ما بين عصر جديد وسياسات دولية وإقليمية قديمة، تتولد آمال تنشد حلولا وبدائل تعبر بالتحديات إلى بر السلام والاستقرار.
آمالٌ عبّرت عنها ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات، خلال انطلاق أعمال ملتقى أبوظبي الاستراتيجي، بنسخته العاشرة، الذي ينظمه مركزها على مدار يومين متتاليين، بمشاركة نخبة واسعة من صناع الفكر والسياسات حول العالم.
الكتبي وفي كلمة لها أمام المشاركين، تطرقت إلى جملة من القضايا والملفات الشائكة على الساحة السياسية.
فعلى صعيد حرب غزة المشتعلة، أكدت الكتبي أن العالم أمام " أزمة معقدة تتجاوز المحلي إلى الإقليمي والدولي، وتتجاوز الأمني والعسكري إلى الإنساني والحقوقي والسياسي وما هو أبعد".
ولفتت إلى أن العالم وجد نفسه في هذه المسألة أمام "طيف من القطبية الأحادية في عصر جديد تلعب فيه القوى المتوسطة وقوى ما دوَ الدولة دوراً مؤثراً في تشكيل الوقائع والأحداث".
وفي هذا الصدد، اعتبرت رئيسة مركز الإمارات للسياسات أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المتواصلة منذ السابع من الشهر الماضي "لا تقل تأثيراً عن حرب أوكرانيا في أهمية تساؤل المراقبين عن إعادة ضبط الحقائق حول طبيعة التحول في النظام الدولي الناشئ، ومتغيرات البيئة الاستراتيجية الإقليمية، وخرائط اللاعبين وأولوياتهم الجديدة، والتحديات أمام منظومة القيم والمفاهيم الدولية وحقوق الإنسان، ومعايير الاستجابة للأزمات المفتوحة وغير المتوقعة، وعن المخاطر التي تواجهها مقولة "خفض التصعيد".
وفي هذا الصدد، دعت الكتبي إلى إعادة الاعتبار للسياسة والدبلوماسية والمواثيق الدولية والعيش المشترك.
ويقول مراقبون إن حرب غزة أصبحت محطة أخرى من محطات اختبار الأحادية القطبية في النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. لكنها محطة يتشارك فيها خصوم واشنطن مصالح ومخاوف اقتصادية، إلى جانب المصالح السياسية المرتبطة بمواجهة الهيمنة الأمريكية.
الإمارات.. نهج الإيجابية والانفتاح
في سياق متصل، أكدت الكتبي على أن نهج دولة الإمارات في سياستيها الداخلية والخارجية يقوم على تبني الإيجابية والتفاؤل والمرونة وسرعة التكيّف.
ولهذا- تضيف- "كانت الإمارات في كثير من الملفات والقضايا لديها الاستباقية والجرأة في اتخاذ الخطوة الأولى، لاسيما في توقيع شراكات استراتيجية واسعة مع قوى دولية كبرى واقتصادات صاعدة، وتدشين المصالحات الإقليمية مع إيران وتركيا، والخروج من اليمن، وتوقيع الاتفاق الإبراهيمي، والانفتاح على سوريا، والاستعداد لما بعد النفط بترسيخ التنافسية الإماراتية في التجارة والاستثمارات واللوجستيات والبنية التحتية وجودة الحياة".
سياسةٌ أثمرت، بحسب الكتبي، حجم اقتصاد إماراتي بنحوِ نصف تريليون دولار، ونجاحا في الوصول إلى الأسواق حول العالم، والاستمرار في تقديم نموذج تنموي متطور في منطقة ملتهبة.
"كوب 28".. فرصة لتسريع الانتقال العادل
وفي معرض حديثها عن مؤتمر "كوب 28" الذي تستضيفه الإمارات أواخر الشهر الجاري، قالت الكتبي إن بلادها تطمح من وراء هذا الحدث العالمي أن يكون "فرصة لتسريع الانتقال العادل من خلال بناء نظام مستقبلي للطاقة مع إزالة الكربون بسرعة؛ لكي يبقى هدف 1,5 درجة مئوية في متناولِ اليد".
لكن ذلك يتطلب وفق الكتبي، "بناء توافق عالمي عريض لمعالجة تحديات الانتقال وتوفير التمويل وإشراك القطاع الخاص، والتضامن الحقيقي مع الدول النامية، والجرأة العملية في تحمّل المسؤوليات وعدم ترحيلها".