مصر 2022.. وعي المصريين يحبط دسائس الإخوان
تجاهل المصريون دسائس ومؤامرات ودعوات للفوضى سعت من خلالها جماعة الإخوان الإرهابية لاستعادة أرضية خسرتها في بلد التأسيس.
دعوات الإخوان المتواصلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتظاهر خلال 2022 ومحاولات الجماعة لعرقلة عجلة الإنتاج والتنمية للدولة المصرية قوبلت بالتجاهل والرفض من عموم الشعب المصري طوال العام المنقضي، الأمر الذي مثل صفعات متتالية لجماعة تلفظ أنفاسها الأخيرة في ظل تصدع غير مسبوق في بنيتها التنظيمية.
فمع بداية 2022 ضجت مواقع التواصل عبر كتائب الإخوان الإلكترونية بالدعوة إلى التظاهر في الذكرى الـ11 لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 إلا أنها قوبلت بالتجاهل من المصريين فلم يستجيبوا لتلك الدعوات المشبوهة.
استبعاد من الحوار الوطني
وفي شهر يوليو/تموز 2022 الماضي تلقى التنظيم لطمة قوية مع انطلاق الاستعدادات للحوار الوطني المصري الذي دعا إليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بتأكيد جميع المشاركين على رفض مشاركة من تلوثت أياديهم بدماء المصريين، في إشارة إلى تنظيم الإخوان.
في الوقت نفسه رحب الحوار بعودة المعارضين، ولكن وضعت بعض القوى شروطا للعودة لمن يرغب، منها عدم مخالفة دستور البلاد، وألا تكون صادرة ضد من يشارك أحكاما أو متورطا في عنف، وألا يكون منتميا لجماعة إرهابية أو محظورة -كجماعة الإخوان والحركات المسلحة التابعة لها-.
وفي ضوء إعادة ترتيب المشهد السياسي الداخلي بعد انقضاء خطر الإرهاب شهدت البلاد عودة المخرج خالد يوسف والمعارض الليبرالي ياسر الهواري الذي كان ينتقد السلطة المصرية من منابر إعلامية خارجية، بالإضافة إلى كل من الناشط المصري وائل غنيم بعد 9 سنوات قضاها خارج البلاد، منهيا فترة غياب توزّعت بين المعارضة اللاذعة والاعتذارات المتتالية، ليلحق بالأكاديمي الليبرالي عمرو حمزاوي، وكذلك المطرب حمزة نمرة.
ومع خطوات سابقة بإطلاق سراح ناشطين سياسيين ومنتمين لتيارات سياسية مختلفة، جاء تأكيد البرلماني المصري عضو لجنة العفو الرئاسي، طارق الخولي، في تصريحات لــ"العين الإخبارية" باستبعاد شمول أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي بـ"العفو أو المشاركة في الحوار الوطني"، لافتا إلى أنه "لا تسامح" مع شباب الإخوان وأعضاء التنظيم.
نجاح كوب 27 وفشل الإخوان
وعقب حشد التنظيم كافة قواه لمحاولة إحراج مصر خلال مؤتمر المناخ كوب 27 الذي عقد مؤخرا في منتجع شرم الشيخ في جنوب سيناء (شرق)، دعا عبر منصات التواصل الاجتماعي للتظاهر، محاولا استغلال الانعكاسات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري، كغيره من اقتصاديات دول العالم المتأثرة- حيث حاولت عناصر الجماعة الإرهابية، الحشد عبر منصاتها وقنواتها الإعلامية، بهدف إشعال اضطرابات، لكنها أصبحت مستحيلة الحدوث في هذا التوقيت، نظرا لوعي الشعب بأهداف الجماعة التي تعمل ضد مصالح الدولة، بحسب آراء طيف واسع من الخبراء المعنيين بحركات الإسلام السياسي.
قابلت دعوات الإخوان لإفساد التنظيم الناجح الذي شهد به الجميع لمؤتمر المناخ هبة دعم واسعة للدولة المصرية ومؤسساتها بشكل شعبي عفوي، صاحبتها سخرية من الفشل الذريع لدعوات الفوضى.
11/11 "لم يحضر أحد"
وفي محاولة يائسة سخرت جماعة الإخوان أبواقها الإعلامية من أجل الحشد للتظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وألقت الجماعة بثقلها خلف الدعوة، وسعت إلى تخفيف حدة المشاحنات داخل بنيتها لكن الفشل الذريع الذي منيت به أشعل مجددا الصراع الداخلي وعمق الانقسامات في صفوف الجماعة.
وبحس فكاهي وسخرية لاذعة، تفاعل المصريون على مواقع التوصل الاجتماعي مع دعوات تنظيم الإخوان للتظاهر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وأجهض وعيهم، ويقظة الأجهزة الأمنية، مخططات الجماعة الإرهابية لإثارة الفوضى قبل أن تبدأ.
وحينها تصدر هاشتاغ "محدش نزل" موقع "تويتر" للتدوينات القصيرة في مصر، بالتزامن مع دعوات الإخوان التخريبية للتظاهر.
وفي الوقت الذي بحت فيه أبواق تنظيم الإخوان الإعلامية للتحريض على التظاهر، وقف مصريون على الضفة المقابلة تماما للسخرية من هذه الدعوات البائسة.
محاربة بالفكر
ويعتقد الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، دكتور عمرو عبدالمنعم، إن فشل دعوات الإخوان على مدار عام 2022، مؤشر جديد على نجاح خطة المواجهة المصرية للتنظيم الإرهابي سواء على المستوى الأمني أو الفكري.
وأضاف عبد المنعم في حديث لــ" العين الإخبارية" أن المجتمع المصري وعلى مدار العقد المنصرم راكم وعيا بأساليب الجماعة في التحريض وتشويه الحقائق ما جعله محصناً من فيروسات الجماعة.
لكنه شدد على ضرورة مواصلة جهود التوعية الفكرية والثقافية ورصد شائعات الجماعة وتفنيدها أولا بأول.
وفي الاتجاه نفسه، يرى الباحث في الحركات الإسلامية، إسلام الكتاتني، وهو منشق عن الجماعة أن "الوعي الشعبي في مصر ارتفع بشكل كبير ما ساهم بشكل حاسم في إفساد مخططات الجماعة".
وأشار الكتاتني في حديث لــ" العين الإخبارية" إلى أنه رغم الصعوبات الاقتصادية التي تواجه الشعب المصري والتي رأى فيها الإخوان فرصة للاصطياد في الماء العكر أثبت المصريون حرصا على مؤسساتهم تفهما للضغوط العالمية التي أدت إلى الوضع الراهن.
وشدد الكتاتني على أن الشعب رفض للاستماع لدعوات 11 نوفمبر/تشرين الثاني، رغم حشد الإخوان لطاقاتهم الجماهيرية ومنصاتهم الإعلامية من أجل الترويج لها، ما يفسر حجم الإحباط والغضب الذي أصابهم ودفع أحد رموزهم الإعلامية لسباب الشعب المصري.
وبين الباحث أن شعبية الإخوان انهارت تماما في الشارع المصري بعد جرائمهم الإرهابية التي طالت المئات من أبناء الشعب.
الأمر نفسه أكده أيضا القيادي الإخواني المنشق عن الجماعة إبراهيم ربيع، الذي أشار إلى أن الشعب أصبح على وعي تام بأن التنظيم مجرد أداة في أيد من يدفع أكثر ويعمل بالوكالة ونشاطه انعكاساً لإرادة تلك القوى.
وأضاف الإخواني المنشق لــ" العين الإخبارية" أن الشعب تيقن خطورة التنظيم على مكونات الدولة الوطنية والنسيج والسلام الاجتماعي.
ورجح أن تعيد القوى الإقليمية والدولية التي سعت للاستثمار في الإخوان من أجل الضغط على القاهرة، حساباتها بعد أن تأكد لهم غير مرة أن الجماعة باتت عاجزة عن التأثير في المشهد الداخلي وأنها معزولة عن نبض الشارع وهمومه وآماله.