مليشيا "حسن التباوي".. ذراع إرهابية للإخوان جنوبي ليبيا
مليشيا إرهابية تدعى "قوات حماية الجنوب" تحمل معتقدات تكفيرية وتضم مرتزقة تشاديين وسودانيين ومكونات قبلية
يشهد الجنوب الليبي في هذه الآونة حالة من زعزعة الاستقرار، ليس طرفها تنظيمات إرهابية وحسب، بل تنظيمات أخرى تقاتل على أساس عرقي توالي حكومة فايز السراج.
من بين مليشيات إرهاب الجنوب الليبي التي تتبع السراج تلك المسماة "قوات حماية الجنوب"، وهي مليشيا قوامها الرئيسي مقاتلين من قبائل التبو الليبية ومرتزقة من تشاد ودول أفريقية أخرى مثل نيجيريا، تقاتل تحت إمرة حسن موسى التباوي، الذي ظهر مؤخرا تحت مسمى "أبوبكر السوقي".
التغيير في التسمية والبعد عن الكنية من "التباوي" إلى "السوقي" يحمل دلالة خاصة، أكدتها معلومات استخباراتية حول تحالف هذه المليشيا مع عناصر إرهابية منتمية لتنظيمي داعش والقاعدة.
وتحاول حكومة السراج التأثير على الجنوب الليبي الحلقة الأمنية الأضعف في جغرافية ليبيا المطلة على 6 حدود دولية، بالنظر إلى طبيعته الجيوغرافية والديموغرافية، إضافة إلى الانتشار الواسع للمليشيات والتنظيمات المتطرفة ومهربي البشر والوقود والسلاح.
- سلاح الجو الليبي يقصف أهدافا إرهابية جنوبي البلاد
- الجنوب الليبي ينزع ورقة التوت عن دول الفتن والإرهاب
مظلة إرهابية واحدة
تقول المعلومات الاستخباراتية إن عناصر إرهابية تجمعت تحت إمرة "سوقي" من تنظيمات ذات معتقدات تكفيرية متفاوتة، في إطار ما تعتبره تلك التنظيمات "مواجهة العدو الموحد".
غالبية تلك العناصر حديثة عهد بالأفكار التكفيرية ومن مجتمعات فقيرة تعليميا لا تدرك الفوارق الجوهرية الفكرية الفاصلة بين هذه التنظيمات بشكل كامل، وسبق وتعاونت مع تنظيمي داعش والقاعدة في درنة شرقي ليبيا في مواجهة الجيش الليبي تحت مسمى "مجلس شورى مجاهدي درنة".
تضم مليشيا "إرهاب الجنوب" عددا كبيرا من المرتزقة التشاديين الذين استغلوا حالت الفراغ الأمني في ليبيا أعقاب أحداث الـ17 من فبراير 2011 لتتخذ من الجنوب الليبي مقرا آمنا لها، لتنفيذ هجمات داخل الأراضي الليبية بالتحالفات مع تنظيم القاعدة الإرهابي وجماعات تهريب البشر.
كما اضطلعت المعارضة التشادية المسلحة بشكل رئيسي في الهجمات الإرهابية على الحقول النفطية رفقة الإرهابي المطلوب دوليا "إبراهيم الجضران"، آمر حرس المنشآت النفطية السابق التابع لحكومة الوفاق.
وتشارك عدة عناصر من حركة "العدل والمساواة" السودانية المسلحة في مليشيات إرهاب الجنوب الليبي، وهو ما اعترف به قيادات منشقة من الحركة، مثل عبدالله آدم القيادي المنشق عن الحركة.
وكشفت القيادات المنشقة في تصريحات سابقة مشاركتها القتال في ليبيا ما أسفر عن مقتل العشرات منها، وعلى رأسهم المتمرد "بشير الحاج" قائد الحركة بليبيا، و"محمد عبدالله دردوق" نائب مدير أمن واستخبارات الحركة.
جرائم بالجملة
ارتكبت "مليشيات حماية الجنوب" عددا من الجرائم المسلحة في مدينة "مرزق" و"سبها" و"غدوة" وغيرها من المدن منذ إعلان الجيش الليبي إطلاق عملية "طوفان الكرامة" لتحرير العاصمة طرابلس في 4 أبريل/نيسان الماضي من المليشيات كنوع من تخفيف الضغط على المليشيات المتحالفة معها بعد اشتداد ضربات الجيش الليبي.
وأبرزت هذه الهجمات مدى الارتباط الوثيق بين تنظيم داعش والمليشيات الموالية لحكومة فايز السراج، حيث تسابق الطرفان على تبني ومباركة هذه الهجمات.
"أبوبكر السوقي" زعيم مليشيا إرهاب الجنوب الليبي ورد اسمه في تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية لمكافحة الجريمة الصادر عام 2017، برفقة كلٍ من أدامو تشيكي التباوي وشريف أبردين التارقي باعتبارهم المسؤولين مسؤولية تامة عن استقبال الأفارقة القادمين من النيجر عبر الصحراء، وإنهم يتقاضون رسوما كبيرة مقابل السماح للمهاجرين غير الشرعيين بعبور الصحراء الليبية نحو الشمال.
كلف "السوقي" ومليشياته بحماية حقل الفيل النفطي من قبل حكومة الوفاق، والتي شارك من خلالها في عمليات تهريب الوقود، لكنه فر عند دخول الجيش الليبي إلى الجنوب في يناير الماضي.
وحصل "السوقي" خلال الفترة الماضية على مبالغ كبيرة من المجلس الرئاسي بزعامة السراج لشراء مرتزقة تشاديين مجدداً بعد أن طردهم الجيش الوطني الليبي من الجنوب، واعترف "السوقي" نفسه بذلك في مقطع مصور، قائلا إن لديه أموالا تكفيه لمدة مائة سنة قادمة.
ديموجرافيا جديدة وإعادة توطين
أكدت قيادات اجتماعية ليبية جنوبية أن الدول الداعمة للإرهاب سعت من خلال نشر الفتن والقلاقل بين المكونات الاجتماعية، وتغيير ديموغرافية إقليم فزان -الجنوب الليبي- بعد أن فشلت في زعزعة الوضع الأمني بتحرير الجيش الليبي للجنوب.
وأكد أبوبكر سليمان أحد أعيان مكون "التبو" الليبي وشيوخ مدينة القطرون -جنوبا- أن الجماعات الإرهابية تحاول الإضرار بالنسيج الاجتماعي الليبي من خلال إحياء الفتنة بين القبائل والمكونات الاجتماعية.
وثمن سليمان، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، دور الجيش الليبي في تأمين الجنوب من الإرهابيين المدعومين من الدول الضالعة في الإرهاب، والقضاء على محاولات زعزعة الأمن أو اختطاف وترويع الأهالي والفتنة بين القبائل.
من جانبه، أكد عمر الصالحين علي عظيم، رئيس مجلس حكماء وأعيان مدينة أوباري بالجنوب الليبي، أن المليشيات والجماعات الإرهابية حاولت العبث بالمكون الاجتماعي للجنوب، وبث الفتنة لتجد مناخا ملائما لتعيش فيه.
وشدد "عظيم" على أن المهاجرين غير الشرعيين الذين تهربهم المليشيات ويقاتلون في صفوفها يحاولون الإقامة والاستيطان أو النهب بالقوة، وأنه سيتم صدهم وردعهم.
وفي السياق ذاته، أكد ناسامو سعيد محمد، أحد قيادات قبائل الطوارق في الجنوب الليبي، أن الدول الداعمة للإرهاب تستغل المتطرفين لبث فتنة بين أبناء قبائل التبو والطوارق.
وهو الأمر نفسه الذي حاول السراج تنفيذه من خلال تأسيس ما يعرف بـ"الهيئة البرقاوية في الشرق الليبي"، لضرب النسيج الاجتماعي بعد فشله في محاولة صد الجيش الليبي في طرابلس.
حرب على العرب
يرى اللواء صالح رجب، وزير الداخلية الليبي الأسبق ورئيس رابطة الأشراف والمرابطين في ليبيا، أن الجماعات الإرهابية خاصة في الجنوب والغرب الليبي سعت منذ ما حدث في عام 2011 لتغيير ديموغرافية ليبيا والقضاء على العنصر العربي، وطرده وتهجيره بشكل ممنهج من الشمال الأفريقي.
وشدد رجب على أنه إذا لم يفطن الليبيون إلى هذه الفتنة التي تروج لها حكومة المليشيات ستكون هنالك "ديموغرافية جديدة وجوغرافية جديدة ولغة جديدة وثقافة جديدة"، و"ستفتقد أن ترى عربيا يسير على قدميه في ليبيا".
وأوضح أن بعض الدول الأوروبية تعاونت مع الإرهابيين ودعمتهم وعاونت المليشيات على التهريب وعمليات الاتجار بالبشر التي استهدفت بالأساس تغييرا ديموغرافيا للمجتمع الليبي وشمال أفريقيا.
وأشار رجب إلى أن المليشيات تحاول دق إسفين فتنة بين العرب والأمازيغ، رغم كونهم مكونا أساسيا ورئيسيا من المجتمع الليبي وعلى مر التاريخ لم تحدث أي خلافات بين العرب والأمازيغ.
ونبه رجب إلى أن الأمازيغ يعون ذلك المخطط الذي تعمل به إسرائيل بشكل مباشر لجعل الأمازيغ رأس حربة لمواجهة العرب، حسب قوله.
aXA6IDMuMTQ1LjEwMy4xMDAg جزيرة ام اند امز