فتح طريق ليبيا الساحلي.. سر التوقيت والنتائج المترتبة
سلسلة اجتماعات مضنية أفضت لفتح الطريق الساحلي الرابط شرقي ليبيا بغربها، في خطوة عدها مراقبون بداية لإنهاء معاناة مواطني البلد الأفريقي.
الخطوة التي أعلن عنها، اليوم الأحد، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، استقبلها الليبيون بترحاب شديد.
ملف الطريق الساحلي، يعد أكثر الملفات الشائكة التي تمثل عبئاً كبيراً على السلطة التنفيذية الجديدة في ليبيا، وتعرقل عملية السلام الشاملة والمصالحة الوطنية، بسبب الخلافات الحادّة حولهما، حسب مراقبين.
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، الأحد، نجاح جهود فتح الطريق الساحلي ورفع المعاناة عن الشعب الليبي.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء محللين سياسيين ليبيين حول أهمية الخطوة، التي تأتي قبل أيام من مؤتمر "برلين 2"، وتأثيرها على ملفي الانتخابات والمرتزقة في ليبيا.
خطوة رمزية
كامل المرعاش، المحلل السياسي الليبي، أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن فتح الطريق الرابط بين سرت ومصراتة، يبقي خطوة رمزية، رغم أهميتها، شريطة أن تلحقها خطوات أكثر جدية فيما يتعلق بتنفيذ باقي بنود اتفاق جنيف في شقه العسكري.
وحول توقيت فتح الطريق، قال المرعاش، إنه رغم كونه جاء متأخرًا جدًا، إلا أنه يعطي فرصة أكبر للحكومة للتعبير عن مصداقيتها في اجتماعات برلين 2 والظهور بأنها تمثل ليبيا الموحدة، رغم عدم واقعية هذا الكلام.
وأشار إلى أن تضخيم هذا الحدث، لا يعني انفراج الأزمة في ليبيا، مطالبًا حكومة عبدالحميد الدبيبة، بالإفصاح عن حجم الأموال التي دفعتها حكومة السراج من قبل، وحكومته لميليشيات مصراتة من أجل فتح هذه الطريق.
3 خطوات
ويرى المحلل السياسي الليبي، أن الخطوات الأخرى الأكثر أهمية هي توحيد المؤسسة العسكرية وتفكيك الميليشيات، واحتكار السلاح تحت سيطرة الدولة، مما يوفر مناخًا آمنًا لتنظيم الانتخابات وضمان نزاهتها وقبول نتائجها من كل الأطراف.
وحول تأثير فتح الطريق الساحلي على ملف المرتزقة في ليبيا، قال المرعاش إن ملف فتح الطريق الساحلي محلي والحل فيه يكمن بين الأطراف المحلية، إلا أن التواجد العسكري الأجنبي والمرتزقة، ملف أكبر من حجم كل الأطراف المحلية، وتتحكم به دول إقليمية وقوى دولية أخري.
ضغوط قوية
وشدد المرعاش على ضرورة أن يكون المجتمعون في برلين 2 على مستوى المسؤولية ويمارسوا ضغوطًا قوية لإخراج هؤلاء المرتزقة والقوات الأجنبية، خصوصًا على تركيا التي تجاهر برفض سحب قواتها والمرتزقة السوريين الذين جلبتهم بالآلاف لقتال الجيش الوطني الليبي.
وحذر المحلل السياسي الليبي، من الترويج لفكرة تنظيم الانتخابات دون الفصل في مسألة وجود القوى العسكرية الأجنبية والمرتزقة على الأراضي الليبية، كون إجراء هذه الخطوة، سيجعل مسألة تنظيم الانتخابات حدثًا وهميًا، يسوده التزوير وتتحكم بها الميليشيات، على حد وصفه، مما سيفرز رئيسًا وحكومة لن يقبل بها الشعب الليبي.
شريان اقتصادي
بدوره يرى المحلل السياسي الليبي، محمد يسري، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن فتح الطريق الساحلي خطوة مهمة، كونه يمثل شريانا اقتصاديا رئيسيًا بين الشرق والغرب، وسيمهد لعودة حركة البضائع بين كافة المدن، مما سينهي عديد الأزمات التي عانت منها تلك المناطق، طيلة السنوات الماضية.
وأشار إلى أن لجنة "5+5" العسكرية هي الوحيدة المنوطة بإعلان بفتح الطريق الساحلي، إلا أن إعلان رئيس الحكومة ورئيس المجلس الرئاسي، هو فقط ذر الرماد في العيون.
وأكد يسري أن فتح الطريق الساحلى سيؤثر على كل الملفات التي تتمحور حولها الأزمة الليبية لاسيما الانتخابات والمصالحة الوطنية وإعادة المهجرين والنازحين وتوحيد المؤسسات، متوقعًا توحيد المؤسسة المصرفية وفتح المقاصة قريبًا، والتي تمثل أيضا أحد الأعمدة الرئيسية لإنهاء الأزمة الاقتصادية في البلاد.
واعتبر أن فتح الطريق الساحلي يثبت جدية الأطراف الليبية في إنهاء الازمة والخروج بالبلاد من واقع وصفه بـ"المرير"، مرت به ليبيا طيلة السنوات الماضية، ما سيكون له تأثير واضح في مؤتمر برلين 2 الذي ستأتي نتائجه حاسمة وملزمة لكافة الأطراف التي تعرقل الحلول السلمية في البلاد، وتتدخل في سيادة الدولة الليبية.
وأشار إلى أن نتائج "برلين 2" ستأتي متسقة تمامًا مع بدء فتح الطريق الساحلي، وسستشدد على ضرورة بناء مؤسسة أمنية قوية تحمي كل ما تم التوصل له من حلول سلمية حتى الآن، والإسراع في تفكيك الميليشيات وتوحيد مؤسسات الدولة.
وطالب المحلل السياسي الليبي، الحكومة ببذل مزيد من الجهود لتحقيق الأمن والسلم السياسي وتوحيد المؤسسة العسكرية، والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، لإحداث خروقات في الأزمة الليبية على شاكلة فتح الطريق الساحلي تمهد لحل دائم.
استقرار ليبيا
متفقا مع ما سبق قال أيوب الأوجلي، المحلل السياسي الليبي، في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية"، أن فتح الطريق الساحلي، خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة استقرار ليبيا، لا سيما أنها طال انتظارها.
وعبر الأوجلي عن استغرابه من إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة عن هذه الخطوة، وهو ما يمثل مخالفة للاتفاق السياسي، حيث يعتبر هذه الملف اختصاصا أصيلا للجنة العسكرية المشتركة 5+5 التي كان من المنتظر أن تجتمع غداً لبحث هذا الملف.
وأشار إلى أن الأزمة الليبية متشابكة بشكل كبير ومتداخلة الملفات، فكل خطوة إيجابية ستكون مؤثرة بشكل إيجابي على ملف الانتخابات وبالعكس، مؤكدًا أن انتخابات الـ24 من ديسمبر هي البوصلة التي تتوجه صوبها كل التحركات على جميع الأصعدة.
وأكد أن ملف المرتزقة يعد أحد اكثر الملفات تعقيداً في الأزمة الليبية، معبرًا عن اعتقاده بأن يسهل ملف فتح الطريق الساحلي، المباحثات المتعلقة بآليات خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، كأحد أبرز النقاط التي ستطرح في برلين ما يعني تقريب وجهات النظر حول عديد الملفات، أبرزها ملف تفكيك المليشيات والمجموعات المسلحة التي كان المعرقل الأول لفتح الطريق الساحلي، طيلة الفترة الماضية.
واعتبر الأوجلي أن فتح الطريق الساحلي، سيسهل بعض العراقيل التي تواجه الحكومة كونه يعد خطوة ترسي المزيد من الاستقرار على الوضع الأمني بصفة خاصة، إلا أن النقطة الفاصلة في نجاح مؤتمر برلين الثاني هو التزام الدول بمخرجات الاتفاق السياسي الليبي لاسيما في ملف خروج المرتزقة والقوات الأجنبية الذي يعد المعرقل الأول لأية إجراءات أو خطوات في ملف انتخابات نهاية العام.
خطوة مؤقتة
بدوره لم يبد مختار الجدال، المحلل السياسي الليبي، تفاؤلا كبيرًا بالخطوة، مشيرًا إلى أنها ستكون جيدة حال استمرارها، إلا أنه عبر عن اعتقاده بأنها خطوة مؤقتة لتصنع حسن نية قبل موعد برلين2 من قبل الحكومة.
وتوقع الجدال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن يغلق الطريق الساحلي مرة ثانية بعد التئام برلين 2، مشيرًا إلى أن المليشيات تستخدم هذا الملف كورقة لاستغلال الحكومة واستنزاف أموالها.
وأكد أن ملف فتح الطريق الساحلي سيؤثر على الانتخابات المقبلة، كون مدينة سرت تقع ضمن الدائرة الثامنة ومقرها مدينة مصراتة، مشيرًا إلى أن فتح الطريق سيعطي ثقة في الدائرة.
وأشار إلى أن فتح الطريق الساحلي سيجعل من مهمة الحكومة في برلين 2 سهلة، وهو ما سعت إليه، لكيلا تظهر في شكل المعرقل وتتعرض إلى عقوبات، خاصة بعد تسريبات بمعاقبة المعرقلين.
وتوقع أن يطالب المجتمع الدولي، في برين 2، بحل المليشيات وإدماجها وجمع السلاح وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وإجراء الانتخابات في موعدها.
تساؤلات حائرة
رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته) الدكتور عبدالمنعم اليسير، تساءل عن المدى الذي وصلت إليه المليشيات التي وافقت أخيرا على فتح الطريق الساحلي، ومتى سوف يغلق من جديد؟.
وأكد اليسير، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أنه بدون تنفيذ كل بنود الاتفاق الذي توافقت عليه لجنة "5+5" في جنيف، بما في ذالك فك جميع المليشيات وجمع السلاح وخروج القوات الاجنبية والمرتزقة، لن يكون هنالك أي استقرار أمني.