من يسبق إلى "الباب" والمناطق الآمنة.. صراع سوري تركي
المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا هي الأكثر احتمالا لإقامة المناطق الآمنة، واستضافة اللاجئين السوريين العائدين إلى وطنهم.
بدأت قوات النظام السوري والميلشيات التابعة بشن هجوم عسكري على مدينة الباب منذ يناير 2017، أي بعد الانتهاء من معركة حلب واستعادة الجزء الشرقي من المعارضة السورية، وبالتزامن مع تنفيذ وقف إطلاق النار وانطلاق محادثات أستانة برعاية روسية وتركية.
وشهدت الأيام القليلة الماضية تكثيف العمليات العسكرية السورية لاستعادة الباب، وقامت قوات النظام باستعادة بعض المناطق في الباب، وهو الامر الذي يثير التساؤل حول كيفية تعامل النظام السوري مع قوات "درع الفرات" التي تقوم بها تركيا في الشمال السوري.
تقوم أنقرة منذ أغسطس 2016 بعمليات عسكرية مباشرة في الأراضي السورية القريبة من حدودها، ونجحت في السيطرة على عدد من المناطق بدعم من بعض فصائل المعارضة المدعومة من قبلها مثل الجيش السوري الحر، واستطاعت درع الفرات تحرير الشريط الحدودي من جرابلس إلى إعزاز.
تقاتل الآن درع الفرات في مدينة الباب، ومع تحقيق القوات السورية والميلشيات الكردية لتقدم ملموس في تحرير أجزاء من الباب مع تعثر درع الفرات مؤخراً في السيطرة على القرى المحيطة بالمدينة، تثور عدد من الأسئلة: هل ستُسلم درع الفرات المناطق التي حررتها إلى دمشق سواء باتفاق أو عن طريق الاقتتال؟ وهل يمكن أن تدخل الباب إلى ضمن نطاق المناطق الآمنة التي يعتزم ترامب على إنشائها في سوريا والتي يرحب بها ترامب؟
- تركيا تقصف 47 داعشيًا بالباب السورية.. وتلتقي المعارضة بأنقرة
- تركيا تنفي تسليم بلدة الباب لقوات الأسد بعد طرد داعش
لم تخف أنقرة خوفها الشديد حيال تمكن قوات كردية من السيطرة على عدد من المناطق الحدودية (مثل كوبانى وغيرها) مع أنقرة التي اعتبرت ذلك إيذاناً في تأسيس الدولة الكردية التي يرغب الأكراد في إنشائها منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، وتعمق ذلك التخوف مع قيام واشنطن بدعم الأكراد مثل قوات "سوريا الديمقراطية" لمحاربة داعش.
وإزاء ذلك تدخلت تركيا عسكرياً وبشكل مباشر في سوريا لوقف ذلك التمدد الكردي ودعم المعارضة السورية، ومع هزيمة المعارضة في حلب أواخر 2016، والتوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية انقرة وموسكو، بدأت تركيا أقرب ما يكون الى الجانب الروسي، حتى أن هناك بعض الأخبار التي تطرقت إلى احتمالية تقارب بين دمشق وأنقرة بوساطة روسية.
ومع انعكاس ذلك الأمر على العمليات العسكرية على الأرض، انتشرت أنباء تفيد أن تركيا ستقوم برد المناطق التي حررتها في الباب إلى النظام السوري، ما أدى إلى نفي أنقرة تلك الأخبار؛ وقال المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان قورتولموش؛ إن "عملية درع الفرات لم تنفذ من أجل تسليم ما يتم تطهيره من تنظيم الدولة إلى النظام السوري". وأشار قورتولموش إلى أن درع الفرات عملية متعلقة بالأمن القومي لتركيا.
في هذا الإطار أعلنت موسكو عن دعمها لقيام أنقرة بمحاربة "داعش" في الباب وشنت هجمات جوية ضد التنظيم في المدينة، ويعلن النظام السوري أن عملياته في الباب موجهة ضد "داعش" أيضاً، لكن بعد إخراج التنظيم من المدينة هل يقوم الأسد بالانقضاض على المناطق التي حررتها تركيا؟
بالسيطرة على مثلث (جرابلس منبج الباب)، يمكن تأمين حلب ويمكن الوصول إلى الرقة التي تقع تحت سيطرة "داعش"، وبالنظر إلى جرابلس تقع تحت سيطرة القوات الداعمة لتركيا، في حين تقع منبج تحت سيطرة القوات الكردية التي تشارك الأسد في هدف رفض التواجد التركي على الأراضي السورية، ومن ثم فإن الباب هي التي ترجح كفة إما النظام السوري وحلفائه أو القوات التركية والتابعين لها في الشمال السوري.
أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فكرة إقامة مناطق آمنة في سوريا، وطلب من البنتاجون إعداد خطة حيال ذلك الأمر، وهو الأمر الذي لقي ترحيباً بالغاً لدى السلطات التركية، التي كثيراً ما طلبت من إدارة أوباما إقامة تلك المناطق لكن الأخير رفض ذلك.
يرجح مراقبون أنه في حيال تنفيذ ترامب وعوده بإقامة تلك المناطق، ستكون المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا هي الأكثر احتمالاً لإقامة المناطق الآمنة، واستضافة اللاجئين السوريين العائدين إلى وطنهم، وهو الأمر الذي ترفضه دمشق وموسكو فهل ستكون عمليات النظام العسكرية في الباب هي بداية لاستعادة الشمال السوري بدعم روسي وكردي؟
aXA6IDE4LjExNy4xNTQuMTM0IA== جزيرة ام اند امز