لا تحرك في الملف السوري سوى كثير المؤتمرات والاجتماعات من دون تقارب الأطراف المتصارعة بعضها من بعض.
باستثناء الاتفاقيات التي تجتهد بها روسيا وتمكنها من وقف وتيرة المعارك في كثير من المناطق السورية وهذا يحسب لها، وهي الباحثة عن مزيد من النفوذ في الداخل السوري خاصة مع وجود النفوذ الإيراني .
نحو عشرة أعوام مضتْ أو تكاد على الملفِّ السوريِّ وهو على طاولة البحث الدولي والأممي والتعثر والقلق هما أبرز نتائج المفاوضات بين الحكومة والمعارضة ، سنوات الحرب أتعبت السوريين بل أنهكتهم إذ يعيشون بين مطرقةِ الحربِ ومفرزاتها العسكرية والأمنيّةِ وسندان العوز والحرمان والتشرّدِ بانتظارِ الحلٍّ المنشود.
لايمكن تجاهل المفاوضات المرعية من الأمم المتحدة ومبعوثها إلى سوريا غير بيدرسون، لأنها في الحقيقة - من حيث المبدأ - الحلّ الأمثل لأزمة معقّدة كالملفِّ السوريّ الذي تتنازعه مصالح دوليّة مختلفة المطامع، سلاحها على الأرض القوى البشرية التي تدعمها بالمال والسلاح.
في مرور سريع على سنوات الأزمة المندلعة منذ 2011، نجد أنه لا القرار الأممي 2254 الخاص بسوريا المتخذ بالإجماع الدولي عام 2015 ولا اللجنة الدستورية ولا مسارات آستانة خرجت عن كونها مجرد مفاوضات تبحث فيها الأطراف الفاعلة الدولية والمحلية عن استثمار الوقت من أجل اللعب على ورقة المماطلة والضغط المستند إلى تشابك المصالح الدولية.
في خضم هذا التململ والركود عاد إلى الواجهة اليوم الحديث عن مجلس انتقالي عسكريٍّ في وسائط إعلامية كثيرة من زاوية وإن كانت ضيقة، إلا أنه يمكن للقادة العسكريين الوطنيين في سوريا من طرفي الصراع حكومة ومعارضة الولوج إلى ساحة الحلّ والبحث عن مخرج ينهي المأساة السورية شريطة أن يقدم هؤلاء مصلحة البلاد على أي اعتبار.
في واقع الأمر إنّ "المجلس العسكري الانتقالي" يمكن أنْ يكون الحل الأمثل الذي يدفع نحو المخرج ولو متأخرا إذا لاقى التجاوب المطلوب من الأطراف السورية، بتشكيل قيادة واحدة مشتركة لا تستثني أحداً من العسكريين على الأرض باستثناء المتطرفين، مدعوم بإرادةٍ دوليّةٍ تدعم هذا المجلس بما يجمع الجميع ويصهرهم في جسمٍ عسكريٍّ موحّدٍ يسند أيّ قرارٍ سياسيٍّ من شأنه إنهاء أزمة الشعب السوري.
صحيح أنّ فكرة المجلس العسكري مازالت مجرد فكرة تعرض بين حين وآخر وتصبح مثارا للنقاش سرا أو علانية ولكنها إذا ما رأت النور، فإنّ من شأنها أنْ تنهي المآساة السورية اعتمادا على المرونة التي ترفض الإقصاء لأي طرفٍ من الأطراف الرئيسة الفاعلة على الأرض، بما يفتح الباب عريضا للحل السياسي من بوابة جمع العسكريين في جسم واحد مشترك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة