بعد هجوم تكساس.. هل اقتربت مواجهة "لوبي الأسلحة" بأمريكا؟
عقب الهجوم الدموي الذي تعرضت له مدرسة "ابتدائية" في تكساس الأمريكية وأسفر عن مقتل 21 شخصا، توالت الدعوات لضرورة الوقوف في وجه "لوبي الأسلحة".
الدعوات للوقوف في "وجه لوبي الأسلحة" جاءت من المستويات العليا في الولايات المتحدة، حيث كان على رأس الداعين الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونائبته كامالا هاريس، بجانب الرئيس الأسبق باراك أوباما، وعدد من النواب والسياسيين الأمريكيين، الأمر الذي دفع البعض للتساؤل هل اقتربت مواجهة "لوبي الأسلحة"؟
وقتل مسلح ما لا يقل عن 19 تلميذا واثنين من البالغين بعدما اقتحم مدرسة ابتدائية في جنوب ولاية تكساس الأمريكية الثلاثاء، وذلك في أحدث واقعة قتل جماعي بالولايات المتحدة وأدمى حادث إطلاق نار في مدارسها منذ نحو عشر سنوات.
وأطلق شاب يبلغ من العمر 18 عاما، النار على جدته قبل أن يفر من مكان الحادث لتتحطم سيارته ويشرع في إطلاق النار بمدرسة "روب" الابتدائية في بلدة يوفالدي في ولاية تكساس.
وقال السارجنت إريك إسترادا من إدارة السلامة العامة في تكساس لشبكة (سي.إن.إن) إن ضباط إنفاذ القانون رأوا المسلح، الذي كان يضع درعا واقيا، يخرج من سيارته المحطمة ويحمل بندقية و"اشتبكوا" معه، ليتمكن مع ذلك من اقتحام المدرسة وفتح النار.
وفي حديثه من البيت الأبيض بعد ساعات من الحادث، حث الرئيس الأمريكي جو بايدن الأمريكيين على الوقوف في وجه جماعات الضغط القوية سياسيا في مجال صناعة الأسلحة النارية، والتي ألقى باللوم عليها في منع سن قوانين أكثر صرامة تتعلق باستخدام هذا النوع من الأسلحة.
وفي خطاب إلى الأمّة ألقاه من البيت الأبيض، قال بايدن "متى، سنقف بوجه لوبي الأسلحة؟".
وأضاف وقد بدت عليه واضحة أمارات التأثّر "لقد حان الوقت لتحويل هذا الألم إلى عمل، من أجل كل والد، من أجل كل مواطن في هذا البلد. ينبغي علينا أن نوضح لكلّ مسؤول منتخب في هذا البلد أنّ الوقت حان للتحرّك".
وشدّد بايدن على وجوب تشديد قوانين بيع الأسلحة النارية وحيازتها، ولا سيما الأسلحة الهجومية، وأمر بايدن بتنكيس الأعلام إلى غروب الشمس يوميا حتى السبت المقبل بسبب الحادث المأساوي.
وهاجم الرئيس الديمقراطي، المعارضة الجمهورية التي عرقلت حتى الآن كل محاولاته لتمرير إجراءات في الكونغرس مثل فرض إلزامية التدقيق في السجل الجنائي والتاريخ النفسي لكل من يرغب بشراء سلاح ناري قبل بيعه هذا السلاح.
كفى
بايدن لم يكن الأول الذي يدعو للوقوف في وجه لوبي الأسلحة، فقد سبقته نائبته كامالا هاريس التي نددت بالمجزرة، وقالت "كفى يعني كفى"، مطالبة بـ "تحرّك" لتقييد حيازة الأسلحة النارية في الولايات المتحدة.
وأضافت "قلوبنا ما زالت تتحطّم" بسبب عمليات إطلاق النار التي تشهدها المدارس الأمريكية باستمرار، وعلينا أن نتحلّى بالشجاعة للتحرّك"، في مناشدة للكونجرس لإصدار تشريع يفرض قيوداً على بيع الأسلحة النارية وحيازتها.
الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، وصف الولايات المتحدة بأنها "مشلولة"، معتبرا أن السبب في ذلك "ليس الخوف ولكن بسبب لوبي السلاح وحزب سياسي لم يظهر أي استعداد للتصرف بأي طريقة قد تساعد في منع هذه المآسي".
كذلك دعا السيناتور الأمريكي كريس ميرفي خلال كلمة أمام مجلس الشيوخ إلى تمرير قوانين تحد من حوادث إطلاق النار، وقال في كلمته: "أنا هنا لأتوسل إليكم لإيجاد طريقة لتمرير القوانين التي تجعل هذا أقل احتمالا".
ويرفض المعسكر المحافظ بشدة إعادة فرض حظر على بيع بنادق هجومية للمدنيين، وهو إجراء كان سارياً في الولايات المتحدة بين 1994 و2004 وكان يمنع المدنيين من شراء بعض أنواع الأسلحة نصف الآلية.
وفي مايو/أيار الماضي، أظهر تقرير نشرته وزارة العدل الأمريكية أنّ شركات تصنيع الأسلحة النارية في الولايات المتّحدة أنتجت خلال السنوات العشرين الماضية أكثر من 139 مليون قطعة سلاح ناري مخصّصة للبيع للأفراد، بينها 11.3 مليون قطعة أنتجت في سنة 2020 لوحدها.
وأضاف التقرير الوزاري، أنّه في الفترة نفسها استوردت الولايات المتّحدة 71 مليون قطعة سلاح ناري وصدّرت 7.5 مليون قطعة فقط، في أرقام تعكس الكمّ الهائل للأسلحة النارية المتوفّرة في البلاد، والذي ساهم في تصاعد أعمال العنف المسلّح وجرائم القتل وعمليات الانتحار.
وفي الواقع فإنّ قطاع صناعة الأسلحة النارية زاد أضعافاً خلال عقدين من الزمن، إذ إنّ عدد شركات صناعة السلاح العاملة في الولايات المتّحدة زاد من 2222 شركة في العام ألفين إلى 16,936 شركة في العام 2020، وفق التقرير.
بدوره قفز الإنتاج السنوي للأسلحة النارية المخصّصة للبيع التجاري من 3.9 مليون قطعة في العام ألفين إلى 11.3 مليون قطعة في العام 2020، علماً بأنّ هذا الرقم بلغ ذروته في العام 2016 بتسجيله 11.9 مليون قطعة سلاح.