تحقيق «صادم» لصحيفة أمريكية حول مقتل الطفلة هند بغزة
قبل أكثر من شهرين، كان الهاتف المحمول في يد الطفلة الفلسطينية هند رجب ( 6 سنوات)، أقرب شيء تملكه إلى شريان الحياة.
ولمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة، في 29 يناير/كانون الثاني الثاني، كانت هند وحيدة في المقعد الخلفي لسيارة خارج محطة وقود في مدينة غزة، وهي تنجرف داخل وخارج وعيها، محاطة بالجثث، بينما كانت تخبر مسعفي الهلال الأحمر أن الدبابات الإسرائيلية كانت تقترب منها.
ومن غرفة عمليات جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، على بعد حوالي 50 ميلا في مدينة رام الله، بذل الفريق المناوب قصارى جهده لإنقاذ الطفلة، لكن نيران إسرائيل كانت أقرب لها، ليتم العثور عليها في فبراير/شباط وقد فارقت الحياة.
تحقيق بالأدلة الدامغة
وخلص تحقيق أجرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إلى أن مركبات مدرعة إسرائيلية كانت موجودة في المنطقة بعد الظهر، وأن إطلاق النار كان مسموعا بينما كانت هند وابنة عمها ليان تطلبان المساعدة، فضلا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بسيارة الإسعاف، والتي تتوافق مع الأسلحة الإسرائيلية.
ويستند التحليل الذي طالعته "العين الإخبارية" في الصحيفة الأمريكية، إلى صور الأقمار الصناعية، والصور ومقاطع الفيديو لما بعد الحادثة، ومقابلات مع 13 من رجال الإنقاذ وأفراد الأسرة، وأكثر من عشرة خبراء عسكريين وخبراء في الأقمار الصناعية والذخائر والصوت قاموا بمراجعة الأدلة أيضا. مثل تصريحات الجيش الإسرائيلي.
وبعد 12 يوما، عندما وصل طاقم الدفاع المدني الفلسطيني أخيرا إلى المنطقة، عثروا على جثة هند في سيارة مليئة بالرصاص، وفقا لعمها سمير حمادة، الذي وصل أيضا إلى مكان الحادث في وقت مبكر من صباح ذلك اليوم.
وظلت سيارة الإسعاف متفحمة على بعد حوالي 50 مترا (حوالي 164 قدما) من السيارة، ويتوافق تدميرها مع استخدام طلقة أطلقتها الدبابات الإسرائيلية، وفقا لستة خبراء في الذخائر.
واشنطن تريد تحقيقا في "المأساة"
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد أعلنت أنها أثارت قضية مقتل الطفلة هند مرارا مع الإسرائيليين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، "أخبرنا الإسرائيليون أنه كانت هناك في الواقع وحدات تابعة للجيش الإسرائيلي في المنطقة، لكن ليس لدى الجيش أي علم أو تورط في نوع الضربة الموصوفة".
لكن بعد نشر تحقيق "واشنطن بوست"، اعتبر ميلر أن مقتل هند رجب "مأساة لا توصف - وهو أمر لم يكن ينبغي أن يحدث أبدا ولا ينبغي أن يحدث أبدا".
مضيفا "لذا فإن ما سنفعله هو أخذ المعلومات الواردة في واشنطن بوست، وسنعود إلى حكومة إسرائيل ونطلب منهم المزيد من المعلومات. ما زلنا نرحب بإجراء تحقيق كامل في هذا الأمر، وكيف حدث ذلك في المقام الأول”.
خبراء يفندون الصور
وقد قام الهلال الأحمر الفلسطيني، بالإضافة إلى ممثلين عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان والدفاع المدني، الذين زاروا مكان الحادث في 10 فبراير/شباط، بتقديم صور للصحيفة الأمريكية، والتي تم التحقق منها من خلال تأكيد الموقع بشكل مستقل باستخدام صور الأقمار الصناعية والخرائط مفتوحة المصدر ومقابلات مع شهود العيان.
ووجدت مراجعة الصحيفة أيضا أنه تم اكتشاف سيارة الإسعاف على طول طريق قدمته وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي ذراع وزارة الدفاع الإسرائيلية التي تنسق بشكل عام المرور الآمن للمركبات الطبية.
في منتصف مارس/آذار، قال إيلاد غورين، رئيس إدارة التنسيق والاتصال في مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، لصحيفة "واشنطن بوست"، إن الوكالة "قامت بتنسيق كل شيء... بما في ذلك سيارة الإسعاف التي أرادت الذهاب والعثور على هند"، لكنه لفت إلى أنه "ليس على علم" بالتفاصيل.
ولم يستجب منسق أعمال الحكومة في المناطق للطلبات المتكررة للتوضيح.
ونفى الجيش الإسرائيلي حدوث أي تنسيق لسيارة الإسعاف، مكررا تأكيده أن قواته ليست في المنطقة.
وحذر مسؤولون في المجال الإنساني من أن نظام التنسيق مع الجيش الإسرائيلي، المصمم لحماية عمليات تسليم المساعدات ومناورات سيارات الإسعاف المنقذة للحياة، معطل.
وأثارت الضربات الإسرائيلية على قافلة المطبخ المركزي العالمي، والتي أسفرت عن مقتل سبعة من عمال الإغاثة في غزة في الأول من أبريل/نيسان، غضبا عالميا، بعد فشل جهود فض الاشتباك.