مخيم الهول السوري.. مأساة على كل شبر وإرهابي محتمل في كل خيمة
بلدة الهول ظلت سنوات محاطة بقواعد عسكرية للجيش السوري سابقا قبل أن تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية إثر طردها عناصر داعش منها.
أشباح مدينة صغيرة، كلما تقترب منها تتصلب الأقدام مع اتضاح الرؤية، لتظهر في النهاية مجموعة من الخيام المتراصة مشكّلة مخيم "الهول".. هنا مصنع آلام الطفولة والإرهابيين الجدد في سوريا.
لأكثر من 3 عقود احتفظ مخيم الهول بموقعه كملاذ آمن للاجئين العراقيين، منذ حرب الخليج 1991، وتحديدا عندما أنشأت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مخيما على مشارف بلدة الهول بالتنسيق مع الحكومة السورية.
وبلدة الهول تقع في شرقي محافظة الحسكة السورية، وحازت شهرة واسعة بعد استضافتها معسكرا لنحو 15 ألف لاجئ عراقي وفلسطيني، لكون شمالها يقع على مفترق طرق يربط بين الحسكة عاصمة المحافظة والحدود العراقية.
وظلت بلدة الهول محاطة بقواعد عسكرية استخدمها الجيش السوري سابقا، قبل أن تسيطر علها قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي.
سيطرة داعشية
في 2014، أعلن التنظيم نيته إقامة "خلافة عالمية" مزعومة، ومبايعة أبوبكر البغدادي خليفة له على دولته في سوريا والعراق، لتبدأ موجات نزوح من مدن سورية والموصل العراقية إلى مخيم الهول مجددا.
مر عام واحد على سيطرة داعش على مخيم الهول قبل أن تتمكن قوات سوريا الديمقراطية والعشائر المتحالفة معها من استعادته في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.
وما أن حل عام 2016، انطلقت المعركة الأخيرة ضد داعش في الباغوز السورية، ليفر إليه نحو 70 ألف سيدة وطفل، غالبيتهم على صلة بأعضاء التنظيم الإرهابي.
وتتنوع جنسيات المعتقلات في المخيم لأكثر من 50 جنسية، لكن غالبية الدول ترفض عودة مواطنيها بسبب المخاوف الأمنية.
الانسحاب الأمريكي
مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب عشرات من القوات الخاصة التي كانت تقاتل داعش إلى جانب الأكراد، تزايدت المخاوف من عودة سيطرة التنظيم الإرهابي على "الهول".
وحذرت تقارير من أن قدرة سلطات المخيم على احتواء الآلاف من عناصر "داعش" تتضاءل، وتحدث حراسه عن تمكنهم من إحباط أكثر من 100 محاولة للهروب في الأشهر الأخيرة، حتى إنهم عثروا على نفق داخل إحدى الخيام، يمتد نحو السياج المحيط، وتمكن بعضهم من الفرار، لكن الحراس تمكنوا من إعادتهم.
وبحسب تقرير سابق لصحيفة الإندبندنت البريطانية فإن مهربين يعملون لصالح "داعش" لإطلاق سراح نساء الهول؛ حيث يتقاضون 15 ألف دولار لتهريب الفرد الواحد.
عرائس داعش
ذاع صيت مخيم الهول مع تحذيرات من تحوله إلى حاضنة للجيل القادم من المتطرفين؛ إذ لا تزال أفكار تنظيم "داعش" الإرهابي منتشرة بداخله.
ووفق تقرير لصحيفة "تايمز" البريطانية فإن نساء ما يعرف بـ"شرطة الحسبة" يواصلن فرض أفكارهن المتطرفة بقبضة حديدية في مخيم "الهول" الذي يضم "عرائس داعش" (زوجات عناصر التنظيم)، وأطفالهن.
وقد عثرت سلطات المخيم على جثة متحللة لسيدة ظلت بداخل خزان للصرف أكثر من شهر، ورغم الحالة المريعة للجثة كانت الإصابات واضحة عليها، وتؤكد أن الضحية قتلت ضربا بقضيب حديدي.
وكانت جميع النساء داخل القسم المعروف باسم "الملحق" من المخيم الذي يضم 3100 سيدة من "عرائس داعش" و7 آلاف طفل يعرفن هوية القاتل: إنهن عضوات "الحسبة"، أو شرطة الأخلاق في التنظيم الإرهابي اللواتي يحكمن قبضتهن على المخيم.
وتختلف الأوضاع في "الهول" عن بقية المخيمات الأخرى؛ فنزيلات المخيم هن آخر "عرائس داعش" اللواتي خرجن من بلدة الباغوز السورية وهن الأكثر تطرفا داخل التنظيم.
وتواجه جميع محاولات التنصل من أفكار التنظيم بعنف شديد، فعندما حاولت فتاة أذربيجانية تبلغ من العمر 14 عاما تدعى غلسون أذربيجاني خلع النقاب تعرضت للضرب والخنق حتى الموت على أيدي عرائس التنظيم الإرهابي، بحسب الإندبندنت.
وبعد شهر من تلك الحادثة قُتلت امرأة إندونيسية تبلغ من العمر 35 عاما تسمى "ساودريني" ضربا حتى الموت على يد نساء التنظيم لإظهارها السخط من أفكاره المتطرفة.
ثم في 4 سبتمبر/أيلول، عُثر على جثة لاجئ عراقي قتل ضربا بمطرقة. وتقول السلطات إنه قُتل على يد رجلين يرتديان الحجاب.
ووفقا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أحرقت 128 خيمة في جميع أنحاء المخيم خلال الأسابيع الـ3 الأولى من شهر سبتمبر/أيلول الماضي فقط لأشخاص رفضوا الخضوع لسيطرة "داعش".
مأساة باسم الأتراك
في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول شنّت تركيا عدوانا على الشمال السوري مدعوما بمليشيا موالية فيها، لتتفاقم مشكلات مخيم الهول وعلى رأسها فرار الدواعش من السجون.
يعود مخيم الهول للصدارة بقائمة شكاوى طويلة من سوء الأوضاع وترديها داخل المخيم؛ إذ تحدثت بعض النساء لشبكة "سي إن إن" الأمريكية في تقرير سابق عن واقع أطفالهن المثير للشفقة، واضطرار الصغار للسرقة في محاولة أخيرة لمواجهة الأوضاع البائسة بالمخيم.
وكشفت "لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا"، عن أن 390 طفلًا على الأقل لقوا حتفهم هذا العام جراء سوء التغذية والجروح غير المعالجة داخل المخيم.
واليوم يقف المخيم مترامي الأطراف الذي يعيش به النازحون من أراضٍ كانت سابقا تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في حجم مدينة صغيرة تعصف فيها الرياح خيامهم وتهددهم الأمطار والثلوج فإن لم يقتلهم الرصاص يجمدهم الطقس.
aXA6IDMuMTI5LjI0Ny4yNTAg جزيرة ام اند امز