تغير المناخ يهدد وردة عيد الحب
تحذر منظمة بيئية من أن وردة عيد الحب التقليدية مهددة بشدة بسبب درجات الحرارة العالمية المرتفعة، والتي تجعل زراعة الأزهار أصعب من ذي قبل.
في 14 فبراير/شباط من كل عام، يحتفل العشاق حول العالم بعيد الحب، والمعروف أيضًا بـ"الفلانتين داي"، ويتبادلون فيه الهدايا الرومانسية مثل الشوكولاتة والورود.
على مر السنين، أصبحت الورود مرتبطة لحد كبير بطقوس هذا اليوم، وباتت تمثل رمزًا للعيد الذي يحتفل فيه العشاق بمشاعرهم منذ قرون.
ينعكس ذلك على السوق بالطبع، وتشير التقديرات إلى أن تجار الورود يبيعون أكثر من 80 مليون ساق من الورود على مستوى العالم في يوم عيد الحب.
تعتبر الورود الحمراء هي الأكثر شعبية بين العشاق في هذا اليوم، يليها البيضاء والصفراء، وفق ما أكده تجار الورود الأكثر مبيعًا حول العالم.
يشير تقرير حديث صادر عن منظمة كريستيان إيد البريطانية الخيرية، إلى أن تغير المناخ يشكل تهديدًا كبيرًا لهذه الأزهار الرومانسية، خاصة تلك التي تنمو في الحدائق الواقعة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
يطالب التقرير قادة العالم باتخاذ إجراءات أكبر وأكثر تأثيرًا لمواجهة تغير المناخ، الذي يهدد الزراعة بشكل عام في جميع أنحاء العالم.
يحذر من أن آثار الاحترار العالمي لا تنذر فقط بأعياد حب خالية من الورود في السنوات المقبلة، بل أنها تهدد أيضًا سبل عيش ملايين العاملين في قطاع زراعة هذه الأزهار حول العالم.
- تغير المناخ يرفع أسعار 5 سلع غذائية في 2024 لمستوى غير مسبوق
- حدود الكوكب التسعة.. تقييم حالة الأرض لصالح الأجيال القادمة
تغير المناخ وورود الحب
تنمو ورود عيد الحب الشهيرة في درجات حرارة تتراوح بين 15 و24 درجة مئوية، وتحتاج لست ساعات على الأقل من ضوء الشمس يوميًا.
يمكن لدرجات الحرارة شديدة البرودة أن تؤدي إلى تباطؤ النمو، في حين أن درجات الحرارة الأعلى من ذلك يمكن أن تحرق الأوراق وتضغط على النبات.
تفضل الورود التربة حرة التصريف التي لا تجف، وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لتنمو في ظروف مناسبة.
في المناطق التي تعاني من نقص المياه بالفعل، قد تؤدي الظروف المناخية المتغيرة إلى جعل زراعة الورود غير مستدامة، خاصة بالمقارنة مع المتطلبات الأخرى للمياه، بما في ذلك الشرب.
يساهم تغير المناخ في موجات الجفاف وتعطيل مواسم النمو وتغير أنماط هطول الأمطار، مما يهدد صناعة الورد في جميع أنحاء العالم، وفقا لمنظمة كريستيان إيد.
يؤثر تغير المناخ بشكل واضح على البلدان التي تزرع الورد تجاريًا، وباتت الظروف المناخية داخلها أقل فائدة للنباتات، مما يهدد سبل عيش ملايين العاملين في هذا القطاع.
قال التقرير إن 5 دول فقط تزرع 59% من الورود المصدرة للعالم بأكمله، تقع جميعها في جنوب الكرة الأرضية، وهي كينيا وكولومبيا وإثيوبيا وأوغندا والإكوادور وكولومبيا.
تواجه هذه الدول درجات حرارة مرتفعة وموجات جفاف كارثية، بالإضافة إلى ذوبان الأنهار الجليدية، مما يتسبب في ندرة المياه، وتهديد زراعة الورد وتجارته عالميًا.
في شرق أفريقيا على سبيل المثال، حيث تقع كينيا وإثيوبيا، تشير النماذج المناخية إلى أن المنطقة سوف تشهد ارتفاعات في درجات الحرارة بشكل مستمر، سواء أثناء النهار أو الليل.
من المتوقع أن تصبح درجات الحرارة القصوى أكثر سخونة وأكثر تواترًا، وهو الأمر الذي قد يحرم الورود من ظروف النمو المفضلة لها.
كما يستشهد تقرير كريستيان إيد بأبحاث أخرى أشارت إلى أن حالات الجفاف في شرق أفريقيا بين عامي 2020 و2022 أصبحت أكثر احتمالاً وأكثر حدة بأكثر من 100 مرة بسبب تغير المناخ.
يقول تشارلز شي، من شركة كيو جاردنز العالمية، تعليقاً على التقرير: "لتغير المناخ تأثيرات كبيرة على زراعة الورد حول العالم، فآثار ارتفاع درجات الحرارة، وتغير أنماط هطول الأمطار، وزيادة ضغط الآفات والأمراض يمكن أن تؤدي إلى الإجهاد الحراري، وانخفاض جودة الزهور، وتعطيل مواسم الإزهار، وإلحاق الضرر بنباتات الورد".
تضرر السوق العالمية
تتصدر كينيا قائمة الدول المصدرة للورود إلى المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث تبلغ حصتها 19.1% من السوق العالمية، وجلبت 630 مليون دولار أمريكي في عام 2021.
تعد الزهور المقطوفة ثاني أكبر صادرات البلاد بعد الشاي، وتمثل حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل لأكثر من 100000 عامل بشكل مباشر، مع خلق المزيد من فرص العمل بشكل غير مباشر من قبل الصناعة.
يقول باتريك مبوغوا، المدير العام لشركة وايلد فاير فلورز، في كينيا: " نشعر بالقلق الشديد بشأن تأثير المناخ على زراعة الورد في البلاد. لقد شهدنا زيادة في ضغط الأمراض بسبب أنماط الطقس غير العادية".
يضيف: "في بعض الأحيان يكون لدينا طقس حار للغاية يؤدي إلى قفزة في عدد الآفات، وفي أحيان أخرى درجات حرارة منخفضة بشكل غير عادي يؤدي إلى زيادة الالتهابات الفطرية، مما يقلل المحاصيل".
بشكل عام، تعد البلدان الأفريقية الثلاثة، كينيا وإثيوبيا وأوغندا، بالترتيب، الموردين الرئيسيين للسوق الأوروبية.
تعد إثيوبيا سوقًا أحدث وأصغر حجمًا، ولكن بحصة سوقية تبلغ 5.06%، بقيمة 176 مليون دولار أمريكي في عام 2021.
بعد إنشاء أول مزرعة للورد في عام 2000، بدأت الحكومة في دعم زراعة الورد في عام 2002 من خلال تسهيل الحصول على الأراضي والحوافز الضريبية والتمويل طويل الأجل، ونما القطاع بعد ذلك بشكل ملحوظ.
خلقت صناعة الزهور في أثيوبيا 20 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر، وتحتل الآن المرتبة الثانية بعد القهوة كأكبر صادرات لإثيوبيا، حيث تبلغ قيمتها 14.1% من عائدات التصدير في البلاد.
أما في أمريكا اللاتينية، تبلغ حصة الاكوادور من السوق العالمية حوالي 21.20%، فيما تملك كولومبيا حصة قدرها 12.40%.
نداء إلى COP29
تعد الورود جزءًا خاصًا من تقليد عيد الحب، ولكن نظرًا لزراعة العديد منها في مناطق معرضة لتغير المناخ، فإن مستقبلها ليس ورديًا على الإطلاق.
يقول أوساي أوجيغو، مدير السياسات والحملات العامة في منظمة كريستيان إيد: "تجلب هذه الأزهار البهجة، وتشكل دخلاً حيويًا للمزارعين في الجنوب العالمي، ومع ذلك فإن سبل العيش هذه معرضة للخطر بسبب ارتفاع انبعاثات الكربون".
يضيف: "نحن بحاجة إلى رؤية إجراءات أكثر إلحاحًا من جانب الحكومات للاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وكذلك تخصيص التمويل المناخي اللازم لمساعدة المزارعين على التكيف مع أزمة المناخ التي لا دخل لهم فيها".
يقدم التقرير حزمة من التوصيات لإنقاذ هذه الزراعة المهمة في الجنوب العالمي، من ضمنها زيادة تمويل المناخ الذي يلبي احتياجات الأشخاص الذين يتعين عليهم التكيف مع آثار أزمة المناخ.
يشير إلى أن مزارعي الورود وغيرهم ممن يعتمدون على مناخ مستقر لكسب عيشهم يحتاجون إلى الدعم لتنويع مصادر دخلهم، وتطوير أنواع أكثر مرونة من النباتات.
كما يطالب التقرير الدول التي ستجتمع في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP29) في باكو هذا العام، بإجبار المتسببين التاريخيين في تغير المناخ على دفع الأموال إلى صندوق الخسائر والأضرار لمساعدة الأشخاص الذين تعرضوا لأكبر قدر من الخسائر بسبب الأزمة العالمية.
aXA6IDMuMTQ5LjI1My43MyA= جزيرة ام اند امز