انقلاب الغابون وخطر الإرهاب في أفريقيا جنوب الصحراء
وابل الإدانات الدولية والعقوبات الاقتصادية، لم يفلح في كسر إصرار عسكر النيجر على التمسك بالسلطة، بل يبدو أن شهية الانقلاب فُتحت لدى آخرين في منطقة تسير على رمال متحركة.
شهيةٌ قد تمتد لخطر جاثم على صدر القارة الأفريقية، مع تحول منطقة الساحل في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الآن إلى مركز للإرهاب خلال السنوات الأخيرة.
فالانقلاب الذي شهدته النيجر في 26 يوليو/تموز الماضي، والاستيلاء على السلطة، اليوم الأربعاء، من قبل مجموعة من الضباط بالجيش في الغابون، يمثلان تحديان إلى ما هو أبعد من هذين البلدين الواقعين في قارة شهدت سبعة انقلابات في أربع سنوات.
إذ تعتبر منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مليئة بالتحديات البيئية حيث تتزايد المخاطر المتعلقة بالأمن الغذائي والمياه والنمو السكاني السريع والكوارث الطبيعية.
تهديدات بيئية تضيف عاملا مضاعفا لمخاطر انتشار الإرهاب في تلك البقعة من القارة الأفريقية، حيث يحذر مراقبون من استخدام ندرة الموارد كسلاح، من خلال التعبئة للتطرف من قبل داعش والجماعات التابعة له.
بؤرة إرهاب
ووفق تقرير مؤشر الإرهاب العالمي 2023 ،أصبحت منطقة الساحل في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الآن مركزا للإرهاب، حيث سجلت المنطقة عددا أكبر من الوفيات الناجمة عن الإرهاب في عام 2022 مقارنة بجنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجتمعة.
إذ كان التأثير المتزايد للإرهاب ملفتا للنظر بشكل خاص في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي لم يكن لديها أي نشاط إرهابي في بداية العقد، بما في ذلك بوركينا فاسو ومالي وموزمبيق والنيجر.
وشهدت كل من بوركينا فاسو ومالي زيادة مطردة في أعمال العنف الإرهابية المنسوبة إلى جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، و"داعش" في الصحراء الكبرى.
وفي تقرير جديد صادر عن وكالة التنمية الدولية التابعة للأمم المتحدة، جاء أن المركز العالمي الجديد للتطرف الإرهابي العنيف هو منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، حيث ينضم الناس إليها بشكل متزايد بسبب عوامل كثيرة في مقدمتها الاقتصادية.
التقرير الذي اعتمد في مخرجاته على مقابلات مع ما يقرب من 2200 شخص في ثماني دول أفريقية: بوركينا فاسو، والكاميرون، وتشاد، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، والصومال، والسودان، أوضح أن المنضمين للجماعات الإرهابية كان دفعهم اقتصاديا أكثر منه دينيا، للحصول على سبل عيش أفضل، لاسيما مع ارتفاع التضخم والتغير المناخي.
ووثّق التقرير ما لا يقل عن 4155 هجوما في جميع أنحاء أفريقيا منذ عام 2017. وفي هذه الهجمات، تم تسجيل 18417 حالة وفاة في القارة.
وفي مؤتمر صحفي، قال أخيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "أصبحت منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا المركز العالمي الجديد للتطرف العنيف"
المسؤول الأممي حذر من أن تصاعد التطرف في أفريقيا "لا يؤثر سلبا على الحياة والأمن والسلام فحسب، بل يهدد أيضا بعكس مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس للأجيال القادمة".
المال لإغراء السكان
حسن شيبوك، وهو زعيم مجتمعي في ولاية بورنو النيجيرية، حيث يتركز إرهاب "بوكو حرام"، تحدث لوكالة أسوشيتد برس، عن نمو نفوذ هذه الجماعة الإرهابية وفرعها "داعش في مقاطعة غرب أفريقيا"، من خلال استخدام الأموال لإغراء المجتمعات الفقيرة. .
خارطة إرهاب
ومع تحول القارة الأفريقية إلى مرتع لأخطر التنظيمات الإرهابية المحلية والوافدة إليها من مناطق صراع أخرى، ترصد "العين الإخبارية"،13 تنظيما إرهابيا في 13 بلدا أفريقيا.
واستنادا لدراسة بحثية أجراها جليل لوناس الباحث الجزائري وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية في المغرب، تصدر تلك التنظيمات "داعش" المنتشر في 9 دول أفريقية، لا سيما بمنطقة الساحل.
ففي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، تنشط 7 تنظيمات إرهابية، هي: "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، و"أنصار الدين"، و"جبهة تحرير ماسينا"، و"المرابطون"، و"إمارة الصحراء" التابعة لما يسمى بـ"تنظيم القاعدة ببلاد المغرب".
بالإضافة إلى تنظيمين إرهابيين آخرين تقول الدراسة إنهما من أكبر التنظيمات الإرهابية بالساحل، وهما: "أنصار الإسلام" و"تنظيم داعش في الصحراء الكبرى".
أما منطقة البحيرات الكبرى المحاذية والمتداخلة مع منطقة الساحل، فتنشط 3 تنظيمات إرهابية وفق الدراسة البحثية نفسها.
ولفتت الدراسة إلى أن جماعات إرهابية مثل "بوكو حرام"، و"تنظيم داعش-ولاية غرب أفريقيا"، و"تنظيم الأنصار"، تنتشر في نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد.
ويرى خبراء أن تنظيم "داعش" يواجه صعوبة أمام تنظيم القاعدة، في الحفاظ على وجوده في المناطق الشرقية والوسطى والشمالية في بوركينا فاسو، وفي وسط مالي، ولذلك يبحث عن مد نفوذه في مناطق أخرى، منها بنين ونيجيريا، وضم جماعات الجريمة المنظمة المحلية.
أفريقيا جنوب الصحراء في سطور
تضم منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، بنين، تشاد، جزر القمر، جمهورية أفريقيا الوسطى، الكونغو الديمقراطية، أنغولا, أوغندا, إثيوبيا, إريتريا, إسواتيني, السنغال, الصومال, الكاميرون, الكونغو, النيجر, بوتسوانا, بوركينا فاسو, بوروندي, تنزانيا, جنوب أفريقيا, جنوب السودان, مدغشقر, ملاوي, موريتانيا, موريشيوس, موزامبيق, ناميبيا, نيجيريا.
كما تضم: غابون, غانا، غامبيا, غينيا, غينيا - بيساو, غينيا الاستوائية, كابو فيردي, كوت ديفوار, كينيا, ليبريا, ليسوتو, مالي, مايوت, جيبوتي, رواندا, ريونيون, زامبيا, زمبابوي, سان تومي وبرنسيبي, سيراليون, سيشيل.
تبلغ مساحتها 23,890,896 كم٢، فيما يصل عدد سكانها 1,211,170,184 نسمة (حسب إحصاءات 2022)، بحسب الأمم المتحدة.