرة أيام بسوريا، آخرها السبت، في بادية الميادين في ريف دير الزور الشرقي، ما أدى إلى مقتل "23 جنديا وإصابة أكثر من 10 آخرين بجروح متفاوتة".
والثلاثاء الماضي، قُتل 10 من القوات السورية والموالين لها، في هجوم شنه "داعش" في بلدة معدان عتيق في ريف الرقة الشرقي، شمالي البلاد، عندما أضرم مسلحو "داعش" النار بآليات عسكرية، قبل أن ينسحبوا من المنطقة، بحسب المرصد أيضا.
فيما كان الهجوم الأول مطلع الشهر الجاري، حينما استهدف مسلحو "داعش" قافلة نفط في البادية السورية، ما أدى إلى مقتل 7 أشخاص.
وكان التنظيم الإرهابي الذي سيطر عام 2014 على مساحات واسعة في سوريا والعراق، ومني بهزائم متتالية في البلدين وصولاً إلى تجريده من كل مناطق سيطرته عام 2019، قد انزوى وخفت نجمه قبل أن يعاود الظهور.
ومنذ خسارة مناطق سيطرته، قتل 4 من زعمائه آخرهم أبو الحسين الحسيني القرشي، الذي قتل في اشتباكات في شمال غرب سوريا، وأعلن التنظيم في الثالث من أغسطس/آب اختيار أبوحفص الهاشمي القرشي خليفة له.
aXA6IDE4LjExOC4xNDkuNTUg جزيرة ام اند امز