معلمة فلسطينية تنجو من مصير إسراء غريب في غزة
الإعلامية الفلسطينية إسراء البحيصي كشفت عبر" فيسبوك"، عن وقائع تعرض معلمة في إحدى مدارس غزة للضرب والسحل والخطف
كاد قطاع غزة أن يشهد حادثة مماثلة لمقتل الفتاة إسراء غريب على أيدي ذويها في بيت لحم جنوب الضفة الغربية، والتي أثارت غضبا في فلسطين وخارجها، حيث تعرضت معلمة لمحاولة خطف واعتداء من ذويها في قطاع غزة قبل تدخل الشرطة لحمايتها.
وكشفت الإعلامية الفلسطينية إسراء البحيصي، السبت، عبر صفحتها على موقع" فيسبوك"، نقلا عن ابنتها التي تدرس في إحدى مدارس غزة، وقائع تعرض المعلمة لمحاولة الخطف.
اختطفت من ساحة المدرسة
وقالت البحيصي: إن ابنتها وزميلاتها فوجئن بسيارة تقف في منتصف المدرسة (تتبع الأونروا بغزة)، وترجل منها 3 رجال اعتدوا على المعلمة خلال عملها التعليمي في المدرسة.
وذكرت أن رجلا كبير السن كان من بينهم ضرب الفتاة بـ"عكازه في خاصرتها" بينما الآخر انهال عليها بالضرب وسحلها حتى أدخلوها السيارة واختطفوها، ولفتت إلى أن ابنتها كانت تشرح ما رأت وهي منهارة من البكاء والخوف ينهش قلبها نظرًا للمشهد المروع، الذي شاهدته برفقة زميلاتها، ما تسبب ببث حالة من الرعب بين الطالبات والمعلمات على حد سواء.
وبفضل المتابعة السريعة مع الشرطة التي يوجد لها مقر قرب المدرسة، تم إنقاذ المعلمة التي تبين أن من اعتدى عليها وخطفها هم: والدها وشقيقها وخالها.
الشرطة تلاحق الجناة
وقال المُتحدث باسم الشرطة في غزة، أيمن البطنيجي: "تلقينا بلاغاً من مسؤول في (أونروا) في منطقة غرب غزة، بوقوع حادثة خطف مُعلمة داخل أسوار المدرسة".
وأشار إلى أن سيارة شرطة لاحقت الجُناة، حتى أمسكت بهم على أحد الحواجز، وألقت القبض عليهم، وحررت الفتاة التي كانت مُقيدة.
وطالب البطنيجي النيابة العامة بتغليظ العقوبة على كل من يُحاول إنفاذ القانون بيده متجاهلا السلطات، مستدركا أنه في حالة المُعلمة لا يوجد لدى أسرتها أي حق فيما فعلوه، فهي سيدة مُطلقة، وعائلتها تُحاول إرغامها على الرجوع للزوج.
وتعود أزمة المعلمة (ن.م) بغزة، التي فضلت الجهات المختلفة عدم الكشف عن اسمها إلى شكوى تقدمت بها ضد زوجها الذي كان يُعذبها جسدياً ونفسياً، ففرقت المحكمة بينهما، وحكمت لصالحها بالطلاق، لكن عائلتها تريد إعادتها لزوجها بالقوة، فلجأت إلى بيت الأمان للرعاية الاجتماعية للنساء (مكان حكومي مخصص للنساء المعنفات).
بداية القصة
ووفق مؤسسة بيت الأمان، التي أحضرت طبيبةً لفحص المعلمة، تبين أنها تعاني من إصابات خطيرة في الرأس والبطن وكدمات في كافة أنحاء الجسد.
وقالت مديرة بيت الأمان، هنادي سكيك، إن المُعلمة جاءت قبل الحادثة، ومكثت ببيت الأمان 8 أشهر قبل أن تُغادره، لتسكن مع سيدة في شقة بالإيجار.
وأوضحت سكيك: "بدأت مُشكلتها حين طلبت الطلاق من رجل يُمارس عليها أشد أنواع العذاب النفسي والجسدي لـ10 سنوات، فقررت أن تنتفض لنفسها وترفض الاضطهاد والظُلم الذي تعيشه، لكنه طلب منها أموالاً طائلة مُقابل الطلاق".
وتابعت: "رضخت المعلمة المغلوبة على أمرها لمطلبه وأعطته مبلغاً كبيراً، ففوجئت به يسخر منها ويُخبرها كم من السهل أن يتم استغفالها، وأنه لن يمنحها الطلاق، وكان يُعذبها بأساليب فظيعة، فكان يبصق عليها أثناء نومها، ويصرخ في أذنها بأعلى صوته أثناء استغراقها في النوم، ويضع رأسها في المرحاض، ويسحب سيفون المرحاض عليها، عدا التعذيب الجسدي".
وأكدت أن المُعلمة التي لديها 3 أطفال مع والدهم، حصلت على الطلاق أثناء وجودها في بيت الأمان، وأشارت إلى أن والدها ضد الطلاق، لعُقدة تعود منذ طفولتها، فهو لديه ابن واحد فقط، وكان يريد المزيد من الذكور، لكنه رُزق بالمُعلمة (ن. م)، فأصبح ينقم عليها منذ الطفولة".
وأضافت: "كانت السيدة غاية في الأدب والأخلاق، مكثت لدينا 8 أشهر، ولم يصدر منها أي شيء غير جيد، بل أطلقت عليها وصف أنها أروع حالة احتضنها بيت الأمان".
السلطة الذكورية
الباحثة الحقوقية، ماجدة شاهين، تابعت قضية المعلمة وقالت لـ"العين الإخبارية": "كنا قريبين جدا من تكرار حادثة إسراء غريب في غزة"، وقالت: "المعلمة تمثل إسراء غريب غزة".
وأوضحت أنه لولا قرب مدرستها من مركز شرطة العباس غرب غزة لتحولت الأمور لأسوأ مما نتصور، وكان طلاب المدرسة في حالة هياج عندما شاهدوا معلمتهم تضرب وتخطف بقوة أمامهم، وهذا الهياج ستبقى آثاره ماثلة".
وقالت: "حالتان خلال أقل من 14 يوما، إسراء بالضفة والمعلمة بغزة، بالإضافة لحالات لا نعلمها لأنها بعيدة عن الإعلام تعطي مؤشرات خطيرة جدا حول التعامل الذكوري مع المرأة".
وترجع شاهين ذلك إلى ما قالت إنه منظومة قديمة تعلو فيها السلطة الأبوية وتمارس الذكورية من الأب والزوج والابن على المرأة بتأثير من العادات والتقاليد، التي ترى في المرأة الضلع الأعوج، وتستحق مصادرة كل حقوقها حتى لو كانت مربية أجيال.
وأشارت إلى أنها قابلت المعلمة في بيت الأمان، لكنها لا تزال مرعوبة جدا وتشعر بعدم الأمان حتى وهي داخل جدران المؤسسة، التي تتوقع أن يقتحمها أهلها ويختطفونها بالقوة.
وتابعت أن المشكلة تكمن في أن القضايا المتعلقة بالمرأة تحل عشائريا بشكل مخل بحيث يتنازل الرجل عن قضية المرأة وكثير من قضايا المرأة تحل عشائريا تحت مظلة العيب.
وشددت على احتياج الوضع لنهضة في الوعي المجتمعي وتغيير في الخطاب الديني في سبيل تحقيق مصلحة المواطن والمجتمع، "خطاب ثقافي واع يخرج المرأة من الأفكار الذكورية القائمة على أنها مملوكة وتابعة وقاصرة والوصول إلى فكرة التكامل، الذي يؤسس على تعاون الرجل والمرأة وممارسة حقوق الأخيرة بحرية ودون قيود".
وأكدت أن بعض القوانين تعاني من قصور، وتشجع قوانين أخرى على قتل المرأة تحت حجة شرف العائلة، ما يبقي الانتهاكات قائمة بحق المرأة.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuNTcg جزيرة ام اند امز