حرب إسرائيلية "غامضة" بسوريا.. محاولة لوقف توغل إيران أم تصعيد للصراع؟
إسقاط أمريكا طائرة مسيرة إيرانية الصنع شمال شرق سوريا، وشن إسرائيل هجومًا صاروخيًا على دمشق، ملامح تصعيد بدأ يتبلور على الساحة السورية، خلال الأيام الماضية.
ذلك التصعيد الذي جاء جنبًا إلى جنب مع تكثيف إسرائيل في الأشهر الأخيرة ضرباتها على مطارات وقواعد جوية سورية، اعتبرته تل أبيب محاولة لتعطيل استخدام إيران المتزايد لخطوط الإمداد الجوية لتوصيل الأسلحة إلى حلفائها في سوريا ولبنان، بما في ذلك حزب الله.
فما أبرز التطورات؟
بعد يومين من تنديد إيراني وسوري جراء هجوم صاروخي وقع على مبنى -لم تكشف هويته- في دمشق يوم الأحد، فيما تشير أصابع الاتهام حوله إلى إسرائيل، كشفت وكالة "رويترز" نقلا عن مصادرها، حقيقة تلك المنشأة المستهدفة.
وقالت مصادر الوكالة، إنه أصاب منشأة كان يجتمع فيها مسؤولون إيرانيون لدفع برامج لتطوير قدرات الطائرات المسيرة أو الصواريخ الخاصة بحلفاء طهران في سوريا.
وقال مصدر مقرب من الحكومة السورية مطلع بشأن هجوم يوم الأحد، إن الهدف المقصود أن الهجوم أصاب تجمعا لخبراء فنيين سوريين وإيرانيين معنيين بتصنيع الطائرات المسيرة، إلا أنه مع ذلك قال إنه لم يسفر عن مقتل أي خبير إيراني رفيع المستوى.
وقال المصدر لـ"رويترز": "الضربة أصابت المركز الذي كانوا يجتمعون فيه وكذلك شقة في مبنى سكني. قُتل مهندس سوري ومسؤول إيراني ليس رفيع المستوى".
وبحسب الوكالة، فإن الهجوم الصاروخي يعكس إلى جانب الهجمات الأخرى التي تقول إسرائيل إنها تستهدف البنية التحتية للجيش السوري وحلفائه، تصعيدا لصراع لم يكن شديد الحدة، يهدف إلى إبطاء توغل إيران المتزايد في سوريا بحسب خبراء عسكريين إسرائيليين.
هجمات إسرائيلية
وقالت وسائل إعلام رسمية سورية في ذلك الوقت، إن إسرائيل نفذت هجمات جوية بعد منتصف ليل الأحد بقليل استهدفت عدة مناطق بالعاصمة السورية، مما أسفر عن مقتل 5 وإصابة 15 بينهم مدنيون.
وفيما رفض مسؤول عسكري إسرائيلي تأكيد أو نفي وقوف إسرائيل وراء الهجوم، قال إن بعض القتلى سقطوا جراء نيران سورية مضادة للطائرات.
ويتزايد قلق الولايات المتحدة وإسرائيل إزاء تصنيع إيران للطائرات المسيرة وإمكانية نقلها لهذه القدرات إلى وكلاء في المنطقة مثل جماعة حزب الله.
وشهد الأسبوع الماضي إسقاط القوات الأمريكية ما قالت إنها طائرة مسيرة إيرانية الصنع كانت تحلق أعلى قاعدة تستضيف أفرادا أمريكيين في شمال شرق سوريا.
الحرس الثوري
مصدر آخر تحدث إلى عناصر أمنية سورية مطلعة قال لـ"رويترز"، إن هناك إيرانيين كانوا يحضرون اجتماع الخبراء الفنيين في منشأة عسكرية إيرانية في قبو مبنى سكني داخل مجمع أمني، مشيرًا إلى أن أحد القتلى مهندس مدني بالجيش السوري كان يعمل في مركز الدراسات والبحوث العلمية السوري. وتقول دول غربية إن المركز مؤسسة عسكرية تنتج صواريخ وأسلحة كيماوية، وتنفي دمشق ذلك.
وقال مصدر أمني إقليمي، إن مهندسا في الحرس الثوري كان مشاركا في برنامج الصواريخ الإيراني أُصيب بجراح خطيرة ونُقل إلى مستشفى في طهران، فيما نجا عضوان آخران من الحرس الثوري كانا في الاجتماع دون أذى.
مصدر آخر، وهو مسؤول استخباراتي إقليمي مطلع بشأن الهجوم، قال إن الهدف كان جزءا من برنامج سري لإنتاج الصواريخ الموجهة يديره الحرس الثوري الإيراني.
وبحسب مصدر أمني إقليمي مطلع بشأن الهجوم وهدفه، قال إنه استهدف مسؤولين من إيران وحزب الله.
هل أصاب مركزا لوجستيا لحرس إيران الثوري؟
نددت الخارجية الإيرانية يوم الأحد بما وصفته بهجمات استهدفت "مباني سكنية في دمشق وأدت إلى مقتل وتشويه مواطنين سوريين أبرياء"، فيما انتقدت الوزارة ما وصفته بالصمت الغربي على الانتهاكات الإسرائيلية "لوحدة أراضي" سوريا، إلا أنها لم تشر إلى سقوط قتلى إيرانيين.
ماذا نعرف عن المبنى المستهدف؟
يقع المبنى المستهدف في حي كفر سوسة بدمشق، وهو منطقة تخضع لوجود مكثف من الشرطة، ويقول السكان إنه يضم عدة أجهزة أمنية إيرانية وكذلك مركز ثقافي إيراني.
وقال مصدران من أجهزة مخابرات غربية في أعقاب الهجوم إن الهدف كان مركزا لوجستيا يديره الحرس الثوري.
وأعاد الهجوم إلى الذاكرة، حادث مقتل عماد مغنية، القائد البارز في حزب الله، عام 2008 في تفجير بكفر سوسة، نفت إسرائيل اتهامات حزب الله لها باغتياله.
وعلى الرغم من أنه نادرا ما تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن عمليات محددة، إلا أنها تشن غارات جوية على عمليات نقل الأسلحة ونشر الأفراد الذين يشتبه بأنهم برعاية إيران في سوريا منذ ما يقرب من عشر سنوات.
كما كثفت إسرائيل في الأشهر الأخيرة ضرباتها على مطارات وقواعد جوية سورية، لتعطيل استخدام إيران المتزايد لخطوط الإمداد الجوية لتوصيل الأسلحة إلى حلفائها في سوريا ولبنان، بما في ذلك حزب الله.