عسكرة الرئاسة بإيران.. معركة تكسير العظام بين أركان النظام
أقوى المرشحين لمنافسة الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، ينتمون إلى الحرس الثوري، الذراع العسكرية الأقوى في البلاد.
تشهد إيران صيفا ساخنا، مع تصاعد حدة الصراع المغلف بمنافسة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بين أركان النظام، وتحديدا الحرس الثوري (العسكري) والتيار السياسي بركنيه المحافظ وما يسمى "الإصلاحي".
وتستند هذه النتيجة إلى أن أقوى المرشحين لمنافسة الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني، ينتمون إلى الحرس الثوري، الذراع العسكرية الأقوى في البلاد.
ووفقا لمقال رأي للكاتب الصحفي الأمريكي بوبي جوش، نشرته وكالة "بلومبرج" للأنباء، فإن المؤشرات المبكرة للانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة، تكشف عن صعود أسهم العميد حسين دهقان وبرويز فتّاح وسعيد محمد، المنتمين إلى الحرس الثوري الإيراني.
هذه الصورة تكشف أن ثمة توجها نحو عسكرة المؤسسات السياسية، في خطوة تشير إلى تحرك الحرس الثوري نحو الصعود لواجهة الحكم.
وسبق أن شغل دهقان منصب وزير الدفاع الإيراني ويعمل حاليا مستشارا للمرشد الإيراني علي خامنئي، بينما يترأس فتاح "مؤسسة المستضعفين" التجارية التي يسيطر عليها خامنئي أيضا، ويترأس سعيد محمد مؤسسة "خاتم الأنبياء" جناح الإنشاءات والهندسة التابع للحرس الثوري.
وحتى المرشح المحتمل صاحب الفرص الضئيلة رئيس البرلمان السابق علي لاريجاني، هو أيضا كان من رجال الحرس الثوري، إلا أنه لا يُعتقد أنه قريب بصورة خاصة من النخبة الحالية كما هو الحال بالنسبة للثلاثة الآخرين.
الحاكم الفعلي
ومن شأن وصول رجل عسكري إلى منصب الرئاسة، أن يكشف عن هوية الحاكم الفعلي للبلاد، ويزيد من عدائية إيران تجاه جيرانها وأيضاً القوى الغربية، حيث تصنف الولايات المتحدة الحرس الثوري منظمة إرهابية، كما أن الكثير من كبار قادته يخضعون لعقوبات أمريكية.
الكاتب الأمريكي أكد أن الحرس الثوري يسيطر بالفعل على معظم أذرع الدولة الإيرانية، لكن بشكل غير معلن، كما أنه يتحكم في قطاعات من الاقتصاد، من بينها، أنشطة تجارية غير قانونية مثل تهريب النفط والمخدرات.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) الحالي محمد باقر قاليباف، هو الآخر قائد سابق بالقوات الجوية التابعة للحرس الثوري.
ولا تقتصر سلطة الحرس على الشؤون الداخلية، فقاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس كان المسؤول عن تسيير أمور السياسة الخارجية، قبل مقتله في ملع هذا العام.
وربما كان للرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد بعض الخبرة القتالية في حرب 1980-1988 مع العراق، لكنه كان عنصرا في المليشيا، وليس فردا نظاميا في الحرس.
وسبق أن ترشح القائد السابق للحرس الثوري الإيراني محسن رضائي للرئاسة 3 مرات، إلا أنه لم يلق الكثير من القبول لدى الناخبين. وكان الحرس قد اقترب من مقعد الرئيس عام 2013 عندما هزم روحاني قاليباف.
ويستغل خامنئي الحرس الثوري لقمع الاحتجاجات في الداخل وتهديد الأعداء في الخارج، لكنه يميل إلى تفضيل أن يتولى رجال دين الرئاسة، وكان أحمدي نجاد هو الاستثناء الوحيد للتقليد الذي يعود لعام 1981.
خامنئي والرئيس المقبل
ورغم النفوذ المتزايد للحرس الثوري الإيراني، فإن خامنئي يتمتع بالسلطة اللازمة التي تمكنه من ضمان أن تذهب الرئاسة إلى أصحاب العمائم وليس للعسكريين.
فمرشد إيران يسيطر على "مجلس صيانة الدستور" الذي يفحص طلبات الترشح للانتخابات، ويستغل هذا لضمان أن يتمكن الناخبون فقط من الاختيار من بين المرشحين الذين يراهم مناسبين.
ومع ذلك، فإن استخدام المجلس كقيد لمحاولة الحرس للوصول إلى الرئاسة سيكون أمرا أكثر صعوبة، لعدم وجود منافس واضح من بين رجال الدين.
وربما كان المرشح الأكثر ترجيحا هو إبراهيم رئيسي، الذي خسر أمام روحاني في عام 2017، وهو يترأس حاليا السلطة القضائية الإيرانية، حيث يبدو أنه تتم تهيئته لخلافة خامنئي.
ونظرا لأن رئيسي يتطلع إلى ما هو أعلى، فمن المستبعد أن تكون لديه رغبة في العودة إلى المنافسة السياسية، خاصة في ظل وجود احتمالات بأن يتلقى رفضا مهينا من جديد من جانب الناخبين.
ومن المعروف أنه يتم اختيار المرشد في إيران من جانب "مجلس الخبراء" الموالي لخامنئي، كما لا يوجد منافس واضح من بين ما يسمى التيار الإصلاحي، حيث ألقى بثقله خلف روحاني في دورتي الانتخابات السابقتين.
وتسبب فشل روحاني في تحقيق الإصلاح الذي وعد به في إلحاق الضرر بمصداقية هذا الفصيل بين المواطنين الإيرانيين.
ويظل هناك دوما احتمال أن يفوز شخص من خارج دائرة التوقعات، تماما كما حدث بالنسبة لأحمدي نجاد في انتخابات عام 2005.
ويبدو في الواقع أن نجاد حريص على الترشح مرة أخرى، ولكن من المرجح بشدة أن يستبعده مجلس صيانة الدستور كما حدث عام 2017 .
وبالنسبة لخامنئي، الذي يرى أن مواجهة إيران مع الولايات المتحدة هي بمثابة حرب في كل شيء ما عدا الاسم، فإنه ربما يريد مُحاربا في منصب الرئيس هذه المرة. ومن وجهة نظره، ربما يكون إعطاء الحرس فرصة لحماية إرثه هو أكثر الأمور منطقية.
aXA6IDMuMTQ0LjQ3LjExNSA= جزيرة ام اند امز