المعارضة السورية والنظام يعودان لجنيف بأفكار الماضي
الجولة السابعة من مفاوضات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة تبدأ اليوم بجنيف وسط آمال ضئيلة بإمكانية تحقيق أي تقدم
تبدأ الاثنين في جنيف جولة سابعة من مفاوضات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة برعاية الأمم المتحدة، وسط آمال ضئيلة بإمكانية تحقيق أي تقدم في العملية السياسية لإنهاء النزاع المستمر منذ أكثر من 6 سنوات.
وتأتي جولة المفاوضات غير المباشرة هذه غداة سريان وقف إطلاق النار في 3 محافظات في جنوب سوريا، بموجب اتفاق روسي أمريكي أردني، بناء على مذكرة مناطق خفض التصعيد التي تم إقرارها في محادثات أستانة في مايو/أيار.
ويستكمل طرفا النزاع السوري بحث جدول الأعمال السابق المؤلف من 4 سلات؛ هي الدستور والحكم والانتخابات ومكافحة الإرهاب، بالتزامن مع اجتماعات تقنية تتناول "مسائل قانونية ودستورية".
ولم تحقق جولة المفاوضات الأخيرة في جنيف التي انتهت في 19 مايو/أيار أي تقدم ملفت على طريق إنهاء النزاع الذي تسبب بمقتل أكثر من 320 ألف شخص منذ اندلاعه في عام 2011.
وأقر المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا في إحاطة قدمها إلى مجلس الأمن إثر انتهاء الجولة السابقة بوجود هوة عميقة بين الطرفين حيال القضايا الأساسية، لافتا إلى أن ضيق الوقت أحبط عملية التقدم.
ويعود الطرفان للتفاوض اليوم ولم يحدث أي تغيير في الأفكار التي يؤمن بها كل طرف، إذ يصر وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية على مطلب رحيل بشار الأسد قبل بدء العملية الانتقالية، الأمر الذي تراه دمشق غير مطروح للنقاش أساساً.
المحاور الأربعة
ورغم التباين حيال الملفات الاساسية يشارك وفدا الحكومة والمعارضة في هذه الجولة مع توقعات ضئيلة بإمكانية تحقيق أي خرق.
وقال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات يحيى العريضي إن وفد المعارضة يشارك "بتوقعات متواضعة"، مضيفاً أنهم سيبحثون "جدول أعمال الجولة السابقة، أي المحاور الأربعة".
ومنذ عام 2014 عقدت 6 جولات من المفاوضات غير المباشرة بين طرفي النزاع السوري برعاية الأمم المتحدة، دون أن تنجح في تحقيق خرق يذكر.
وتشهد أستانة منذ مطلع العام جولات محادثات موازية برعاية روسيا وإيران، حليفتي الرئيس السوري بشار الأسد، وتركيا الداعمة للمعارضة. ووقعت الدول الثلاث في أستانة في الـ5 من مايو/أيار مذكرة تقضي بإنشاء 4 "مناطق تخفيف التصعيد" في 8 محافظات سورية تتواجد فيها الفصائل المعارضة. لكنها أخفقت في اجتماع عقدته الأربعاء في الاتفاق على تفاصيل تتعلق بحدود هذه المناطق.
وبعد يومين فقط أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة في هامبورغ، اتفاق الولايات المتحدة وروسيا مع الأردن على وقف إطلاق النار في محافظة درعا والسويداء والقنيطرة في جنوب سوريا، بدأ تطبيقه ظهر الأحد. وهذه هي إحدى مناطق خفض التصعيد الأربع الواردة في مذكرة أستانة.
الأمم المتحدة ترحب
ورحبت الأمم المتحدة على لسان رمزي عز الدين رمزي مساعد دي ميستورا، باتفاق وقف الأعمال القتالية في جنوب سوريا.
وقال رمزي -الذي زار دمشق السبت للصحفيين، بعد لقائه مسؤولين حكوميين- إن ما حدث "خطوة في الطريق الصحيح". وأضاف أنه "يساعد على خلق المناخ المناسب للمحادثات، وسوف نرى ذلك يوم الاثنين".
وتابع رمزي "نأمل أن يتم التوصل في المناطق الأخرى التي تم التباحث بشأنها إلى اتفاق في أقرب فرصة"، مؤكداً أن "هذا كله يؤدي إلى دعم العملية السياسية بشكل ملحوظ".
جنيف بمواجهة أستانة
تنظر موسكو إلى محادثات أستانة بوصفها مكملة لمحادثات جنيف، ما يثير شكوك المعارضة السورية التي تخشى وضع روسيا يدها بالكامل على عملية المفاوضات.
ويقول العريضي في هذا الصدد إن "الهدف من مشاركتنا في جنيف هو الإبقاء على شيء من الزخم للحل السياسي، في ضوء محاولات روسيا حرف الاهتمام باتجاه أستانة التي تريد تصميمها كما تشاء".
ويرى الخبير في الشؤون السورية في مؤسسة "سينتشري" الفكرية للدراسات سام هيلر، أن المعارضة وداعميها يجدون في محادثات جنيف "فرصة لتحقيق انتصارات تكتيكية ومنصة لاتفاق مستقبلي محتمل".
ويضيف "الأمر يتعلق أيضاً بالحفاظ على عملية سياسية معترف بها، صممها حلفاء المعارضة بدلا من التنازل عن مسار المفاوضات لصالح مسار أستانة المنافس الذي تقوده روسيا".
وبعد غياب فعلي منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعدما كانت أبرز حلفاء المعارضة وراعياً رئيسياً لمفاوضات جنيف، توحي مشاركة واشنطن في صياغة اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب سوريا بعودتها وإن بشكل خجول إلى الملف السوري.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في بيان الأربعاء إن "الولايات المتحدة مستعدة لدرس إمكان العمل مع روسيا على وضع آليات مشتركة تضمن الاستقرار بما في ذلك مناطق حظر جوي ومراقبين ميدانيين لوقف إطلاق النار وتنسيق إيصال المساعدات الإنسانية".
وأضاف "إذا عمل بلدانا سويا على إرساء الاستقرار على الأرض فإن هذا الأمر سيرسي دعائم للتقدم نحو اتفاق حول المستقبل السياسي لسوريا".
وفي واشنطن، قال دبلوماسي رفيع المستوى في الخارجية الأمريكية الجمعة، إن للبلدين دوراً للقيام به من أجل إنهاء النزاع في سوريا.
وأوضح "لدينا شعور ولديهم شعور بأنه إذا أردنا حلاً للنزاع السوري، فيجب علينا أن نكون مشاركين بشكل ما معا".