بالصور.. الحوثيون.. تجويع ممنهج يهدد حياة ملايين اليمنيين
كاميرا العين ترصد مشهد الانتهاك الإنساني الذي تمارسه المليشيات الانقلابية في مدينة ذمار
أوصل الانقلابيون اليمن ليكون ثاني أسوأ بلد في العالم من حيث التغذية.. حيث يواجه ملايين المواطنين بينهم أطفال نقصاً حاداً في الغذاء نتيجة عدم توافر الطعام وسوء التغذية وتوقف مصادر الدخل بسبب الحرب التي تشنها مليشياتهم والتي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عامين.
في حين تستمر تحذيرات منظمات الإغاثة الدولية من انتشار المجاعة في اليمن ما لم يتم تقديم مساعدات عاجلة للحد من تفاقم أزمة الجوع التي تهدد حياة الملايين من السكان الذين يعانون عدم توافر الأمن الغذائي في الوقت الذي لم تتوقف عمليات تدفق المساعدات الإنسانية إلى اليمن والتي تستولي عليها المليشيات وتبيعها في الأسواق السوداء لتغطية حروبها ضد اليمنيين لتقتل بالجوع من لم يقتل في معاركها وسلبهم حق الحياة.
وفي واحدة من انتهاكات الحوثيين بحق اليمنيين أقدمت المليشيات على تعقيد الأزمة الإنسانية في المحافظات التي تسيطر عليها من خلال احتجازها العشرات من الناقلات التجارية عند مداخل مدينة ذمار وسط اليمن لفرض الجبايات والأموال كإتاوات على التجار والمستوردين للمواد والسلع الغذائية.
كاميرا بوابة العين رصدت مشهد الانتهاك الإنساني الذي تمارسه المليشيات في مدينة ذمار على طوابير الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والبضائع وحتى المواد والمساعدات الإغاثية التي تتعرض للنهب والسلب وعدم وصولها إلى مستحقيها القادمة من ميناء عدن (جنوبي البلاد) ومنفذ الوديعة البري الحدودي مع السعودية بمحافظة حضرموت (جنوب شرق البلاد) حيث استحدثت المليشيات الانقلابية مكتب تخليص جمركي للواردات والسلع الاستهلاكية رغم أن مستورديها قد دفعوا رسوما جمركية في المنافذ والموانئ الرئيسية للبلاد بهدف جني أكبر قدر من الموارد المالية
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة الحوثية غير المسؤولة تعمل على رفع أسعار السلع في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم ويؤكدون أن المليشيات الانقلابية عمدت إلى هذه الخطوة لجني أكبر قدر ممكن من إيرادات الدولة ونهبها وخلق مزيد من التأزم الإنساني.
ويؤكد تجار ورجال أعمال يمنيون أن مليشيات الحوثي في مدينة ذمار تحتجز العشرات من الشاحنات التي تحمل بضائع ومواد غذائية معرضة للتلف في حال استمر احتجازها عبر ميناء عدن ومنفذ الوديعة البري.
وقال التجار إن المليشيا طلبت رسوما جمركية أخرى غير التي دُفعت في ميناء عدن ومنفذ الوديعة حيث تمارس قيادات حوثية ابتزازا منظما للتجار باسم الجمارك .
ويشكو تجار صنعاء من قيام الحوثيين بفرض رسوم جمركية إضافية على شحناتهم القادمة من مناطق الحكومة الشرعية والتي يتم دفع رسوم جمركية عليها تصل إلى 52% بعد استقطاع نسبة الإعفاء ما مهد الطريق أمام موجة غلاء تزداد حدتها مع هبوط قيمة العملة المحلية لمستويات قياسية في بلد يعيش على الاستيراد.
ويشير التجار إلى أنهم يتعرضون لهذه الابتزازات حتى عندما كانت تصل بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وأن الكثير من الحاويات يقومون بالإفراج عنها مقابل مبالغ طائلة، وهناك حاويات تحمل دجاجا ومواد غذائية يتم احتجازها لأسابيع مما يعرضها للتلف.
إتاوات حتى على الإغاثات.
لم تكتف مليشيات الحوثي من احتجاز السلع والمواد الغذائية وحتى الإغاثية بل امتدت حتى لتوقيف عاملين بمجال الإغاثة في هيئات دولية، في إطار سياستها الممنهجة للابتزاز وممارسة جرائمها الإنسانية بحق الشعب اليمني.
وفي إطار نهجها المستمر في النهب والاستيلاء على المواد الغذائية والإغاثية للمواطنين اليمنيين كانت مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية عملت على نهب أكثر من 63 باخرة إغاثية من ميناء الحديدة غربي اليمن.
واستولت على أكثر من 233 قافلة مساعدات في عدد من محافظات البلاد لاستخدامها "لصالح ما يسمى المجهود الحربي وبيعها في السوق السوداء حسب تصريحات للحكومة اليمنية الشرعية".
وتشكو المنظمات الإنسانية من عدم قدرتها على الوصول إلى من يحتاجون إلى مساعدات ملحة، وتقول الأمم المتحدة إن ملايين الأشخاص يواجهون خطر المجاعة في اليمن والذين تمنع المليشيات الانقلابية وصول المواد الغذائية الإغاثية إليهم إلا في حال تدخل المانحين الدوليين ودعت إلى جمع 2.1 مليار دولار من أجل مساعدة اليمن إنسانيا.
وهناك خطوات تجريها الحكومة اليمنية الشرعية ودول التحالف العربي أبلغت بها المنظمات الأممية في استخدام موانئ بديلة ومنها ميناءا عدن والمخا والمكلا بحضرموت والحدود والمنافذ البرية مع المملكة العربية السعودية لإيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
ميناء الحديدة بقرة الحوثيين الحلوب
في الحديدة الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين والتي يصل عبر مينائها مد المساعدات والسفن المحملة بالإغاثات الغذائية والدوائية ولم تنقطع منها؛ بدأت بوادر مجاعة حقيقية تظهر؛ حيث بات السكان عاجزين عن توفير الطعام والماء ويعيشون من دون كهرباء بعد توقف الخدمات الأساسية، مما يثير التساؤلات عن مصير تلك المساعدات ولماذا لم تصل إلى سكان المحافظة التي من مينائها تأتي الإغاثات.
يقول ناشطون إن مستشفيات الحديدة تستقبل في حدود 80 حالة سوء تغذية يوميا على الأقل أغلبها من المناطق الريفية التابعة للمحافظة بل إن تفاقم الأوضاع وصل إلى داخل المحافظة ذاتها التي أصبحت أحياؤها تعج بالفقراء ويدخل يومياً الكثير من أصحاب الدخل المحدود دائرة الفقر المدقع مع فقدانهم مصادر دخلهم.
ويضيف الناشط الإنساني والحقوقي "جمال حجري" لبوابة العين أن المليشيات الحوثية تنهب المساعدات الإنسانية ويحاول سكان الحديدة وبمبادرات يطلقها ناشطون بحملات شعبية لجمع التبرعات والغذاء والدواء للأشخاص الذين يعانون سوء التغذية والمهددين بالموت جوعا، لكن هذه المبادرات تتعرض للابتزاز والمضايقات من قبل الحوثيين الذين يمنعون إقامة مثل هذه الأنشطة الإنسانية ويجبرون تجار وأصحاب محلات في الحديدة على دفع مبالغ اتاوات بالقوة، وهو مادفع بالكثيرين لإغلاق محلاتهم أو إيقاف نشاطهم التجاري والهجرة خارج البلاد.
نهج الانقلاب للإفقار
بدءا من استيلائهم على الخزينة العامة عمل الحوثيون على نهب كل مقدرات البلاد وتسخيرها للعمليات القتالية الخاصة بميليشياتهم الإجرامية على الرغم من أن اليمن بأكمله يواجه الآثار المترتبة على الحرب الظالمة والانقلاب على الشرعية إلا أن الأسر الأشد فقراً والنازحين داخلياً والعمالة غير المدربة هم الأكثر تضرراً.
وكشف الناشط الاجتماعي "عبدالفتاح النهاري" أنه منذ سيطرة الحوثيين وصالح على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014 عملت مليشيات الانقلاب على نهب واستنزاف أموال البنك المركزي والخزينة العامة خصوصاً المتعلقة بتغطية فاتورة استيراد واردات البلاد من الغذاء والمشتقات النفطية بدعوى دعم المجهود الحربي، وكانت هذه المبالغ مخصصة لاستيراد الغذاء والمحروقات وهو ما وضع البلاد أمام الهاوية وكارثة المجاعة.
وفي حديث لبوابة العين الإخبارية، قال الخبير الاقتصادي ورئيس مركز الإعلام الاقتصادي "مصطفى نصر" إنه "بات واضحاً أن البنك المركزي الذي كان في صنعاء تحت الحوثيين وصل إلى مرحلة العجز عن تغطية فاتورة استيراد المواد الغذائية من الخارج، وحتى قبل ذلك فإن الناس وصلوا إلى مرحلة العجز عن شراء الغذاء بسبب توقف مصادر الدخل وتدني القدرة الشرائية".
وأوضح أن ملايين من السكان بدأت مدخراتهم في النفاد، وبات مؤكداً أنهم لن يتمكنوا من توفير الأساسيات اللازمة من الغذاء لتلبية احتياجاتهم في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية.
وقال "مصطفى نصر" إن "السحوبات النقدية من قبل الحوثيين من خزائن البنك المركزي في صنعاء والحديدة بلغت نحو 581 مليار ريال (2.3 مليار دولار) من المناطق الخاضعة لسيطرتها تحت مسميات مختلفة إضافة إلى أكثر من 400 مليار ريال (1.6 مليار دولار) ضرائب نفط خلال 2016 أدت إلى حرمان مايقارب المليون ونصف المليون من موظفي الدولة من تسلّم مرتباتهم".
وأضاف أن ما قام به الحوثيون بتخصيص مبلغ 25 مليار ريال يمني شهرياً أي ما يعادل 100 مليون دولار أميركي شهريا من البنك المركزي بصنعاء والذي تسيطر عليه المليشيات قبل قرار نقله اإى عدن لدعم مجهودهم الحربي والمضاربة على العملة في سوق الصرف الأجنبي والاحتفاظ بجزء منه في خزائنهم الخاصة في صعدة وغيرها؛ أدى ذلك إلى انخفاض خطير في دخل السكان فضلاً عن صعوبة الحصول على المواد الغذائية الأساسية التي انعدمت وارتفعت في أسعارها جراء الإجراءات التي اتخذتها المليشيات في حصار المناطق التي تسيطر عليها ونهبها المساعدات والإغاثات المتدفقة عبر العديد من المنافذ البرية والبحرية.
الأرياف أكثر عرضة للمجاعة..
وتظهر الأزمة الغذائية بشكل كبير في الأرياف التي يعاني سكانها صعوبة الحصول على المواد الغذائية في ظل حصار الحوثيين على الحركة التجارية وممارسة الجباية من التجار وفتح مكاتب لفرض الإتاوات مما يزيد في غلاء أسعارها في ظل ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن اليمني الذي حرمته المليشيات حتى من راتبه منذ أكثر من 8 أشهر.
وقال الخبير الاقتصادي مصطفى نصر إن أزمة الغذاء بدأت في الظهور بشكل كبير في أرياف اليمن حيث عقد الحوثيون من معانة السكان في صعوبة توفير المواد الغذائية مما تسبب في تفاقم حالة الاحتياج والفقر لدى المواطنين وتمعنوا في محاصرة أبناء المحافظات الواقعة تحت سيطرتها اليوم وتصوير ذلك أنه نتاج ما يدعون أنه حصار التحالف العربي والشرعية اليمنية لهم.
وأضاف نصر أنه في ظل ممارسات المليشيات وحربها في كل الاتجاهات عسكريا واقتصاديا ضد الشعب اليمني يعاني اليمن ترديا اقتصاديا واجتماعياً وبات الفقر يلاحق أغلب سكانه في وقت يتفاقم فيه الغلاء وشح السلع في الأسواق.
وأعلنت منظمات أممية أن ما يقارب من 17 مليون يمني بحاجة عاجلة إلى الغذاء فيما يعاني ما يقرب من 1.5 مليون ونصف المليون طفل من سوء التغذية ويوجدون في إطار 9 محافظات يمنية تمر الآن بمرحلة حرجة من الطوارئ الغذائية وأنها على بعد خطوة واحدة فقط من إعلان المجاعة فيها بما في ذلك مدينة تعز المحاصرة من المليشيات ومحافظة الحديدة وحجة وصعدة مسقط رأس زعيم المتمردين الحوثيين وكلها تقبع تحت سيطرة الانقلابيين.