جوجل يحيي ذكرى المعماري الذي بنى قصورا من طين
محرك البحث جوجل يحيي ذكرى ميلاد المعماري الشهير حسن فتحي الذي عُرف ب"فيلسوف العمارة" و "مهندس الفقراء".
يحتفل محرك البحث "جوجل" بمرور 117 عاما على ميلاد المعماري حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء، أفضل معماري في القرن العشرين، الذي سخّر حياته لهموم الفقراء، وبنى لهم قصورا من طين، واشتهر بطرازه المعماري الفريد، الذي استمد مصادره من العمارة الريفية النوبية المبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعثماني.
ولد المعماري حسن فتحي في 23 مارس/ آذار عام 1900، بمحافظة الإسكندرية، لأسرة مصرية ثرية، انتقل في الثامنة من عمره مع أسرته للإقامة بحلوان جنوب القاهرة، وعاش طول حياته في منزل بدرب اللبانة بحي القلعة بمدينة القاهرة، وقد تأثر فتحي بالريف وبحالة الفلاحين أثناء زيارته له وهو في سن الثامنة عشر، وكان يود أن يكون مهندسا زراعيا، لكنه لم يستطع الإجابة في امتحان القبول، وتخرج في المهندسخانة "كلية الهندسة حاليًا" بجامعة فؤاد الأول "جامعة القاهرة حاليًا" عام 1926.
عمل حسن فتحي في بداية حياته المهنية بالإدارة العامة للمدارس بالمجالس البلدية "المجالس المحلية"، وكان أول أعماله مدرسة طلخا الابتدائية بريف مصر، ومنها أتى اهتمامه بالعمارة الريفية، أو كما كان يسميها عمارة الفقراء، بعد ذلك قام رئيسه فى العمل بتصميم دار للمسنين بمحافظة المنيا على أن يكون التصميم كلاسيكيا، وهو ما لم يعجب حسن فتحي فترك العمل عام 1930، وعاد بعدها للقاهرة وعمل بمدرسة الفنون الجميلة، وفى عام 1949- 1952 عين رئيسا لإدارة المباني المدرسية بوزارة المعارف "وزارة التربية والتعليم"، وفي أثناء هذه الفترة عمل كخبير لدى منظمة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين.
عمل فى عام 1959 لدى مؤسسة "دوكسياريس" للتصميم والإنشاء بأثينا، اليونان، لمدة عامين، وفي أعوام 1963 - 1965 أقام مشروعًا تجريبيًا لإسكان الشباب تابع لوزارة البحث العلمي المصرية، وفي 1966 عمل كخبير لدى منظمة الأمم المتحدة في مشروعات التنمية بالمملكة العربية السعودية، وفي أعوام 1975- 1977 عمل كخبير بمعهد" أدلاي ستيفسون" بجامعة شيكاغو.
المعماري الفيلسوف
للمعماري حسن فتحي أقوال مأثورة تلخص فلسفته المعمارية أهمها: "هناك 800 مليون نسمة من فقراء العالم الثالث محكوم عليهم بالموت المبكر بسبب سوء السكن، هؤلاء هم زبائني".. يقول كذلك: "كمهندس طالما أملك القدرة والوسيلة لإراحة الناس فإن الله لن يغفر لي مطلقًا أن أرفع الحرارة داخل البيت 17 درجة مئوية متعمًدا"، وعن قيمة العمل الجماعي يقول: "شخص لا يستطيع بناء منزله ولكن عشرة أشخاص يستطيعون بناء عشرة منازل لهم"، كما يؤمن المهندس الفيلسوف بأن "الله قد خلق في كل بيئة ما يقاوم مشكلاتها من مواد، وذكاء المعماري هو في التعامل مع المواد الموجودة تحت قدميه لأنها المواد التى تقاوم قسوة بيئة المكان".
للمعماري الفيلسوف العديد من الدراسات والمؤلفات العلمية أهمها: "قصة مشربية"، "عمارة الفقراء" - "العمارة والبيئة" - "الطاقة الطبيعية والعمارة التقليدية" - "مبادئ وأمثلة من المناخ الجاف الحار".
.
قرية القرنة
يعد مشروع قرية "القرنة" الجديدة بغرب مدينة الأقصر أهم المشروعات المعمارية في حياة حسن فتحي، وسرد في كتابه" عمارة الفقراء" قصة بنائها، واعتمد في تصميم المنازل على الخامات والمواد المحلية، وظهر تأثّره بالعمارة الإسلامية، كانت للقباب تصميمها الفريد والتي استخدمت بدلا من الأسقف التي تعتمد على الألواح الخشبية أو الأسياخ الحديدية المعتادة، تم تخصيص بابٍ إضافيٍّ في المنازل للماشية، التي يقتنيها سكان المنطقة، كنوع من أنواع العزل الصحي، حفاظا على سلامة الأفراد .
اهتم حسن فتحي بالجانب التعليمي فى القرية، فقد شيد ثلاث مدارس؛ الأولى للأولاد والثانية للبنات، أما الثالثة فكانت مدرسة لتعليم الحِرف اليدوية التي اشتهرت بها منطقة القرنة، مثل الألباستر والغزل والنسيج وصناعة منتجات النخيل، كما قام بإنشاء مسجد كبير في مدخل القرية تأثر فيه بالفن المعماري الطولوني ممتزجا مع الفن الإسلامي في العهد الفاطمي، وأيضا قصر ثقافة حمل اسمه، ومسرحًا مبنيًا على الطراز الروماني، إلى جانب حمام سباحة.
أما أهم أعماله المعمارية خارج مصر تتمثل فى إنشاء مستوطنة " دار الإسلام " في ولاية نيومكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية، على أيدي البنائين النوبيين والمواطنين الأمريكيين، الذين تعلموا على يد حسن فتحي أسلوب بناء تلك الأبنية الطينية المكونة من القباب والعقود، وكانت الفكرة الرئيسية من المبنى هي بناء مركز ثقافي كبداية لتجمع من المسلمين الأمريكيين، لكن المشروع لم يكتمل، إذ لم يتم منه سوى إنشاء المسجد.
جوائز
على المستوى المحلي حصل حسن فتحي على جائزة الدولة التشجيعية للفنون الجميلة (ميدالية ذهبية) عن تصميم وتنفيذ قرية “القرنة الجديدة"، وكان أول معماري يحصل عليها عند تأسيس هذه الجائزة عام 1959، ميدالية وزارة التربية والتعليم عام 1960، ميدالية هيئة الآثار المصرية عام 1967، جائزة الدولة التشجيعية للفنون الجميلة عام 1968، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1988، الجائزة التذكارية لكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا.
أما على المستوى الدولي نال جائزة الرئيس أغاخان للعمارة بباكستان 1980، أول فائز بجائزة نوبل البديلة السويد 1980، جائزة بالزان العالمية إيطاليا عام 1984، الميدالية الذهبية الأولى من الاتحاد الدولي للمعماريين في باريس 1985 ، الميدالية الذهبية من المعهد الملكي للمعمارين البريطانين من المملكة المتحدة 1987، جائزة لويس سوليفان للعمارة "ميدالية ذهبية" من الاتحاد الدولي للبناء والحرف التقليدية عام 1989.