الحوثيون و«لائحة الإرهاب» الأمريكية.. أثر عملي أم سياسي؟
مع استمرار هجمات الحوثيين على سفن تجارية، أدرجت الولايات المتحدة الأسبوع الحالي الحركة مجدّدًا على لائحتها للكيانات "الإرهابية".
وفي بيان، أكدت واشنطن أنها تسعى بذلك إلى ممارسة ضغوط على الحوثيين، متعهّدةً ألا يؤثّر الأمر على إيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لليمنيين.
إلا أنّ العديد من الخبراء يعربون عن قلقهم من تداعيات هذا الإجراء على أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية والغارقة في الحرب منذ 9 سنوات، وفق وكالة "فرانس برس".
ماذا يعني هذا التصنيف؟
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية حركة "أنصار الله" -التسمية الرسمية للحوثيين- "كيانًا إرهابيًا عالميًا مصنفًا تصنيفًا خاصًا"، ما يعني عمليًا تجميد الأصول التي قد تملكها الحركة في الولايات المتحدة وقطع مصادر تمويلها.
وكان الحوثيون قد أُدرجوا على القائمة نفسها مطلع عام 2021 في نهاية عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكذلك على لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، ما يمنع إجراء أي مبادلات معهم.
وندّدت -آنذاك- منظّمات الإغاثة بهذا الإجراء، معتبرةً أنه يعقّد الاستجابة للأزمة الإنسانية الحادة التي يعاني منها الشعب اليمني.
لكن بعد أسابيع، ألغت إدارة الرئيس الحالي جو بايدن هذا التصنيف استجابة لمطالبات المنظمات.
وتعهّد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأربعاء الماضي، بأنه من الآن وحتى دخول التصنيف حيّز التنفيذ في 16 فبراير/شباط، "ستجري الحكومة الأمريكية تواصلًا قويًا مع أصحاب المصلحة ومقدمي المساعدات والشركاء الذين يلعبون دورًا حاسمًا في تسهيل المساعدات الإنسانية والاستيراد التجاري للسلع الحيوية في اليمن".
كيف سيؤثر على الحوثيين؟
تحاول الولايات المتحدة من خلال تصنيف الحوثيين كيانًا "إرهابيًا"، الضغط على المليشيات التي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء (تمارس الحكومة الشرعية المعترف بيها دوليا عملها حاليا من العاصمة المؤقتة عدن)، كي توقف هجماتها على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، المنطقة الاستراتيجية التي يمرّ عبرها 12% من التجارة العالمية.
غير أن بعض الخبراء يشكّكون في فاعلية هذا الإجراء. ويقول الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية عبدالغني الإرياني، إن "العقوبات لم تنجح قط في الماضي ولن تفلح اليوم".
وترى مديرة كلية غورتن في جامعة كامبريدج، إليزابيث كيندال، أنه حتى لو كان الحوثيون "يستحقون" بالفعل هذا التصنيف "فليسوا هم من سيتحمّلون" تبعاته.
ما هي تداعياته على الشعب اليمني؟
يؤكد نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن دييغو زوريلا، أن "المنظمات الإنسانية تأمل بشدة ألا يؤثر تصنيف الإدارة الأمريكية على إيصال المساعدات إلى الشعب اليمني".
غير أنّ المنظمات غير الحكومية التي تواجه أصلًا تقليص التمويل الدولي للمساعدات في اليمن، تعرب عن قلقها إزاء عملياتها في البلد الذي يعتمد فيه ثلثا السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للعيش.
ويخشى مدير منظمة "كير إنترناشيونال"، إيمان عبداللهي، من احتمال أن تؤدي هذه العقوبة إلى "تأخير على مستوى تمويل اللوجستيات والعمليات".
ذلك أنه حتى لو مُنحت استثناءات للمنظمات الإنسانية، فإن نظام العقوبات يشمل جهات أخرى ينبغي التعامل معها مثل المصارف والتجّار، ما قد يؤدي إلى "تأجيج الأزمة الإنسانية"، بحسب قول عبداللهي.
وتوضح كيندال، أن الآلية التي اختارتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن هي بالتأكيد أكثر مرونةً من تلك السابقة، لكنّها تشمل حتمًا "معاملات أكثر ومخاطر بالنسبة للمنظمات والمستوردين، ما سيؤثّر على توصيل المنتجات وسيرفع الأسعار".
ما هي انعكاساته السياسية؟
قد يتسبب التصنيف في تعقيد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى وضع الحرب في اليمن، لكنه على ما يبدو يضع الجماعة ضمن دائرة واحدة مع تنظيمات سيئة السمعة كتنظيمي داعش وقاعدة.
واندلع النزاع في اليمن عام 2014. وسيطر الحوثيون على مناطق شاسعة في شمال البلاد أبرزها العاصمة صنعاء. في العام التالي، دخلت البلاد في حرب طويلة.
وأواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، أنّ طرفَي النزاع في اليمن التزما الانخراط في عملية سلام تقودها الأمم المتحدة كجزء من خريطة طريق لإنهاء الحرب.
لكن كيندال ترى أنه "سيكون من الصعب بالنسبة للأمم المتحدة مواصلة جهود الوساطة مع جماعة مصنّفة إرهابية وفق التصنيف الأمريكي الجديد، من دون الحديث عن دمجها في صيغة لتقاسم السلطة".
aXA6IDMuMTUuMTQuMjQ1IA== جزيرة ام اند امز