أتت جائحة انتشار فيروس "كوفيد - 19" لتضع كل دول العالم وحكوماتها أمام مسؤولياتها التاريخية السياسية والأخلاقية أمام شعوبها.
ليظهر التباين الواضح في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ومدى اهتمام القادة بشؤون مواطنيهم، ولتصبح دولة الإمارات رائدةً بين الدول ونموذجاً يحتذى في أخلاق الحكم وأخلاقية الحكومة.
وهنا لا أشير إلى الإجراءات الوقائية العاجلة لسلامة المجتمع، التي أبرزت كفاءة الجهات الحكومية والأجهزة الطبية وخط الدفاع الأول، وصولاً إلى البنية التحتية الإلكترونية فائقة الجودة، بل أشير إلى ما هو أبعد من مجرد النظر إلى التحدي الذي مثله الوباء، بالنظر إلى الفرص التي خلقها أمام أصحاب الطموح من القادة والشعوب.
ففي مقاربة بسيطة يتضح لنا أن الإمارات هي الدولة الأولى عالمياً في نسبة توزيع اللقاحات على السكان، حيث بلغ عدد الجرعات المقدمة من اللقاح خلال أقل من شهر أكثر من 4 ملايين جرعة، وهذا أمر يدل على التزام مجتمعي بتوجيهات القيادة الرشيدة التي سعت لتحصين كل أفراد المجتمع الإماراتي من مواطنين ومقيمين ضد الوباء، كما استطاعت الإمارات أن تسهم عالمياً بمجهود الرعاية الصحية من إغاثة وعون بالمعدات الطبية اللازمة لمواجهة الفيروس في خضم الأزمة المستشرية طوال عام 2020، وها هي اليوم تسخر كل إمكاناتها للمشاركة في العملية اللوجستية الأكبر من نوعها على مستوى العالم لنقل اللقاحات، وبإمكانات شركات طيرانها وأسطولها الجوي والبحري.
وتستمد هذه الحقيقة قيمتها الإنسانية بالغة الأهمية في المقارنة مع ما أشار إليه مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس مؤخراً، عن قلقه من أن أكثر من 3 أرباع اللقاحات حتى اليوم تم استخدامها في 10 دول فقط، وأنّ "ما يقرب من 130 دولة فيها 2,5 مليار شخص لم تقدّم بعد جرعة واحدة".
وإننا كإماراتيين فخورون بإنجاز الدولة في معركة اللقاح وتوزيعه وصولاً إلى تحقيق المناعة المجتمعية التامة ضد الفيروس عبر إعطاء اللقاح لأكثر من 75% من سكانها، ومن المتوقع أن تصل إلى هذه الغاية النبيلة خلال شهرين فقط، متقدمةً في ذلك الإنجاز على دول عالمية عظمى كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، وذلك تأكيداً لريادة الدولة في التنمية التي هدفها الإنسان أولاً، وهي الدولة التي سبقت إلى مدار المريخ، ودخلت التاريخ من أوسع أبوابه.
وما إنجاز الإمارات العظيم في إيصال العرب إلى المريخ إلا الدافع الإضافي لكل فرد من أفراد مجتمعنا؛ المواطن والمقيم، للإسراع بالحصول على اللقاح، والاقتداء بقادتنا الكرام الذين كانوا سباقين إلى التطعيم، وحريصين على سلامتنا وأمننا الصحي والمجتمعي والغذائي، وصدق سيدي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "لا تشلون هم، كل هذا سيمر".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة