الإرهاب وأوروبا 2021 .. جهود تصطدم بتوغل الإخوان وداعش
العين الإخبارية - أحمد فتحي
جهود أوروبية واسعة تحاول من خلالها دول القارة العجوز تفادي خطر الإرهاب والفكر المتطرف، لكنها تصطدم بعدة تحديات أبرزها انتشار وتغلغل تنظيمات إرهابية مثل الإخوان وداعش والقاعدة.
دراسة للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، كشفت عن نجاح تدابير الحكومات الأوروبية بشكل كبير في خفض وتيرة عمليات الإرهاب خلال 2021، لكنها حذرت في الوقت ذاته من توغل 7 تنظيمات إرهابية وبخاصة في دولة مثل ألمانيا. وأكد التقرير الصادر مؤخرا أن أوروبا في عام 2022 أمام تحديات عديدة أكثر خطورة تتعلق باقتلاع جذور التطرف، وصياغة خطط شاملة لتفكيك الأفكار ومنع انتشارها وتوغلها وحماية الأجيال الجديدة منها. واستعرض المركز الأوروبي، ومقره ألمانيا، في حصاد لـ"مؤشر الإرهاب في أوروبا.. عام 2021" جهود وإجراءات عدد من الدول الأوربية في تحجيم العمليات الإرهابية، ومواجهة تغلغل التنظيمات المتطرفة خلال العام الذي يلملم أيامه، حيث أبرز أيضا الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها هذه الدول.
فرنسا.. إرهاب محتمل
ففي فرنسا، عكست أرقام تقارير أجهزة الاستخبارات أن باريس تتقدم دول أوروبا من حيث مجابهة نشر التطرف على أراضيها.
وقال التقرير:" تُظهِر البيانات أن 132 مسجدا من أصل 2358 من المساجد الفرنسية تخضع لسيطرة التيار السلفي، كما تشهد تلك المساجد زيادة مطردة في أعداد مرتاديها".
وإزاء ذلك، قدمت الحكومة الفرنسية في 5 أبريل/ نيسان الماضي، مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب، من خلال مراقبة الإنترنت وتطبيقات" واتسآب و"تليجرام" باستخدام الخوارزميات، وتوسيع استخدام أجهزة الاستخبارات الفرنسية للخوارزميات لتعقب الإرهابيين المحتملين.
وشهدت فرنسا في أبريل/ نيسان الماضي، مقتل شرطية فرنسية في ضاحية رامبوييه على يد رجل تونسي، وهو ما أثار المخاوف والتساؤلات.
كما طعن طالب لجوء سوداني في 19 فبراير الماضي مسؤولا عن مركز اللجوء في مدينة "بو الفرنسية".
ألمانيا.. الخطر لا يزال قائما
وفي ألمانيا، نجحت الاستخبارات الألمانية في تفكيك خلايا متطرفة قبل تنفيذها عمليات إرهابية، بسبب المتابعة الدقيقة للجماعات المتطرفة، وتتبعها وجمع الأدلة والشواهد حولها، وفقا لدراسة المركز الأوروبي.
ونقلت الدراسة عن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر، قوله في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، إن ألمانيا أحبطت 23 هجوماً إرهابياً منذ عام 2000، محذراً من أن الخطر لايزال قائماً رغم ذلك. وأعلنت هيئة حماية الدستور في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن ألمانيا تواجه خطراً متزايداً من المتطرفين السياسيين والمجرمين وغيرهم.
وأشار رئيس الهيئة توماس هالدنفانغ، أمام البرلمان الألماني، إلى أن مستوى التهديد الذي تتعرض له بلاده من الإرهاب والتطرف والتجسس، خاصة الهجمات الإلكترونية، لا يزال مرتفعا للغاية ومتزايدا.
وفقا لما نقله التقرير عن موقع "دويتشه فيله" الألماني، الذي أشار إلى أن عدد المتطرفين الخطيرين بشكل خاص في ألمانيا يبلغ ألفي شخص.
ومن بين القوانين والإجراءات التي اتخذتها السلطات الألمانية خلال 2021 – وفقا للمركز - سن قانون اتحادي جديد في 8 يوليو/ تموز الماضي بحظر استخدام الرموز والشعارات التي تنتمي إلى تنظيمات الإخوان وداعش والقاعدة، والذئاب الرمادية التركية، وحزب العمال الكردستاني، وحركة حماس، والجناح العسكري لمليشيات حزب الله اللبناني.
وتحدثت الدراسة عن أبرز الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد، وهى حادثة طعن داخل قطار في ولاية بافاريا جنوب شرق ألمانيا، في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على يد لاجئ سوري يبلغ من العمر 27 عاما، وخلف 3 إصابات.
كما نفذ شاب صومالي، عملية قتل 3 أشخاص، وإصابة 6 آخرين بجروح متفاوتة بسكين، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في هجوم شهدته مدينة فورتسبورغ (جنوبي ألمانيا).
النمسا.. تغليظ العقوبات على البيئات الحاضنة
وفي السياق ذاته، بذلت النمسا جهودا واسعة في محاربة التطرف والإرهاب خلال 2021، ونجحت بشكل جيد في الحد من أنشطة الجماعات المتطرفة، من خلال وضع بعض المنظمات والجمعيات تحت المراقبة والبعض الآخر تم حظرها، خاصة ما يتعلق في حظر تنظيم الإخوان وحزب الله ورموز جماعات الإسلام السياسي.
ودلل التقرير، بإعداد المجلس الوطني في النمسا قانون جديد لمكافحة الإرهاب والتطرف في 8 يوليو/ تموز الماضي. ووفق وزير الداخلية النمساوي كارل نيهمر.
وتتيح التشريعات الجديدة - بحسب التقرير- تغليظ العقوبات على البيئات الحاضنة للمتطرفين، وتسهل عملية مراقبتهم، ومراقبة خطاب الكراهية، والتشدد الديني واستغلال شبكة الانترنت في هذه الأغراض.
بريطانيا.. قانون جديد لمكافحة الإرهاب
وإلى بريطانيا، تحدث تقرير المركز الأوربي عن إعداد السلطات سلسلة من القوانين والإجراءات لمكافحة الإرهاب والتطرف خلال 2021.
وتلخصت أبرز تلك القوانين؛ في سن قانون مكافحة الإرهاب الجديد الذي أنهى تمامًا احتمالية الإفراج المبكر عن أي شخص مُدان بارتكاب جريمة إرهابية خطيرة ويُجبرهم على قضاء فترة عقوبتهم بأكملها في السجن.
ورصد التقرير أبرز الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها لندن خلال العام وبينها؛ انفجار عبوة ناسفة في "سيارة أجرة" في 14 نوفمبر الماضي عند مستشفى ليفربول شمال إنجلترا، وعملية طعن النائب البرلماني من حزب المحافظين ديفيد أميس التي وقعت في 16 أكتوبر الماضي، من قبل مواطن بريطاني من أصل صومالي أحيل في الماضي إلى برنامج مكافحة التطرف.
ولمحت دراسة المركز الأوربي، لمحت إلى أن التقديرات تشير إلى أن تهديد العناصر المتطرفة بشن مزيد من الهجمات لا يزال مرتفعا في بريطانيا.
هولندا .. المجتمع يحارب التطرف
وداخل هولندا، قال المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب إن الحكومة الهولندية ركزت على محاربة التطرف مجتمعيا من الداخل، بعد أن استغلت أجهزة الأمن والاستخبارات تعاون المواطن العادي الهولندي، وأنشأت آليات للتواصل مع المواطنين كلا في منطقته، من أجل رصد حالات التطرف أو العناصر الغريبة التي تدخل أحياء هولندا خاصة السكنية.
كما أشار المركز إلى تواجد رقابة فنية وبشرية في المدن الكبيرة الهولندية المزدحمة منها الكاميرات الحرارية والبايومترية وغيرها من الإجراءات، وهو ما يوصف بالمعالجة الأفضل في محاربة أكثر من نشر القوات الأمنية على الأرض.
السويد .. مركز وطني للأمن السيبراني
وبشأن الإجراءات التي اتخذتها السويد خلال عام 2021؛ قامت السلطات بإنشاء "المركز الوطني لتقييم التهديد الإرهابي (NCT)" والذي يضم أفرادا من شرطة الأمن وجهاز المخابرات العسكرية.
ونبهت الدراسة أيضا، إلى أن السويد تسعى إلى إنشاء مركز وطني للأمن السيبراني، بعد أن شهدت البلاد هجمات إلكترونية واسعة، وكانت جميعها تهدف لسرقة البيانات والمعلومات وإلحاق الضرر بالبنى التحتية في البلاد.
وذكر التقرير أنه ضمن أبرز العمليات الإرهابية، تنفيذ شخص أفغاني (22 عاما) عملية طعن بسكين ضد عدة أشخاص، جنوب السويد وذلك في مارس/ آذار الماضي.
تجفيف مصادر تمويل الإرهاب
وأوصى المركز الأوروبي في ختام تقريره، بضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات لتطويق مساعي وجهود تيارات الإسلام السياسي في نشر الإيديولوجية المتطرفة، والتصدي أيضا للآلة الدعائية والإعلامية للجماعات السلفية الجهادية.
كما دعا المركز إلى سن قوانين وتشريعات صارمة لتقنين الأنشطة الاقتصادية لتلك التيارات وتجفيف مصادر تمويلها.
وحول مكافحة التطرف اليميني، طالب المركز بتكثيف الجهود البريطانية والسويدية لمكافحته عبر تشكيل فرق متخصصة لملاحقة ومراقبة العناصر اليمينية المتطرفة، وحظر أنشطتها.. وتعزيز التعاون مع شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة بما يساهم للتصدي لتلك التيارات المتطرفة.