خبيران: وقف إطلاق النار بشمال سوريا رضوخ من أردوغان لأمريكا
محللون سياسيون يؤكدون أن "الإذعان التركي جاء بعد ساعات من تأكيد أردوغان أن الجيش سيستمر في التقدم بالعملية العسكرية حتى النصر"
ساعات قليلة كانت كفيلة بتغيير لهجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إزاء عدوانه المستمر منذ أسبوع على الأراضي السورية، لتتحول علميته العسكرية التي أكد استمرارها، الخميس، حتى تحقيق ما أسماه بـ"النصر"، إلى اتفاقية هدنة عقب استقباله لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس.
وما بين المراوغة والرضوخ تباينت تحليلات المراقبين لإذعان أردوغان السريع للعقوبات الاقتصادية الأمريكية التي فرضتها واشنطن رداً على عدوان تركيا بشمال شرق سوريا.
- صحيفة أمريكية: هل اتفاق بنس وأردوغان يعني تخلي واشنطن عن الأكراد؟
- "سوريا الديمقراطية" تعلن بدء سريان وقف إطلاق النار شمال شرقي البلاد
ومع أن القوات التركية لا زالت تقصف حتى صباح اليوم الجمعة القرى والمدن الكردية في الشمال السوري بعد أقل من 24 ساعة على الاتفاق التركي الأمريكي الذي أعلنه نائب الرئيس ترامب مايك بنس من أنقرة أمس، إلا أن خبراء ومحللون سياسيون تحدثوا لـ" العين الإخبارية" يرون في اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت بشمال شرقي سوريا رضوخ وإذعان من جانب نظام الرئيس التركي للطلب الأمريكي، ورسالة للأطراف المؤيدة للعدوان بإعادة دراسة مواقفها، وتحمل مسؤولياتها.
وما يؤكد الرضوخ التركي، بحسب المحللين، هو أنه جاء بعد ساعات من تأكيد أردوغان أن "الجيش سيستمر في التقدم في العملية العسكرية (نبع السلام) حتى النصر".
ولم يستبعد الخبراء إعادة اتفاقية أضنة الأمنية الموقعة عام 1998، بين أنقرة ودمشق للواجهة من جديد، والتي تقضي بالسماح للجيش التركي بالتوغل شمال سوريا بعمق 5 كيلومترات، مشيرين في هذا الصدد إلى وجود اتصالات ومساعٍ روسية لتحقيق هذا الهدف.
وأعلن بنس، الخميس، خلال مؤتمر صحفي عقب لقاء الرئيس التركي التوصل لاتفاق بوقف إطلاق نار مؤقت في شمال شرقي سوريا، وإيجاد حل مناسب للمنطقة الآمنة، على أن يتضمن توقف العملية العسكرية بالكامل؛ للسماح بانسحاب وحدات حماية الشعب الكردية خلال 120 ساعة.
ولم يكن الاتفاق على وقف إطلاق النار مفاجئاً بحسب الخبير الاستراتيجي اللبناني ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العميد المتقاعد هشام جابر، الذي أشار إلى أن ثمة ترتيبات وتوافقات عديدة تمت للخروج بهذا السيناريو بين الأطراف الفاعلة في سوريا.
وأشار جابر إلى أن "الأيام المقبلة ستشهد انتشارا للجيش السوري على الحدود الشمالية مع سوريا، وهو الأمر الذي سيدحض تماما جميع المزاعم التركية من خشيتها لانتشار مسلحين أكراد على الحدود، أو إقامة كيان كردي عليها لتهديدها".
ووفقا للمعطيات على الأرض، توقع الخبير الاستراتيجي اللبناني "إعادة اتفاقية أضنة الأمنية للواجهة لكن بطبعة منقحة، بعد انتشار الجيش السوري على كامل حدوده مع تركيا".
واعتبر جابر أن روسيا تسعى لإعادة إحياء "أضنة" من جديد، وستكون الضامن لحماية اتفاقية وقف إطلاق النار.
وكانت روسيا قد أعلنت صراحة، في وقت سابق، على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف بأنه ينبغي أن تحدد القوات السورية والتركية كيفية التعاون في شمال سوريا بناء على اتفاق أضنة وهو معاهدة أمنية تعود إلى عام 1998.
إعادة إحياء اتفاقية أضنة لم يستبعدها أيضا السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون العربية، قائلا لـ"العين الإخبارية" إن "هناك رغبة روسية حقيقية ومساعي عبر اتصالاتها في تفعيل الاتفاقية الأمنية، وأي ترتيبات تخضع لإرادة الحكومة السورية".
وأكد بدر أن قبول نظام رجب طيب أردوغان بوقف اتفاق النار هو "رضوخ للطلب الأمريكي، أعاد تركيا لحجمها الطبيعي الذي حاولت أن تتجاوزه وأن تتمدد بالعدوان على الآخرين، واستخدام الدين بطريقة تسيء إليه لتبرير عدوانها".
ورأى مساعد وزير الخارجية الأسبق أن "الرضوخ التركي يحمل بلا شك دعوة للأطراف التي أعلنت موافقتها على العملية العسكرية التركية، بضرورة إعادة دراسة مواقفها وتصرفاتها ومسؤولياتها وأبرزها دول وجماعات تستخدم الدين كواجهة لتحقيق أغراض لا علاقة لها بالدين".
وتوقع السفير بدر أن يساوم أردوغان على بعض الأمور في وضعه الحالي، موضحا أن "الفيصل هنا أن الغزو هو عدوان على سيادة سوريا الدولة العضو في الأمم المتحدة، وينبغي أن يكون هناك وضوح كامل لمسألة حق دمشق في الوصول لحدودها الدولية مع تركيا، وليس تعليق الأمور على نحو يحمل إثارة مشاكل مجددا سواء في شمال سوريا أو أمن المنطقة".
وكان الرئيس التركي قد أعلن في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدء عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال شرقي سوريا، وهو ما اعتبره مراقبون "عدوانا وانتهاكا" لسيادة البلد الذي يعاني ويلات الحرب منذ سنوات
aXA6IDE4LjIxOS40Ny4yMzkg جزيرة ام اند امز