إن ميزة الحدث التاريخي الذي قامت به دولة الإمارات من خلال مسبار الأمل .
ومن وجهة نظري كصحفي عربي يقيم في أوروبا- ترتكز في بعدها القومي على إهداء هذا الإنجاز للعالم كله باسم العرب جميعا، فلم تغب عبارات الفخر بهذا الجهد العظيم، ذكرت الإمارات الأمة العربية التي تستحق الأمل بغد أفضل، بأهمية المشاريع العلمية والاستراتيجية التي تخدم الأجيال، فالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر عن وصول مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ بأنه إيذان ببدء عهد حضاري جديد وملهم، يحاول الإماراتيون من خلاله بناء نموذج تنموي يقول للشباب العربي: نحن أهل حضارة وسنعيد استئناف حضارتنا بإذن الله، بهم وبسواعدهم.
وأما الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، فقد رأى في لحظة وصول المسبار إلى المريخ موعداً مع التاريخ، الذي سيكتب بدوره إرادة التقدم الإماراتية المنتصرة على كل التحديات، عبر الرهان على شباب مسلح بالمعرفة، يحقق أهم إنجاز علمي عربي في العصر الحديث.
ولنستطيع كعرب تحقيق كل طموحاتنا المفيدة مهما بدت صعبة أو حتى مستحيلة، يتوجب على كل عاقل رؤية هذا المشهد الفريد من نوعه، ضمن إطار حلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، قبل سنوات، وهو يعلي من شأن العلم، ويحث الإماراتيين والعرب على سبر أغوار العلوم الحديثة القائمة على تغيير وجه البشرية نحو الأفضل.
وقد حرصت الإمارات على إيلاء هذا الجانب البحثي أهمية خاصة وغير مسبوقة، ولهذا توقف أول رائد فضاء عربي وخليجي وهو الأمير سلطان بن سلمان في السعودية عند حيثية مهمة للغاية، ألا وهي الطموح الإماراتي، والذي لم يكن وليد الساعات الأخيرة، بل كان منذ عام 1986 حين جلس الشيخ زايد المؤسس، رحمه الله، مع رواد الفضاء، وكان يتحدث بشغف واهتمام عن ضرورة دخول العرب هذا المجال وبقوة.
لتبقى الإشارات أقوى من آلاف العبارات، عندما نستعرض وبعجالة مثابرة الإمارات على جوانب مضيئة من العلم، تكفل في مجملها سعي الدولة القوية نحو تحقيق الإنجاز بلغة الإعجاز، والاعتماد بعد الله على العنصر الوطني، الذي يريد الولوج إلى كنه المستقبل من خلال أسس الحاضر المليء بالعمل.
وكي لا يفوتني كمتابع للشأن الخليجي العربي أمر يجدر بي التوقف عنده، فإنني أضعكم بصورة أهم ما جاء في المقال الصحفي المميز لسفيرة الإمارات بالدنمارك فاطمة المزروعي، حين كتبت قبل أيام وفي أعرق صحيفة أوروبية إسكندنافية كلمات تحمل في معانيها الكثير من خصال الخلق الإماراتي الراقي والمعبر عن ماهية التوجهات السياسية لهذه الدولة المجتهدة.
فالسفيرة التي تحظى باحترام كبير في أوساط الدبلوماسية الغربية كانت قد خصّت بالذكر، في مقالها المشار إليه، أولوية مجالات التعاون العلمي بين دول متوسطة الحجم من ناحية الجغرافيا، ولكن هذه الدول في الوقت نفسه شديدة التأثير في عالمنا المعاصر، من خلال تشابهها في معايير الجودة الرامية لخدمة المواطنين، وأما الاختلاف في التاريخ والثقافة والتقاليد فإنه أمر بسيط ولا يفسد لتقدم الشعوب قضية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة