طارق السويدان وتطبيع تركيا وإسرائيل.. انتهازية المواقف
مواقفه تباع وتشترى على قارعة المزايدات السياسية وآراؤه تتراقص على حبال ازدواجية تراكم إرث سنوات من التيه في بحر التناقضات.
الكويتي طارق السويدان، أحد الوجوه الإخوانية في الخليج العربي، يثير الجدل هذه المرة بصمت بدا مثيرا للجدل حيال إعلان تطبيع العلاقات بين إسرائيل وتركيا.
تناقض جدد الاتهامات لتنظيم اتسمت مواقفه بالانتهازية والتناقض والمزاجية، وطوع خطابه الأيديولوجي بحسب الأهواء وبما يخدم أجندة تنظيمه الخبيثة.
والأربعاء الماضي، أعلنت إسرائيل وتركيا عودة التطبيع الكامل للعلاقات بينهما، وعودة سفراء البلدين إثر اتصال هاتفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
الصمت موقف
وفيما دأب السويدان على مهاجمة وتخوين أي دولة عربية تبرم اتفاق سلام مع إسرائيل، لاذ هذه المرة بصمت مطبق، وغاب عن زحمة ردود الأفعال، في تخلف لم يفاجئ الكثيرين مع ذلك، بل شكل في حد ذاته موقفا متلونا عاجزا عن القفز من لسانه والتجسد في كلمات يدرك جيدا أنها ستلفحه وبالا وسخرية.
وأثار صمت السويدان تساؤلات عبر مواقع التواصل، في منشورات استغربت التضارب الواضح من مواقف الرجل بين الأمس واليوم.
المغرد أحمد الرباعي كتب يقول عبر تويتر، إن "طارق_السويدان الذي يُنادي بمقاطعة الحكومات والشركات المُطبعة مع إسرائيل نجده اليوم يصمت أمام تطبيع #تركيا مع #إسرائيل!".
وأضاف أن "القضية الفلسطينية في قاموس تنظيم الإخوان هي دعاية شفوية وورقة سياسية يتم استخدامها لكسب التعاطف وسرقة التبرعات لتمويل مشاريعهم التخريبية ومخططاتهم الخبيثة".
صمت أراد به السويدان النجاة بتنظيمه من حمم الوقوع في مواجهة مع النظام التركي الذي كان يوما ما حاضنة له وملاذا لعناصره الفارة من بلدانها، وتجنب صدام قد يقفل أبواب تركيا بوجهه إلى الأبد.
اختار السويدان الصمت في توجه لا يعتبر غريبا على تنظيم إرهابي فضحت تناقضاته متاجرته بالقضية الفلسطينية من أجل مصالحه وأجندته الخبيثة في الشرق الأوسط.
نشطاء بمواقع التواصل استشهدوا في تغريداتهم بمقاطع فيديو للسويدان وانتقاده التطبيع سابقا، متسائلين عما سيكون موقفه من عودة العلاقات التركية الإسرائيلية رسميا.
جدل وسخرية
حساب آخر حمل اسم "ملفات كريستوف ﮼١٧٢٧م"، كتب يقول: "تساؤلات متداولة حول عضو جماعة الإخوان طارق السويدان، الذي أزبد وأرعد ضد الإمارات والبحرين ومصر، وطالب بمقاطعة الشركات، لكن بعد إعلان تطبيع تركيا، آثر الصمت والتبرير، لاسيما وأنه قال يومًا عن الرئيس أردوغان بأنه "عمر بن عبدالعزيز“ هذا العصر وأنه "في كل يوم سيحيي سنة ويميت بدعة“.
فيما كتب حساب آخر يتساءل: "هل سينطبق هذا الكلام على #تركيا..؟؟؟ هل سيشمل #التطبيع بين تركيا_وإسرائيل أم أنه للعرب فقط؟"، في إشارة إلى دعوة السويدان سابقا إلى مقاطعة الشركات المطبعة مع إسرائيل.
وفجر السويدان الجدل والسخرية، في مارس/ آذار الماضي، عقب تصريحات أدلى بها أكد فيها أنه "ليس مع الثورات".
وحينها، قال في مقابلة إذاعية: "مع موجات الربيع العربي (موجة احتجاجات 2011 بدول عربية) ومع كثرة الصخب الذي كان فيها، الكثير من آرائنا لم تصل للناس بشكل واضح وخاصة في ظل أننا كنا محاربين إعلاميا من أن نوصل رأينا..".
وأضاف: "أنا أقولها بوضوح، لست مع الثورات، أنا أعتقد أن الثورات تؤدي إلى خراب وتؤدي إلى تدمير تؤدي إلى مصائب للشعوب وبعد أي ثورة تمر الشعوب في المتوسط بـ13 سنة من عدم الاستقرار وهذا المتوسط بعض الدول أكثر وبعض الدول أقل.. ".
وتابع: "بعض الناس كان يتصور أنني مع الثورات، لا نحن لسنا مع الثورات، نحن مع كرامة الشعوب مع حرية الشعوب مع احترامها مع حقوقها، الآن هذه الثورات حدثت وأنا ليس لي دور في صنعها وليس لي دور في دعمها ماليا أو بسلاح، ليس لي أي دور فيها لم أدخل في هذا إطلاقا.. ".
شعارات وتجارة
حين أعلنت دول عربية، مثل الإمارات والبحرين والمغرب، تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، انتفضت كتائب الإخوان الالكترونية في كل شبر من المعمورة، تكيل الاتهامات جزافا وتحاول إثارة النعرات الدينية والطائفية، وركبت جميع الحبال تتراقص عليهم بغية تفجير الفتنة وتأليب الشعوب على أنظمتها.
لم تهدأ لجان الإخوان عبر منصات التواصل، وخرجت قياداتها تزامنا وتباعا يتزاحمون للإدلاء بمواقفهم، طمعا في بعض الأضواء والكثير من الصخب والفوضى، لإعادة سيناريو المتاجرة بالقضية الفلسطينية.
تدوينات محرضة على الأنظمة العربية، تخللها عبارات مشوبة بإسقاطات عن تخلي الدول العربية عن القضية، حدث ذلك في وقت كانت تجري فيه جهود الوساطة العربية على قدم وساق جنبا إلى جنب لتقديم الدعم الجسدي والمعنوي لجرحى غزة، وفي وقت ضمدت فيه دولة الإمارات جراح الفلسطينيين بوقف الضم الإسرائيلي لأراضيهم، بموجب اتفاق السلام.
حرب ضروس استمرت لأسابيع، استعرض خلالها التنظيم الإرهابي جميع محاولات التفرقة بين الشعوب، فيما وقف العالم يرقب بسخرية مواقف لم تخرج عن دائرة أجندة خبيثة لم تكن فلسطين يوما على لائحتها.
فتاريخ المتاجرة الإخوانية بالقضية الفلسطينية، المُتوارية خلف الشعارات الدينية، يعود إلى الأدبيات الفكرية للتنظيم، والتي وضعها مؤسسه حسن البنا وسيد قطب منظرها الأبرز لشرعنة تأسيس التنظيمات الإرهابية.
لم تكن تلك الحرب الشعواء الجوفاء التي افتعلها الإخوان سابقا على دول اختارت طريق السلام غريبة، كما لم يكن صمت السويدان حين تعلق الأمر بتركيا مفاجئا، فالحيثيات أكثر من أن يتسع المجال لاستعراضها، تكشف حقيقة تنظيم انتهازي لم يقدم لفلسطين سوى الشعارات الملغومة بأهدافه المسمومة.
فكل ما أراده التنظيم من فلسطين على مدار التاريخ، بوابة للعودة للمشهد السياسي على أكتاف القضية، واستخدامها كمدخل لإثارة التوترات والفوضى بالمنطقة العربي، وضرب الأنظمة التي تحارب الأصولية والتطرف والإرهاب، وتكرس السلام والاستقرار.
وكما كانت تصريحاتهم مشحونة رياء، كذلك صمتهم، لأنه حين يتعلق الأمر بالإخوان فإنه لا شيء بإمكانه أن يكون صادقا، وحتى الصمت يأتي من عندهم مدويا وملوثا.