منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، تأثرت جميع مناحي الحياة في البلاد بدرجات متفاوتة بالحروب والصراعات، لا سيما في المجال الفلكي.
مع ذلك، لا يزال هناك مجموعة من المتحمسين لعلم الفلك الذين يتمسكون ويتطلعون إلى الحلم الفلكي متحدين جميع الصعوبات.
محمد العصيري يبلغ من العمر 46 عاما، وهو رئيس الجمعية الفلكية السورية، اهتم محمد بعلم الفلك منذ طفولته، وطموحه هو أن يصبح عالم فلك، ولكن نظرا لعدم وجود تخصص في علم الفلك بسوريا، تخصص في الهندسة الميكانيكية خلال دراسته الجامعية، وهو التخصص الذي ينتمي أيضا إلى علوم الفيزياء.
في عام 2005، أعلنت الحكومة السورية عن إنشاء الجمعية الفلكية من أجل إجراء البحوث الفلكية وتوفير التدريب في مجال العلوم الفلكية للأطفال والمراهقين، كم من المعرفة والاهتمامات القوية في مجال الفلك، رشح محمد نفسه بعد علمه بالأمر، وأصبح رئيسا للجمعية الفلكية.
في عام 2009 وبمناسبة "العام الدولي لعلم الفلك" خطط محمد للعمل مع شركة هولندية لبناء تلسكوب كبير لسوريا، وعندما كان الطلب في منتصف الطريق تقريبا وكان التلسكوب الفلكي على وشك التسليم، أدى اندلاع الأزمة السورية والحروب والصراعات إلى تعليق محمد وفريقه جميع أعمال الجمعية الفلكية.
في عام 2019، ومع تحسن الوضع الأمني الداخلي أعاد محمد إحياء فكرة صنع تلسكوب فلكي، لكن الظروف باتت مختلفة عما كانت عليه قبل 10 سنوات، وبسبب العقوبات المفروضة على سوريا، تم تقييد التنمية في البلاد في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والتعليم وغيرها من المجالات بشكل كامل.
لم يكن بالإمكان سوى الاعتماد على فريق صغير مكون من 20 شخصا فقط في الجمعية الفلكية، يقومون بالاستكشاف وإجراء جميع العمليات من التصميم إلى التصنيع بأنفسهم.
بفضل الجهود المشتركة لمحمد وأعضاء الفريق الآخرين، استغرق تصنيع جميع مكونات هذا التلسكوب الفلكي الكبير عامًا واحدًا، الأمر الذي سيساعد الحكومة السورية على إجراء ملاحظات فلكية ومواجهة تغير المناخ، كما سيسهل نشر المعرفة الفلكية للأطفال والمراهقين في سوريا.
أخبرنا محمد أنه زار الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء عام 2019 للمشاركة في الدورة التدريبية حول "استخدام تكنولوجيا الفضاء لتحسين القدرة على مواجهة تغير المناخ". وقد زودته هذه التجربة التي لا تُنسى بمساعدة كبيرة في بناء التلسكوبات الفلكية.
أخبرنا محمد أنه يشعر بالسعادة الآن عندما يأتي الأطفال إلى الجمعية لزيارتها، ما يمكنه أن يأخذ الجميع لتعلم كيفية استخدام التلسكوبات الفلكية، وإخبار هؤلاء الأطفال أنه حتى لو كانت بلادهم في محنة، فإنه يمكنهم السعي وراء أحلامهم الفلكية.