سوريا تستحق مستقبلاً أفضل من دبابات بوتين ومليشيات خامنئي وبراميل بشار وخناجر «داعش» وقنابل «القاعدة».
رغم التحذير الأمريكي الذي مرّره الرئيس ترامب، وأشاد به الرئيس الروسي بوتين في حينه، عن التحضير لهجوم إرهابي بعاصمة الثقافة والتاريخ الروسية، سان بطرسبورغ، منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقع هجوم إرهابي بمتجر من متاجر المدينة أسقط عشرات الجرحى، في خضم الاستعداد لاحتفالات رأس السنة.
بوتين كان أثناء ذلك يكرِّم العسكريين الروس الذين يعتقد أنهم جلبوا النصر لروسيا العظمى، وقال بوتين مستهلاً مراسم توزيع الأوسمة على العسكريين الروس إن «روسيا قدّمت مساهمة حيوية في هزيمة قوى الإجرام التي تحدت الحضارة برمتها، وفي تدمير جيش إرهابي وديكتاتورية همجية».
هل «داعش»، و«النصرة» التي يعد الوزير الثلجي لافروف بالقضاء عليها بعد «داعش»، عَرَض أم مرض؟ سوريا تستحق مستقبلاً أفضل من دبابات بوتين ومليشيات خامنئي وبراميل بشار وخناجر «داعش» وقنابل «القاعدة»
غير أنه عاد لأرض الواقع، على وقع «الجريمة» التي راح ضحيتها الأبرياء في سان بطرسبورغ، وردّ غاضبا: «يجب التحرك بحزم وعدم القيام بالاعتقال، بل تصفية اللصوص في الحال».
الواقع المرّ رسم لوحته الكئيبة مدير جهاز الاستخبارات الروسي ألكسندر بورتنيكوف، الذي أشار إلى معلومة خطيرة هي أن «نحو 4500 مواطن روسي غادروا البلاد للقتال لجانب الإرهابيين».
كثير من أعضاء «داعش» وغيره من الجماعات التكفيرية الإرهابية بسوريا هم من مواطني الجمهوريات الروسية أو التي كانت تابعةً لروسيا، شيشان وداغستانيون وغيرهم، ولـ«شام شريف» في ذاك الخيال الجمعي لمسلمي القوقاز مكانة وجدانية خاصة.
الدخول الروسي - شاء سيد الكرملين أم لا - في سوريا، يُنظر له، وفق ذاك الوجدان العام، ومعه طبعاً كثير من الشعب السوري الرافض لنظام بشار وأحلافه من المعسكر الخميني، على أنه انحياز صارخ للشيعة ضد السنّة.
تتفق أو تختلف مع هذه النظرة المخيفة في بساطتها ومباشرتها، غير أن هذا هو واقع الحال.
روسيا ليست جديدة على مواجهة السلاح الإرهابي المغموس بصيحات الدين والانتقام، فقط في سنة 2017 التي تغادر، لدينا تفجير 3 أبريل (نيسان) في مترو سان بطرسبورغ الذي أوقع 15 قتيلاً وعشرات الجرحى، والذي أعلن تنظيم القاعدة السوري مسؤوليته عنه، وأن الهجوم الذي نفذه شاب قرغيزي هو «رسالة إلى البلاد المنخرطة في الحرب ضد المسلمين».
نعم، كل عاقل وصاحب ضمير لا بد أن يدعم السعي الروسي لسحق القتلة في «داعش» وشبكات «القاعدة»، لأن هؤلاء معادن للجريمة والضلال، ضد الإنسانية جمعاء، غير أن الرؤية التي تسيّر هذه المجنزرات والطائرات والصواريخ الروسية، هي موضع الخلاف، والخطورة في آن.
هل يضيع الروسي بيسراه ما كسبه بيمناه من خلال هذه المقاربة الجلفة الفقيرة للمشكلة السورية؟
والسؤال الآخر: هل «داعش»، و«النصرة» التي يعد الوزير الثلجي لافروف بالقضاء عليها بعد «داعش»، عَرَض أم مرض؟
سوريا تستحق مستقبلاً أفضل من دبابات بوتين ومليشيات خامنئي وبراميل بشار وخناجر «داعش» وقنابل «القاعدة».
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة