الثورة التكنولوجية والحرب غير النظامية.. لماذا تتفوق الصين على أمريكا؟
مع تسارع التطور التكنولوجي ودخول الذكاء الاصطناعي المجالات العسكرية، أصبحت الحرب غير النظامية أداة تنافس بين القوى العظمى.
تسعى كل من الصين وروسيا للعب دور أكبر في هذا النوع من الحروب، من خلال دمج الابتكارات التجارية في استراتيجياتها العسكرية، في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة تحديات في استغلال إمكانيات القطاع الخاص لتعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية، وفقا لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي.
وبحسب التقرير، لم تستغل الولايات المتحدة القطاع التجاري بشكل كافٍ لتنفيذ عمليات حرب غير نظامية ضد الصين وروسيا وإيران، بسبب الحذر المفرط، والإجراءات البطيئة في التعاقدات، وضعف الفهم للتطورات التكنولوجية.
في المقابل، تستثمر الصين بشكل مكثف في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية، وتعزز قدراتها في العمليات السيبرانية والتأثيرية، مما يشكل تحديا متزايدا للمصالح الأمريكية.
وأشار التقرير إلى أن الصين تعتمد استراتيجية "الاندماج العسكري-المدني"، التي تربط قطاعيها الصناعيين العسكري والمدني لتعزيز قدراتها الدفاعية، كما تتعاون مع روسيا وإيران وكوريا الشمالية في تطوير تقنيات عسكرية واستخباراتية مزدوجة الاستخدام، مما يعقد العمليات الأمريكية حول العالم.
تشتمل استراتيجية الاندماج العسكري-المدني الصينية على ستة محاور رئيسية:
- دمج القاعدة الصناعية الدفاعية بالصناعة التجارية لخلق بنية تحتية موحدة تعزز الابتكار العسكري.
- توظيف الابتكارات التكنولوجية عبر القطاعات المدنية والعسكرية لتسريع التطوير الدفاعي.
- إعداد كوادر من الخبراء في المجالات المدنية والعسكرية لضمان تبادل المعرفة.
- تحديد متطلبات عسكرية ضمن الجهود المدنية والاستفادة من القدرات التجارية لأغراض عسكرية.
- استغلال خدمات وقدرات اللوجستيات المدنية للأغراض العسكرية، مثل أنظمة النقل والاتصالات.
- تعزيز نظام التعبئة الوطنية ليشمل جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية استعدادا للحروب المستقبلية.
كما تعمل الصين على تطوير تقنيات متقدمة تشمل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والبيولوجيا التركيبية، والطاقة الجديدة، مما يزيد من تعقيد العمليات العسكرية الأمريكية في البيئات المتنازع عليها.
وقد نشرت بكين بالفعل أنظمة مراقبة إلكترونية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز عمليات الحرب السيبرانية والتأثير المعلوماتي، بما في ذلك استخدام البيانات الضخمة والتزييف العميق.
وتعمل الصين على دمج البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي ضمن شبكة القيادة والسيطرة، والاتصالات، والاستخبارات والاستطلاع.
تعتمد استراتيجية الحرب المعلوماتية على تحقيق التفوق في المراحل المبكرة من الصراعات، حيث طوّر باحثون في جيش التحرير الشعبي أدوات ذكاء اصطناعي قائمة على نموذج Llama مفتوح المصدر من شركة Meta، لتعزيز عمليات المعلومات والدعاية.
التحديات في الفضاء والقدرات المضادة للأقمار الاصطناعية
نفذت الصين 67 عملية إطلاق فضائي في عام 2023، وهو رقم قياسي في تاريخها، لتعزز قدراتها في أنظمة الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية، والإنذار الصاروخي، والاستطلاع، والحرب الإلكترونية، إضافة إلى قدرات مضادة للأقمار الاصطناعية تشمل أنظمة التشويش والطاقة الموجهة والصواريخ المضادة للأقمار الاصطناعية.
دور القطاع التجاري في الحرب غير النظامية
خلال الحرب الباردة كان التمويل الدفاعي الأمريكي يتركّز في شركات مثل DARPA. لكن منذ أواخر 2010 تحوّل الاستثمار نحو رأس المال المغامر والأسهم الخاصة، مما أتاح فرصا كبيرة لتطوير تقنيات غير نظامية.
واستثمرت شركات مثل Microsoft وAmazon وGoogle في تطوير الفضاء، والسيبرانية، والذكاء الاصطناعي، والأنظمة المستقلة لدعم العمليات غير النظامية.
وبين عامي 2013 و2023 ارتفعت قيمة الاستثمارات في التقنيات الدفاعية من 1.9 مليار دولار إلى 35 مليار دولار، مع تركيز على الحوسبة المتقدمة، والأمن السيبراني، وتقنيات الفضاء.
يمثل القطاع التجاري الناشئ في الولايات المتحدة ودول أخرى فرصا هائلة للوكالات الحكومية الأمريكية المنخرطة في الحروب غير النظامية. وقد عززت منظمات مثل In-Q-Tel ووحدة الابتكار الدفاعي (DIU) صلة الحكومة بالقطاع التجاري، لكن لا تزال هناك عقبات كبيرة تعيق التعاون.
تقليل الخوف من المخاطر
ولا تزال هناك نزعة كبيرة في المؤسسات العسكرية والاستخباراتية لتجنب المخاطر عند التعاون مع القطاع التجاري، وغالبا ما تفرض السياسات الحكومية والقيود القانونية عراقيل تعيق الاجتماعات المباشرة مع الشركات لفهم الابتكارات الجديدة، وفي بعض الأحيان يفرض المستشارون القانونيون الحكوميون قيودا غير ضرورية على الاجتماعات أو حتى على تقديم العروض التوضيحية من قبل الشركات الخاصة.
وخلص التقرير إلى أنه لتعزيز قدراتها تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة هيكلة التعاون مع القطاع التجاري وتجاوز العقبات البيروقراطية، حيث يوفر القطاع مزايا في الابتكار والمرونة والقدرة الإنتاجية.
كما يتعين على القوات العسكرية والاستخباراتية تطوير تقنيات جديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيرة، وأنظمة الاتصالات الآمنة، لتعزيز قدرتها على مواجهة التهديدات غير النظامية بفاعلية.
aXA6IDMuMjIuMjQ5LjEzNSA= جزيرة ام اند امز