بعد 4 سنوات من إعلان وفاته.. رئيس الاستخبارات الجوية السورية يعترف
رغم إعلان الجيش السوري الحر اغتياله منذ 4 سنوات، رئيس الاستخبارات الجوية السورية الجنرال جميل حسن يتحدث لأول مرة مع روبرت فيسك
"لا تقابل وجهاً لوجه يومياً رئيس الجهاز الأمني الأكثر قوة وقسوة -ورعباً بدون شك- في سوريا، كلمة "الاستخبارات الجوية السورية" في حد ذاتها كفيلة بأن توقف أي محادثة.
وعلى الرغم من أن الجيش السوري الحر المعتدل قد أعلن منذ 4 سنوات اغتيال هذا الرجل الأكثر ولاءً وشراسة للنظام السوري، وحتى ويكيبيديا لا تزال تشير إليه بالفعل الماضي، أؤكد لكم أن هذا الجنرال، 63 عاماً، لا يزال حياً".. هكذا استهل الكاتب البريطاني روبرت فيسك حواره مع رئيس الاستخبارات الجوية السورية، جميل حسن، الجنرال الذي يواجه عقوبات من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على حد سواء.
حسن بدأ بالقول إنه في نظر الإعلام الغربي "مجرم حرب"، متسائلاً ما إذا كانت صحيفة "إندبندنت" البريطانية ستقبل بنشر حوار فيسك معه، مضيفاً: "أنا مستعد لأستمر في عملي، حتى لو أخذوني إلى محكمة جرائم الحرب، لأن سوريا تستحق التضحية".
من جانبه أوضح فيسك أن حسن يبالغ قليلاً في شهرته السيئة، فلم تسع أي محكمة جرائم حرب إلى اعتقاله، لكن الاتحاد الأوروبي أدان تورطه في قمع ثورة المدنيين في سوريا عام 2011، وفرض عليه حظر سفر وتجميد لأصوله المالية، أما وزارة الخزانة الأمريكية ففرضت بعد تهديدات من الرئيس باراك أوباما، عقوبات على الجنرال لتورطه في انتهاكات حقوقية حيث قتلت الاستخبارات الجوية السورية 43 شخصاً على الأقل في أبريل/نيسان 2011.
وأشار فيسك إلى أن الجنرال تفادى خلال الحوار، الذي استمر 3 ساعات ووصفه بالمذهل، أي أسئلة حول سجونه الخاصة، وبينما كان يعلن ولائه للرئيس بشار الأسد مراراً وتكراراً، أوضح جلياً أنه إذا كانت الاستجابة أكثر قسوة منذ بداية الثورة في سوريا في 2011، لكانت المعارضة المسلحة ضد النظام قد سحقت تماماً وعلى الفور.
حتى أن الجنرال أشار إلى سحق ثورة جماعة "الإخوان المسلمين" الإرهابية في حماة عام 1982، حيث قتل الآلاف بعد ثورتهم ضد أعضاء حزب "البعث" في المدينة، بحسب فيسك.
وعن ذلك قال حسن: "كنت ضابط صغير آنذاك، كانت التقارير الإعلامية حول الخسائر مبالغ فيها، لكن إذا قمنا بما فعلناه في حماة منذ بداية الأزمة، لحافظنا على كثير من الدماء السورية".
وعن المسؤول عن المأساة السورية، صرح حسن، على حد وصف الكاتب: "المؤامرات الغربية ضد سوريا. أولاً إسرائيل، رأس الأفعى، وجميع من يدعم سياساتها".
مضيفاً "الإسرائيليون ومن يدعمهم يحتاجون إلى عملاء لتنفيذ أجنداتهم لأنهم يعرفون أن قوة سوريا في وحدتها؛ لذلك قاموا بكل ذلك لتقسيم سوريا، شجعوا الفكر المتطرف".
وتحدث حسن عن أسامة بن لادن كـ"رجل ذكي جداً"، خلال المقابلة الطويلة، وفقاً لفيسك الذي أوضح أن الجنرال على ما يبدو يقسم حياته إلى جزأين: الأول يشمل العشرين عاماً الأولى من حياته كضابط صغير، وقاس جداً على حد وصف منتقديه، والثاني الذي أصبح فيه "رمزاً روحياً" يشجع فيه العقيد (عقيد ركن في إدارة المخابرات الجوية السورية) سهيل الحسن أو "النمر" كما يلقب، في حربه ضد المتطرفين.
وعن الثورة السورية التي اندلعت في 2011، قال حسن: "للأسف، بعض السوريين الجهلاء شاركوا في مؤامرة مع هؤلاء المتطرفين القذرين، متظاهرين أنها ثورة"، وتابع قائلاً: "قررت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإسرائيل تقسيم سوريا، بالرغم من أن مصالحهم متعارضة للغاية. سوريا بلد كبير جداًّ بالنسبة لهم. إذا كانوا أصدقاء حقيقيين لأرادوا جعل الاختلافات الطائفية أصغر. أعتقد أن الشعب الأوروبي هو أكثر من سيتضرر إذا انهارت سوريا. الأمريكيون والأوروبيون كراعي الغنم الذي يسمح بدخول الذئب بيته، وفي النهاية سيأكل الذئب كل الغنم والدجاج".
كما تحدث عن "غسيل مخ" وضغط إيديولوجي تمت ممارسته على الفقراء السوريين في السنوات الأولى من الحرب الحالية، وخص بالذكر "جبهة النصرة" التابعة للقاعدة حيث شجعت على الوحشية في قلوب الشعب السوري، موضحاً أن 80% من السوريين في شرق حلب يريدون الرحيل إلى منطقة غرب حلب تحت سيطرة الحكومة.
ويرى الجنرال السوري أن الحل الوحيد من وجهة نظره هو توقف الدول الغربية عن دعم الإرهابيين، مضيفاً أنه من السخيف أن يقول الأمريكيون، إن هناك معارضة "معتدلة"، واصفاً ذلك بـ"أمر مثير للاستفزاز". وأعرب عن اندهاشه من بذل الولايات المتحدة والأمم المتحدة هذا الجهد الهائل في هذه المنطقة الصغيرة جداً، في إشارة إلى شرق حلب.
ومضى قائلاً: "من البداية، عندما خرج المتظاهرون إلى الشوارع، منعت الأجهزة الأمنية من حمل الأسلحة. الأشخاص التي قامت بهذه المؤامرات ضدنا هم من استخدموا الأسلحة منذ البداية، لكن اتهموا الحكومة باستخدامها".
وأخيراً سأله فيسك: "هل أنت رجل وحشي؟"، فكانت إجابة حسن كالتالي: "أنا وحشي ضد القضايا التي تتعلق ببلدي، في علاقاتي بشعبي، لست وحشياً، والشعب يحبني".
وعن الانتهاكات في عهده، قال: "عندما وقع فساداً في أحد سجوني، قمت بعمل تحقيقات وفصلت كثيراً من حراس السجن، ثم طلبت من القيادة اعتقال كثير من الضباط، كما طلبت أن أكون على رأس قائمة الذين ينبغي معاقبتهم"، ولفت إلى أن بشار الأسد ذهل جداً من هذا الطلب، واقترح منحه فرصة أخرى لأنه كان يعلم أن حسن رجل مستقيم، على حد قول الجنرال الذي أردف أنه منذ ذلك الوقت بات يتفقد سجونه يومياً.
وعن الأوامر التي يعطيها لرجاله، قال حسن للكاتب البريطاني، إنه لا يأمرهم بقتل الإرهابيين بل جلبهم أحياء لأخذ المعلومات منهم، حتى أنه يطلب منهم إحضار جثث المقاتلين الأجانب لفحصها ومعرفة جنسياتهم ومزيد من التفاصيل عنهم".
فيسك وصف الحوار بـ"الغريب وغير المتوقع" مع أحد أكثر الرموز السورية قوة، مشيراً إلى أنه خارج مكتب الجنرال، يرفرف العلم السوري و"3 أعلام روسية"، وأضاف أن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الجنرال مع مراسل غربي أو حتى أي مراسل.