بالصور.. سوريا تكتشف ثاني أكبر لوحة فسيفساء بالعالم
ثاني أكبر لوحة فسيفساء في سوريا تم اكتشافها بعد اندحار العصابات الإرهابية، وتأتي أهمية اللوحة المكتشفة لحجمها الكبير البالغ 450 مترا
أسفرت أعمال التنقيب الأثري التي قامت بها البعثة السورية في بلدة "عقيربات" التي تقع على بعد 85 كيلو مترا شرقي مدينة حماة، عن اكتشاف ثاني أكبر لوحة فسيفساء في سوريا، إذ تبلغ مساحتها 450 متراً مربعا، وكانت تشكل جزءاً من أرضية كنيسة مساحتها الكلية نحو 660 مترا مربعاً، وتعود إلى القرن الخامس للميلاد.
وقد نفذت اللوحة بتقنية عالية المستوى من مكعبات حجرية صغيرة الحجم متعددة الألوان، رسمت فيها أجمل المشاهد من ضمنها أشكال هندسية ونباتية وحيوانية متنوعة ونادرة، لها دلالات دينية مسيحية معروفة من بينها طيور الطاووس والحجل والحمام البري والخراف والغزلان والأسماك، إضافة إلى مشاهد شجرة الحياة التي تدل على الخصوبة والاستدامة.
كما تضمنت اللوحة 14 نصاً كتابياً باللغة الإغريقية، وضعت ضمن أطر هندسية تحيط بها الكثير من المشاهد الأخرى.
ويرد في هذه النصوص ذكر أسماء عدد من الأشخاص الذين مولوا هذه الأعمال النذرية، وهم متبرعون عاديون وأساقفة وموظفون كانوا يشرفون على رعاية هذا النوع من الأبنية، ورصف أرضياتها بالفسيفساء، حيث يرد ذكر المساحات التي تم التبرع بها محسوبة بالأقدام المربعة.
وكان قد ورد ذكر بعض هؤلاء في نصوص أخرى تعود إلى تلك المرحلة؛ كانت قد اكتشفت في مدينة "أفاميا " الواقعة في "سهل الغاب"، وهو ما يشير إلى أن الموقع كان يتبع لأفاميا وقتذاك، و يتراوح تاريخ النصوص بين سنتي 414- 437م، وهو الوقت الذي نفذت فيه أعمال رصف أرضية الكنيسة. ويتألف مبنى الكنيسة من ثلاثة أقسام تفصل بينها الأعمدة: قسم رئيسي في الوسط، ويتوسطه "بيما" الوعاظ المرتفع قليلاً، وجناح من كل جانب، وقد بنيت جدرانها من الحجارة الكلسية القاسية، ومازالت أجزاء منها موجودة حتى الآن، وخضعت لأكثر من عملية ترميم كما تذكر النصوص.
أهمية اللوحة التاريخية والأثرية :
وتأتي أهمية اللوحة المكتشفة لحجمها الكبير البالغ 450 مترا، إذ تعد الثانية من نوعها في القطر بعد لوحة طيبة الإمام "شمال حماه"، وغناها بالرسوم المنفذة بغاية الإتقان، وبعدد النصوص المكتشفة فيها، وبتقنية التصنيع التي تدل على براعة الفنان السوري ومهارته عبر العصور.
جدير بالذكر أن لوحة "طيبة الإمام" التى تعد أكبر لوحة فسيفساء في سوريا والعالم، ويبلغ حجمها 600 متر مربع، تحتوي على صور لـ 28 بناءً كنسيا من كنائس الحضارة السورية تزين الأرضية على شكل بازيليكيات، وعلى شكل صليب إلى جانب الأسطح والقباب والأبراج، وتعد من روائع وكنوز الحضارة السورية القديمة.
ومن أكثر المشاهد التي تتضمنها اللوحة إثارة للاهتمام ذاك الذي يزين الجهة الشرقية من اللوحة، حيث يمكن رؤية جنة السلام والخلد مرموز لها بمدينتي القدس وبيت لحم، كما جاء في سفر الرؤية، وفي وسطها يظهر الحمل المنير الذي يضيء وطائر الفينيق ذو الدلالة الدينية في الحضارة السورية لتلك الفترة التاريخية، وكتابات تشير إلى أنهار الجنة الأربعة، وهي: "جيحون" و"سيحون"، و"دجلة"، و"الفرات"، كما تضمنت 6 نصوص باللغة اليونانية تواكب زخرفة اللوحة، 3 منها في الرواق الشمالي، وواحد في الرواق الجنوبي، إلى جانب ذلك هناك صورة لمدينتي القدس وبيت لحم.
والمعروف أن الموقع بلدة "عقيربات" كان قد اكتشف منذ أكثر من 3 أشهر بعد اندحار العصابات الإرهابية وانسحابها من المنطقة، ودخول الجيش العربي السوري لها، وإبلاغ السلطات الأثرية التي أوفدت مباشرة بعثة آثارية للموقع مؤلفة من خبراء من دائرة آثار حماة ومن المديرية العامة، عملت بشكل متواصل طيلة هذه الفترة للكشف عن كامل اللوحة التي تم قلعها، ونقلها إلى متحف حماة الوطني.