الأزمة السورية في ذكراها الـ8.. من الاقتتال إلى الإعمار وحصار الإرهاب
8 سنوات عجاف سقطت فيها سوريا داخل مستنقع النزاع المسلح خلفت أكثر من 360 ألف قتيل وأحدثت دمارا هائلا في البنى التحتية
15 مارس/آذار 2011 "يوم الغضب السوري" هكذا تسمًت الدعوات التي انطلقت آنذاك في البلاد، تحولت على إثرها إلى ركام وأطلال خلال 8 سنوات عجاف، سقطت فيها سوريا داخل مستنقع النزاع المسلح، وخلفت أكثر من 360 ألف قتيل.
اشتعال الأزمة في سوريا أحدث دمارا هائلا في البنى التحتية والقطاعات المنتجة، كما شرد الملايين من النازحين واللاجئين، لتصبح إحدى أكبر الأزمات الإنسانية وأكثرها تعقيدا.
الأزمة السورية التي تدخل عامها الثامن بدأت في الانفراج بعد محاصرة تنظيم داعش الإرهابي في جيبه الأخير، بالتزامن مع تحركات دولية من أجل التوصل لتسوية سياسية وبدء مرحلة الإعمار.
الأمم المتحدة وملف الإعمار
تحتضن بروكسل أعمال المؤتمر الدولي الثالث بشأن سوريا، حيث انعقد، الخميس، اجتماع وزاري بمشاركة ممثلين عن 55 بلدا، وأعلن المانحون الدوليون جمع أكثر من 7 مليارات دولار لدعم العملية السياسية وحل الأزمة السورية وإعادة الإعمار.
ويسعى كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة إلى بلورة التزام إنساني، وجعله في صدارة الأولويات الدولية والأوروبية، وجمع مليارات الدولارات من المساعدات الإضافية لسوريا.
وقال مارك لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في مؤتمر (دعم مستقبل سوريا والمنطقة) ببروكسل، إن سوريا التي تمزقها الحرب يحتاج أكثر من 11.7 مليون شخص كثير منهم أطفال، إلى مساعدات طارئة.
وقال دانيال جوستافون، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لبرامج منظمة الأغذية والزراعة، خلال المؤتمر الذي يستضيفه الاتحاد الأوروبي مع الأمم المتحدة إن المال "يمكن أن يساعد الأسر على تجنب اتخاذ قرارات قصيرة المدة، تكون لها تداعيات سلبية على المدى الطويل".
وأكدت الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني أن الاتحاد الأوروبي خصص أكثر من مليار يورو كمساعدات لسوريا والمنطقة للفترة 2019-2020.
وأضافت أن مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة الثالث المنعقد في بروكسل يجب ألا يستخدم فقط من أجل الحصول على تعهدات بمساعدات إنسانية، إنما أيضا بتحديد كيفية دعم التحول السياسي في سوريا ودور الأمم المتحدة في هذا الصدد.
وكانت موجيرينى أكدت في وقت سابق ضرورة إعادة إعمار سوريا، المرتبط في الوقت نفسه بالتوصل إلى حل سياسي يجب دعمه في إطار مسار جنيف، وتحت إشراف الأمم المتحدة ومشاركة كافة الأطراف السورية، مشددة على ضرورة إبقاء سوريا على رأس الأجندة الدولية.
وتعهدت المملكة المتحدة بمبلغ 464 مليون يورو، كما تعهدت النمسا بـ9 ملايين دولار، وقال وزير التنمية الألماني جيرد مولر لدى وصوله المؤتمر "نحن ملتزمون بتقديم 1.44 مليار يورو، مما يجعلنا ثاني أكبر المانحين".
داعش والأنفاس الأخيرة
في الوقت الذي يجتمع فيه المجتمع الدولي من أجل إعادة إعمار سوريا، لا يتوقف هدير الطائرات وأصوات الرشقات الرشاشة، في الشمال الشرقي، حيث تعمل قوات سوريا الديمقراطية على الأرض بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن لكسر آخر دفاعات مقاتلي تنظيم داعش المتحصنين في أنفاق يشنون منها هجمات انتحارية في بلدة الباغوز في شرق سوريا.
واستسلم، الخميس، 1300 من مسلحي التنظيم الإرهابي في الباغوز بدون قتال، كما تصدت قوات سوريا الديمقراطية، أمس الأربعاء، لهجومين مضادين شنهما التنظيم، رغم الطائرات والمدفعية التي تدك مواقعه بشكل متواصل.
وبعدما كان التنظيم أعلن في عام 2014 إقامة "الخلافة" على مناطق واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور، بات وجوده يقتصر اليوم على جيب محاصر داخل بلدة نائية على الضفاف الشرقية لنهر الفرات، خرج منه الآلاف من الرجال والنساء والأطفال خلال الأيام الأخيرة.
وتؤكد قوات سوريا الديمقراطية أن "ساعة الحسم باتت أقرب من أي وقت مضى" وأن التنظيم يعيش "لحظاته الأخيرة".
ويقتصر وجود التنظيم في الباغوز على مخيم عشوائي محاط بأراض زراعية تمتد حتى الحدود العراقية.
وفي الأسابيع الأخيرة، علقت هذه القوات مرارا هجومها ضد جيب التنظيم الأخير، ما أتاح خروج عشرات الآلاف من الأشخاص، غالبيتهم نساء وأطفال من أفراد عائلات المسلحين، وبينهم عدد كبير من الأجانب.
وعلى وقع التقدم العسكري منذ بدء العمليات العسكرية في سبتمبر/أيلول، خرج نحو 60 ألف شخص منذ ديسمبر/كانون الأول من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم في شرق سوريا، قبل أن يطرد منها تباعا.
وتوشك "خلافة" التنظيم المزعومة على الانهيار في سوريا، بعد سنوات أثار فيها الرعب، كما مني بخسائر ميدانية كبيرة خلال العامين الأخيرين.
على جبهة أخرى في سوريا شنت روسيا غارات جوية على مدينة إدلب (شمال غرب)، أمس الأربعاء، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها الجوية شنت غارة على مستودع أسلحة وذخيرة تابعة لإرهابي "هيئة تحرير الشام"، وجاء في بيان الدفاع الروسية "في الثالث عشر من مارس نفذت طائرة تابعة للقوات الجوية الروسية غارة جوية مستهدفة على مستودع للأسلحة والذخيرة لجماعة "هيئة التحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) في إدلب".