أفغانستان نحو "عصر مظلم".. طالبان تعيد عهدها الوحشي
لم تتمكن حتى أكثر التكهنات تشاؤمية بشأن انسحاب "الناتو" من أفغانستان في التنبؤ بسرعة وحجم سيطرة حركة طالبان أو انهيار الجيش الأفغاني.
ومنذ بدأت القوات الدولية الانسحاب من أفغانستان مطلع مايو/أيار الماضي، استولى مسلحو طالبان على نحو ربع مناطق البلاد ودخلوا إلى العديد من عواصم الأقاليم.
وفي نصف المناطق التي سيطرت عليها، لم يتراجع أي شيء أسرع من حقوق النساء والفتيات والحريات.
وبالرغم من الوعود بأن الحياة ستتواصل كما كانت من قبل، تحركت طالبان بسرعة لإعادة فرض القيود الصارمة لنظامهم الثيوقراطي القمعي، الذي يجبر الأرامل والمراهقات على الزواج من مسلحيها، والبقاء في المنازل.
العصر المظلم
ووفق صحيفة "التايمز" البريطانية فإنه لم تمض سوى بضع أيام فقط على اجتياح طالبان لولاية جوزجان شمالي أفغانستان حتى عادت إلى "العصر المظلم" لحكمهم.
وطافت عناصر الحركة في الشوارع على متن دراجات نارية وشاحنات موضوع عليها مكبرات صوت لإعلان ما أسموها "الإمارة الإسلامية" وقواعدها الجديدة، وتلقى الرجال أوامر بالذهاب إلى المساجد للصلاة، والنساء للبقاء في المنازل.
وقالت رؤيا سوجود (26 عامًا)، من جوزجان: "منعت طالبان النساء من الخروج بدون ارتداء النقاب ورجل مرافق. ومنعوا الموسيقى ووجهوا بأنه لا يجب على الرجال حلق ذقونهم. يطلبون من العائلات إعطاء بناتهم للقادة للزواج منهن".
وبالنسبة للأفغان الكبار في السن الذين يتذكرون النظام الوحشي لطالبان في التسعينيات، هناك معرفة كئيبة بالقيود التي تفرضها الحركة.
ورغم مزاعم طالبان بأن الحياة ستستمر كما هي، والادعاء بأن حقوق النساء والأقليات الدينية، والصحافة الحرة سيتم الحفاظ عليها. لكن الآلاف الذين تمكنوا من الهروب يقصون روايات مختلفة.
وأضافت سوجود: "نحن في العهد الوحشي لطالبان مجددًا. أولئك ممن يدعون أن طالبان تغيرت، أدعوهم لأن يأتوا ويشاهدوا جوزجان وأجزاء أخرى من البلاد حيث يمنعون النساء من العمل والخروج. إجبار الناس على تزويج بناتهم، عادت سياساتهم (القديمة). نعيش في العصر المظلم مرة أخرى".
وخرجت تقارير مشابهة من شتى أنحاء أفغانستان، ففي المحافظات الشمالية، حيث سيطرت الحركة على المعابر الحدودية إلى إيران وتركمنستان وطاجيكستان خلال الأيام الأخيرة.
وقال سكان محليون لـ"التايمز" إن العقوبات القاسية، التي تتضمن الضرب، يتم تطبيقها بالفعل على من يخالفون القواعد.
ويتم تطبيق حظر تجول ليلي، ومنع السكان من ارتداء الملابس ذات الألوان الحمراء والخضراء، التي تمثل ألوان العلم الأفغاني.
قلق صيني
في سياق متصل، تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن تحذيرات صينية من تحمل واشنطن الآن لمسؤولية النهاية المتسرعة لحربها في أفغانستان التي استمرت عقدين زمنيين.
وقالت الصحيفة، خلال تقرير لها، إن الحكومة الصينية نادرًا ما تضيع فرصة لاتهام الولايات المتحدة بالمغامرة العسكرية والهيمنة حول العالم، لكنها غيرت لهجتها فيما يتعلق بأفغانستان.
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي، قال خلال منتدى في بكين هذا الشهر: "يجب على الولايات المتحدة، التي خلقت المسألة الأفغانية في المقام الأول، أن تتصرف بمسؤولية لضمان انتقال سلس في أفغانستان. لا يجب أن تنقل ببساطة العبء إلى الآخرين وتنسحب من البلاد تاركة فوضى وراءها دون معالجة".
وفي حين لم تطلب الصين من الرئيس جو بايدن التراجع عن الانسحاب العسكري الذي أمر به، أوضحت تصريحات كبار المسؤولين أنهم سيلقون باللوم على الولايات المتحدة في أي حالة لانعدام الأمن بالمنطقة.
وتحدث الرئيس الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، عن مخاوفهما بشأن الانسحاب خلال مكالمة هاتفية نهاية يونيو/حزيران، مشيرين إلى "الوضع الأمني المعقد والخطير بشكل متزايد".
وأدى انفجار وتحطم سيارة، الذي راح ضحيته تسعة عمال صينيين في باكستان، الأربعاء، إلى إثارة مخاوف بكين من عدم الاستقرار الإقليمية في أعقاب الانسحاب العسكري الأمريكي النهائي من أفغانستان، والفوضى التي تنتشر الآن في شتى أنحاء البلاد.
وسرعان ما وصفت الصين الانفجار بالعمل الإرهابي. لكن وصفته باكستان لاحقًا بالحادث، وظلت التفاصيل غامضة.
ومع تبقي وحدة عسكرية فقط لحماية السفارة الأمريكية في كابول، عمدت طالبان بشكل مطرد لتوسيع سيطرتهم السياسية مع انهيار قوات الحكومة الأفغانية أو تراجعها.
وفي حين لا تشكل هذه المنطقة الضيفة تهديدا أمنيا مباشرًا بشكل كبير، تخشى الصين أن انهيار النظام في أفغانستان قد يمتد إلى الدول المجاورة، ومن بينها طاجيكستان، وكازاخستان، وباكستان.
aXA6IDE4LjE4OC4yMjcuMTA4IA== جزيرة ام اند امز