عزلة وملاحقة وتبعات مدمرة لقرار واشنطن تصنيف مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، في خطوة تعكس تحولا مهما للمقاربة الأمريكية تجاه الملف اليمني.
فإدراج مليشيات الحوثي على لوائح الإرهاب يشكل اعترافا أمريكيا بخطورتها على الأمن الدولي والسلام في الإقليم والمنطقة، وبالتالي انتصار لكفاح طويل خاضه اليمنيون بدعم من أشقائهم العرب من أجل إنهاء الانقلاب سلما أو حربا.
ويكتسب القرار الأمريكي أهمية كبيرة، كونه يعزل مليشيات الحوثي سياسيا واقتصاديا ويعجل بهزيمتها على المستوى العسكري داخليا وخارجيا ويضعها جنب إلى جنب في خانة الإرهاب إلى جانب تنظيمي القاعدة وداعش.
كما أن قرار تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية ليس كسابقة هذه المرة، فإنها لن تخرج من القائمة السوداء في المستقبل القريب على الأقل، كون ذلك يتطلب اشتراطات يصعب عليها تنفيذها أبرزها التخلي عن أيديولوجيتها المتطرفة.
كذلك قد تحذو دول أخرى غربية حذو أمريكا وتصنف الحوثي كمنظمة إرهابية، مما يعني زيادة عزلة المليشيات سياسيا، فيما ستكون قوة أمريكا الاقتصادية قادرة على جعل العقوبات مؤثرة على الجانب المالي والاقتصادي للمليشيات.
وتسلط "العين الإخبارية" عن الآثار السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية لقرار إعادة تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية.
الملف السياسي
بعيدا عن كون الهجمات الحوثية في البحر الأحمر قادت هذه المليشيات إلى قوائم الإرهاب، إلا أن تلك الخطوة كشفت تغير قناعات الولايات المتحدة تجاه هذه المليشيات باعتبارها خطرا يهدد الأمن والسلام الدوليين.
فعلى المستوى السياسي، يعزل الإدراج بلوائح الإرهاب مليشيات الحوثي سياسيا ويجعل من الصعب الاعتراف بها مستقبلا كطرف يمثل شمال اليمن الذي تفرض سطوتها عليه، كما يضعف مناورات الحوثي في المناورة مع خارطة السلام وجهود المبعوث الأممي هانس غروندبرغ.
ويساعد التصنيف في توحيد الجهود الدولية والمحلية لمكافحة الإرهاب الحوثي كما يسقط زيف التصورات التي رسمها ويروجها الجناح الإيراني وجناح المليشيات الناعم بأن المليشيات جماعة يمنية مضطهدة وليست ذراعا لطهران.
ولطالما روج الحوثيون أنهم قوة معنية بمكافحة الإرهاب، إلا أن التصنيف يضع الجماعة إلى جانب القاعدة وداعش مما يعني أن الانتماء للحوثيين سيضع صاحبه تحت طائلة الملاحقة الدولية.
ويعد الجناح الحوثي الناعم في أمريكا وأوروبا أول المتضررين من قرار إدراج مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية كونه يعرض عناصر هذا الجناح ونشاطها للعقوبات.
الهزيمة العسكرية
لا يعد إدراج الحوثي تنظيما عالميا إرهابيا حلاً سحريًا لإنهاء الأزمة اليمنية لكنه أداة مهمة لمكافحة الإرهاب وتعزيز السلام والأمن في هذا البلد الذي يعاني منذ عقد من الانقلاب، بحسب مراقبين.
ويرى المراقبون أن تصنيف الحوثي منظمة إرهابية يعجل بهزيمة هذه المليشيات عسكريا ويضعف صورتها داخليا وخارجيا ويفقدها التعاطف الخارجي الذي راهنت عليه من أجل تعزيز نفوذها في شمال اليمن.
وبحسب مراقبين فإن تصنيف مليشيات الحوثي سيؤثر بشكل كبير على قدرة الحوثي على تنفيذ عملياته العسكرية وتهديده المستمر في استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وصولا إلى بحر العرب وباب المندب وخليج عدن.
الملف الاقتصادي
تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية سيفرض عليها عقوبات اقتصادية بما في ذلك تجميد أصولهم وحظر استخدامهم الأنظمة المالية الدولية.
وبما أن طبيعة العقوبات المرتبطة بتصنيف المنظمات الإرهابية هي اقتصادية ومالية؛ فإن الأثر المباشر على هذا التصنيف سينعكس على التجارة مع اليمن وحركة الأموال، وما يتطلب من الشرعية التنسيق مع الجانب الأمريكي لتلافي تلك التأثيرات التي ستنعكس على السلع وغيره.
وسيلزم تصنيف مليشيات الحوثي ضمن قوائم الإرهاب المنظمات الدولية بالعمل من عدن والمناطق المحررة بدلا من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وذلك في حال منحت الحكومة الأمريكية استثناءات لعمل بعض المنظمات.
اقتصاديا.. كذلك ستضطر الشركات الملاحية الدولية إلى التعامل مع موانئ الحكومة الشرعية وتجنب الموانئ الخاضعة للحوثيين كميناء الحديدة وذلك رغم التهديدات التي يرسلها الحوثيون للتجار للاستيراد عبر ميناء الحديدة.
وبحسب مصادر مطلعة لـ"العين الإخبارية"، فإن الحكومة اليمنية تتواصل مع الجانب الأمريكي لمواجهة أي آثار اقتصادية محتملة من قرار تصنيف الحوثي جماعة إرهابية.
ويفرض إدراج الحوثي ضمن الجماعات الإرهابية إرهابية حظرًا على التعامل معها، بما في ذلك تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو المعلوماتي.
وعي عالمي بجرائم الحوثيين
وبحسب المحلل السياسي اليمني عمر مغلس فإن قرار تصنيف مليشيات الحوثي منظمة إرهابية يشكل وعيا ورأيا عالميا مناهضا لجرائم الحوثي خصوصا بعد تداعيات تهديد الملاحة الدولية على الاقتصاد العالمي.
وقال مغلس لـ"العين الإخبارية" إن "إعادة واشنطن تصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية له تأثيرات اقتصادية وسياسية أبرزها أن الشركات التجارية ومحال الصرافة التابعة للحوثيين ستصبح تحت طائلة الملاحقة لتجفيف منابع تمويلاتها".
وأضاف أن القرار يعتبر خطوة متأخرة لكن مهمة للغاية، حيث تحمل الشعب اليمني الكثير، طيلة الأعوام الماضية خصوصا بعد شطب الحوثيين من قوائم الإرهاب من قبل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل 3 أعوام".
وفي العام 2021، ألغت إدارة الرئيس جو بايدن تصنيف الحوثيين ضمن قائمة الجماعات الإرهابية بعدما أدرجتهم إدارة سلفه دونالد ترامب.
وجاء قرار الإلغاء حينها ردا على مخاوف مجموعات إغاثة من أنها قد تضطر إلى الانسحاب من اليمن لأنها ملزمة بالتعامل مع الحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها.
واعتبر أن القرار يمنح الحكومة اليمنية حق محاربة إرهاب الحوثيين بعد عزلهم دبلوماسيا خارجيا وداخليا، كما يعيد تفعيل الخيار العسكري كحل ناجع لتأمين الملاحة في البحر الأحمر عبر تحرير محافظة الحديدة، وسد رئة الحوثي البحرية.
وكانت الحكومة اليمنية رحبت بالقرار الذي اتخذته حكومة الولايات المتحدة بشأن تصنيف مليشيات الحوثي كجماعة إرهابية عالمية، واعتبرته أنه "ينسجم مع تصنيفها لهذه الجماعة كمنظمة إرهابية وفقاً للقوانين اليمنية".