أوروبا تطلق سباق العملات الرقمية.. تحالف مصرفي يصدر «Quivalis» لمواجهة هيمنة الدولار
قال خبير اقتصادي أوروبي، إن إطلاق الاتحاد المصرفي الأوروبي للعملة الرقمية المدعومة باليورو خطوة استراتيجية لتعزيز السيادة المالية لأوروبا، وتقليل التبعية للدولار، ومواكبة التحولات الرقمية في النظام المالي العالمي.
في خطوة غير مسبوقة، أعلن "بي إن بي باريبا" BNP، أكبر بنك في فرنسا، انضمامه إلى اتحاد مصرفي أوروبي يضم عشرة بنوك كبرى، بهدف إصدار عملة رقمية مستقرة مدعومة باليورو تحت اسم Quivalis.
وأكد البروفيسور جون فرنسوا فور، الباحث في الاقتصاد الرقمي والتمويل الدولي والمتخصص في العملات الرقمية، لـ"العين الإخبارية"، أن "مثل هذه المبادرة لبنة أساسية في بناء بنية مالية رقمية أوروبية متكاملة، تتيح للاتحاد الأوروبي المنافسة بفعالية في الأسواق العالمية وتقليل اعتماد القارة على الدولار".
وقالت صحيفة "لا تريبين" الفرنسية إن هذه المبادرة تعكس سعي أوروبا إلى تعزيز نفوذ اليورو الرقمي في مواجهة الهيمنة العالمية للدولار، وفي الوقت نفسه مواكبة التطور المتسارع في استخدام العملات الرقمية داخل النظام المالي الحديث.
وقال جون فرنسوا فور إن "إطلاق هذه العملة المستقرة المدعومة باليورو خطوة استراتيجية بالغة الأهمية. فعلى المدى الطويل، ليس الهدف منافسة الدولار فحسب، بل بناء بنية مالية أوروبية متكاملة تدعم السيادة النقدية وتقلل من تبعية القارة لأسواق العملات الأجنبية".
ورأى فور أن المشروع يعكس وعيًا متقدمًا بضرورة مواكبة التحولات الرقمية العالمية في قطاع التمويل، ويقدم صورة واضحة عن قدرة الاتحاد الأوروبي على التحرك بشكل جماعي وفعّال.
واعتبر أن المبادرة لن تغيّر الهيمنة الفورية للدولار، لكنها تمثل حجر الأساس لليورو الرقمي المستقبلي، خصوصًا مع تزايد تبني العملات الرقمية في الأسواق المالية العالمية.
وقال الخبير الاقتصادي الفرنسي إن اتحاد البنوك الأوروبية لإطلاق عملة Quivalis يرمز إلى بداية مرحلة جديدة من التحول المالي الرقمي في أوروبا. فالمشروع يجمع بين أهداف اقتصادية وسياسية واستراتيجية، تشمل دعم اليورو في مواجهة الهيمنة الأمريكية، وتعزيز السيادة المالية الأوروبية، وتيسير استخدام العملات الرقمية في النظام المالي الحديث، بالإضافة إلى تأكيد قدرة الاتحاد الأوروبي على التعاون البنكي في الابتكار المالي.
وأشار إلى أنه مع بدء العمل المتوقع في النصف الثاني من عام 2026، ستتجه أنظار الأسواق الأوروبية والعالمية إلى هذا المشروع، الذي قد يشكل نموذجًا أوليًا لليورو الرقمي المستقبلي، ويضع أوروبا على مسار تنافس عالمي متوازن في سوق العملات الرقمية المستقرة.
بدوره، قال جان-أوليفر سيل، المدير التنفيذي الجديد للشركة المسجلة في أمستردام، والذي اكتسب خبرته من منصة Coinbase الأمريكية، إن اسم “Quivalis” جاء ليكون دوليًا وشاملًا ومحايدًا، وسهل النطق بجميع اللغات، وفق ما نقلته صحيفة "لا تريبين" الفرنسية.
ومن المقرر أن تصدر الشركة الجديدة العملة في النصف الثاني من عام 2026، بعد أن شكلت البنوك الأوروبية التسعة شركة متخصصة لإدارة المشروع، فيما تُعد "بي إن بي باريبا" الشريك الفرنسي الوحيد في هذا الاتحاد.
ويُذكر أن حجم سوق العملات المستقرة المدعومة بالدولار أكبر بـ 630 مرة من نظيره المدعوم باليورو، ما يعكس الهيمنة التاريخية للعملة الأمريكية على الأسواق الرقمية.
وافتُتح المؤتمر الذي أُعلن خلاله عن المشروع بالاقتباس الشهير لأحد آباء الاتحاد الأوروبي، جان مونيه: "السيادة تتآكل عندما تُجمد في أشكال الماضي".
ويعكس هذا الاقتباس الجوهر الاستراتيجي للمبادرة، إذ يسعى الاتحاد الأوروبي لحماية سيادته المالية الرقمية، وفي الوقت نفسه اللحاق بركب الاستخدامات الحديثة للعملات الرقمية حول العالم.
وحسب الخبراء، فإن تحدي منافسة الدولار في سوق العملات المستقرة يبدو شبه مستحيل، لكنه يمثل خطوة رمزية وعملية لدعم اعتماد اليورو الرقمي، وإظهار قدرة أوروبا على الابتكار المالي من خلال شراكة مصرفية كبرى.