جسر بين الصين وتايوان.. رياح السلام تصطدم بـ"حصان طروادة"
مع غروب الشمس فوق جزر كينمن في تايوان تتألق أضواء النيون على البر الرئيسي للصين الواقع على مسافة مسافة 2.5 ميل فقط.
موقع شديد الصعوبة لجزر كينمن يجعلها نقطة المواجهة الأولى في أي حرب محتملة بين الصين وتايوان، لكن قد يخلق منها أيضا جسر سلام يدشن مرحلة تعاون قد تقضي على جذور النزاع.
إذ ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية أن كينمن تعد هدفا قريبا وسهلا للقوات الصينية، وتعرضت للقصف بما يقدر بمليون قذيفة مدفعية في السنوات التي تلت الحرب الأهلية الصينية في 1950.
أسطول صيني يعبر "الخط الأوسط".. ماذا يحدث في مضيق تايوان؟
ورغم مرور عقود، لا تزال الحواجز والمواقع العسكرية القديمة والملاجئ التي لا حصر لها تميز جزر كينمن، وتحولها إلى خط دفاع جاهز لـ"غزو لم يحدث قط، أو على الأقل غزو لم يأت بعد".
ورغم انتهاء القتال النشط في كينمن عام 1979 لا تزال بكين تقول إن تايوان جزء من أراضيها، ووجهت مؤخرًا تهديدات متزايدة تجاه تايبيه.
ونتيجة لذلك، يرى كثيرون أن احتمال عودة الحرب إلى هذه الأراضي أكبر الآن مما كان عليه منذ عقود، وفق الشبكة الأمريكية.
وقالت "سي إن إن" إنه إذا هاجمت الصين تايوان قد تكون كينمن نقطة تركيز مبكرة لجيش التحرير الشعبي، إذ تقع على بعد مئات الأميال من العاصمة التايوانية تايبيه، ولكن على مسافة قليلة فقط من مدينة شيامن الصينية.
"جزيرة السلام"
وبعيدا عن التوتر وخطوط الدفاع، يفكر البعض حاليا في إمكانية إنشاء جسر بين كينمن والبر الصيني، وهو جزء من مقترح أوسع نطاقا، كشف عنه في وقت سابق من العام الجاري، تحالف من أعضاء في المجالس المحلية.
وينص المقترح على تحويل كينمن إلى منطقة منزوعة السلاح (DMZ)، أو ما يسمى "جزيرة سلام".
ويشمل الاقتراح إبعاد جميع القوات التايوانية وإزالة المنشآت العسكرية من الجزيرة وتحويل كينمن إلى مكان لإجراء محادثات بين بكين وتايبيه بهدف "تهدئة التوترات".
ويعتبر الجسر، الذي سيمتد بين كينمن وشيامن الصينية، وسيلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية، وفق المقترح.
ودعم بعض ساسة المعارضة في تايوان، المقترح المثير للجدل، ومن بينهم عمدة مدينة تايبيه السابق والمرشح للرئاسة كو وين جي، لكنه لم يلق اهتماما كبيرا من الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، وتجاهله مكتب رئاسة تايوان والجيش.
ورفض مجلس شؤون البر الرئيسي الذي يشرف على سياسة تايوان بشأن الصين، بشدة فكرة الجسر بوصفه "حصان طروادة يحمل مخاطر هائلة على الأمن القومي".
من جانبه، قال هو تشيه وي، النائب من الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم: "كما رأينا جميعا من الحرب الروسية الأوكرانية الحالية، تمكنت روسيا من التوجه مباشرة إلى الأراضي الأوكرانية لأن كلا البلدين مرتبطان برا".
وأضاف: "إذا تم بناء مثل هذا الجسر، ستحدث عدة مخاطر".
وخلال زيارة أجرتها "سي إن إن" مؤخرا إلى كينمن استشهد كثير من سكان الجزيرة الأكبر سنا بالذكريات الأليمة وأبدوا الرغبة في سلام طويل الأمد والازدهار كأسباب للنظر في نهج جديد للعلاقات مع الصين.
وقال يانغ شين هسين، صاحب مقهى يبلغ من العمر 68 عامًا: "لقد اختبرنا ما كان عليه الحال عندما اندلعت الحرب في الماضي، ولا نريد أن يحدث ذلك مرة أخرى".
وأضافت يانغ بي لينغ (75 عامًا)، صاحبة متجر للهدايا التذكارية: "كان علينا أن نعيش حياة صعبة للغاية في الماضي. لم نتمكن من تناول الطعام جيدا، ولم نرتد ملابس جيدة. يسعدنا أننا تركنا هذا العهد خلفنا".