رسائل هيلاري.. تكتيك الإخوان لقلب الحقائق يتكسر على صخرة الوقائع
محللون حذروا في أحاديث لـ"العين الإخبارية" من محاولة للتشويش على الحقائق عبر اللجان الإخوانية الإلكترونية
تصاعدت تداعيات رسائل البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، التي أفرجت عنها واشنطن مؤخرا، وتفضح شكل العلاقة غير المشروعة بين إدارة باراك أوباما السابقة والإخوان بعد أن أربكت تلك المراسلات ما تبقى من قيادات التنظيم الإرهابي في الخارج.
وجرى تداول على نطاق واسع خلال اليومين الماضيين بيان منسوب لمجلس شورى جماعة الإخوان يدعو أعضاء التنظيم في مصر للتشكيك في رسائل هيلاري، وهو ما اعتبرها محللون وخبراء في شؤون الحركات الإسلامية في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" محاولة للتشويش على الحقائق عبر اللجان الإلكترونية الخاصة بهم.
ولم يستبعد هؤلاء الخبراء قيام عناصر التنظيم خلال الفترة المقبلة ببث مراسلات مزورة وغير حقيقية من أجل قلب الحقائق؛ اعتمادا على توقعهم بعدم دراية الجميع بهذا الكم من المراسلات التي أفرجت عنها الخارجية الأمريكية.
وأكد هؤلاء في الوقت ذاته أن رسائل هيلاري تحمل وقائع مثبتة تؤكد تآمر الجماعة على مصر، من خلال علاقتها غير المشروعة مع إدارة أوباما السابقة الذي حاول استغلال التنظيم كثغرة للسيطرة على المنطقة.
وتحدثت الوثيقة المسربة عن اجتماع لمجلس شورى الإخوان، عقد في 13 أكتوبر الجاري، يدعو أنصار التنظيم في مصر، إلى نفي رسائل هيلاري فى مواقع التواصل الاجتماعي والتشكيك فيها.
كما طالبت الوثيقة المنسوبة لمجلس شورى الجماعة عدم التعامل مع الإدارة الأمريكية الحالية، لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبلة.
وشملت الوثيقة على 3 بنود أساسية الأول؛ "التنبيه باتخاذ اللازم نحو نفي كل التسريبات، وذلك في اجتماعات الأسر وبين كل المؤيدين والمحبين"، بحسب المفردات التي استخدمها الخطاب الإخوني.
والثاني؛ التنبيه على مسؤولي الاتصالات المتواجدين داخل مصر وخارجها ببذل قصارى الجهد نحو التشكيك بتلك التسريبات مع الاستمرار فيما تم الاتفاق عليه سالفا.
أما البند الثالث فتضمن عدم التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية في خلال هذه الفترة لحين انتهاء الانتخابات هناك.
التشكيك في الرسائل
وفي تعقيبه، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "تنظيم الإخوان سيسعى إلى ضرب مراسلات هيلاري، ليس فقط في محاولة للتشكيك فيها، لكن للزعم بأنها مزورة".
وقال فهمي إن "الجماعة ستحاول تضليل الرأي العام الدولي، وتوجيه رسائل متناقضة وبث مراسلات غير صحيحة، لا تتبع المراسلات الخاصة الرسمية التي أفرجت عنها الإدارة الأمريكية".
وهو ما أوضحه بالقول: "ستلجأ الجماعة إلى بث مراسلات مزورة ؛ اعتمادا على أنه لا أحد سيقرأ كل هذا الكم من المراسلات المفرج عنها؛ وذلك في محاولة للتشويش على الحقائق، من خلال عدد من اللجان الإلكترونية الخاصة بهم، والشُعب الإعلامية للمكتب بالإضافة لقياداتهم".
وتوقع فهمي في هذا الصدد ظهور عدد من قيادات الجماعة فى الخارج وخاصة إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، عبر أبواق الإخوان الإعلامية؛ للتشويش على المراسلات.
إبعاد شبهات التواطؤ
وأكد الخبير والمحلل السياسي أن جماعة الإخوان ستحاول إبعاد شبهة التعامل بين الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي وهيلاري كلينتون، والاتصالات التي جرت عن القوات المسلحة المصرية، وخطط إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية وغيرها.
وأكد فهمي أن "الوقائع التي حملتها رسائل هيلاري مثبتة، وتؤكد ما لدينا من قناعات بأن هذه الجماعة ضلت طريقها، ولها علاقات غير مشروعة مع إدارة أوباما، وتحمل رسالة تآمر التنظيم على مصر وأنها جماعة ضيقة الأفق".
واعتبر فهمي أن "أساليب الجماعة الإعلامية ملونة ومضللة وتحاول التشويش على الحقائق، خاصة وأن تلك التسريبات وثائق ومستندات مثبتة".
"ثغرة أوباما"
واتفق البرلماني طارق الخولي أمين سر لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب المصري مع ما ذهب إليه "فهمي".
وأشار في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن "رسائل هيلاري تحمل تأكيدا بأن هناك تحالف مصالح واضح بين إدارة أوباما السابقة والإخوان، فالأخيرة كانت تري حاجتها للدعم الأمريكي من أجل تثبيت موقفها بمصر وعددا من دول المنطقة، وواشنطن في المقابل كانت تعتبر أن الجماعة هي الثغرة التي ستنفد منها للدول، واستخدام التنظيم للسيطرة عليها من قبل الإدارة الأمريكية".
وكشف الخولي عن أنه "في فترة حكم الإخوان كان الدعم الأمريكي واضحا للتنظيم من خلال لقاءات سرية جمعت بين مسؤولين أمريكيين وقيادات بها، فضلا عن اللقاء العلني بين السفيرة الأمريكية بالقاهرة ومرشد الجماعة فى هذا التوقيت".
وأردف: "بدا بشكل واضح جدا في تلك الفترة الدعم الأمريكي غير المحدود للجماعة، وأصبحت المسألة واضحة بأن إدارة أوباما كانت تتبنى فكرة استخدام الإسلام السياسي من أجل السيطرة علي منطقة الشرق الأوسط عن طريق الجماعات الراديكالية التي تستخدم الدين لتحقيق مكاسب سياسية كان على رأسها الإخوان التي تمتلك تنظيم دولى منتشر في عدد من بلدان المنطقة".
الخولي أضاف أنه "كان هناك ما يشبه التوافق بين إدارة أوباما والإخوان من أجل دعمهم في الوصول للحكم حتى يكون ذلك بابا خلفيا لسيطرة أوباما علي المشهد فى الدول العربية".
ودلل الخولي بالموقف الأمريكي العنيف ضد ثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان بعد تظاهر الملايين، لافتا إلى محاولات التهديد الأمريكي والوعيد للشعب المصري، وتعليق العديد من الاتفاقيات من أجل لي ذراع الدولة المصرية.
احتواء حكم الإخوان
وتكشف مراسلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة أيضا أن رهانات الحزب الديمقراطي في أمريكا كانت تقوم على احتواء حكم الإخوان لمصر، وتقديرهم أن نظام الجماعة سيكون مواليا لتوجهاتهم، ولن يسعى لتنويع تحالفاته، وفقا لما أكده الخبير في شؤون الحركات الإسلامية أحمد بان.
بان قال لـ"العين الإخبارية": "لا تكشف تسريبات هيلاري جديدا عن العلاقة الخاصة التى تربط الجماعة بالإدارة الأمريكية خلال عام 2012 حتى منتصف 2013، مشددا على أن التنظيم لن يعود أبدا كما كان لا تنظيميا ولا فكريا.
وتتعلق المراسلات التي جرى الكشف عنها مؤخرا بطريقة تعامل هيلاري مع رسائل البريد الإلكتروني الحكومية، عندما كانت وزيرة للخارجية في الفترة من 2009 إلى 2013.
وتكشف إحدى الرسائل التي أفرجت عنها الخارجية الأمريكية، والمؤرخة في 17 سبتمبر/أيلول 2012 بعنوان "الإخوان يخططون لمشروع إعلامي من شركاء قطريين"، تمويل الدوحة لتنظيم الإخوان الإرهابي لتأسيس مؤسسات إعلامية باستثمارات قيمتها ملايين الدولارات.
كما كشفت الوثائق مدى ارتباط الوزيرة بقناة "الجزيرة" القطرية، بوق الدوحة لدعم الإرهاب والدعوة للفوضى، ومحاولة استغلالها لتلميع صورة إدارة أوباما.
كما جرى تداول اسم خيرت الشاطر نائب مرشد الإخوان الإرهابية، والمحرك الفعلي للتنظيم والرجل القوي، في رسائل هيلاري.
كما تكشف المراسلات عن تنسيق كلينتون، مع قناة الجزيرة القطرية بخصوص موقف واشنطن المتشدد من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك خلال مظاهرات يناير/كانون الثاني 2011.
ويتضح ذلك من خلال رسالة اطلعت عليها "العين الإخبارية" وجهتها قناة الجزيرة إلى وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الدبلوماسية العامة جوديث ماكهيل.
الرسالة مؤرخة في 29 يناير/كانون الثاني 2011، وهو اليوم الذي وجّه فيه أوباما رسالة أيدت المظاهرات في مصر ضد الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.
وفي حين تم شطب اسم مرسل الرسالة، فقد لاحظت "العين الإخبارية" أنها وصلت من جهاز نقال "بلاك بيري" محفوظ باسم "الجزيرة".
وجاء في نص الرسالة "عزيزتي جوديث: أهنئ الرئيس أوباما على موقفه المبدئي من مصر الذي يعكس المشاعر الغامرة للشعب. آمل أن يستمر في هذا الاتجاه في هذه الأيام الحرجة المقبلة. نجدد مرة أخرى اهتمامنا بإجراء مقابلة مناسبة معه. بصراحة لا بديل. بإخلاص".
وفي رسالة أخرى، طالبت هيلاري قطر بتمويل ما سمي بثورات الربيع العربي عبر صندوق مخصص لمؤسسة كلينتون.