"لعنة الفراعنة" ما هي وماذا حل بمن هاجمها؟ خبراء يفسرون لـ"العين..
"سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك".. هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون بعد اكتشافها.
"سيضرب الموت بجناحيه السامين كل من يعكر صفو الملك".. هذه هي العبارة التي وجدت منقوشة على مقبرة توت عنخ آمون بعد اكتشافها في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1922 على يد العالم الأثري"كارتر".
كما عثر على تمثال في المقبرة مكتوب عليه: "إنني أنا حامي حمى قبر توت عنخ آمون وأطرد لصوص القبر بلهب الصحراء"، ثم بدأت بعدها سلسلة من الأحداث الغريبة واللعنات التي أصابت العديد ممن شاركوا بشكل أو بآخر في اكتشاف أو نقل كنوز الملك الصغير من مقبرتها، وقد سميت آنذاك "لعنة الفراعنة".
أولى حلقات سلسلة اللعنات هي موت عصفور "كارتر" الكناري الذهبي الذي حمله معه إلى الأقصر، فعندما سافر كارتر إلى القاهرة وضع مساعده "كالندر" العصفور في الشرفة، ويوم افتتاح المقبرة هاجم ثعبان كوبرا قفص العصفور وقتله، فأسرع كالندر بقتل الثعبان الذي يشبه ثعبان الكوبرا الذي يوضع على تاج ملوك مصر بحسب تفسير "إرثر ويجل" المفتش العام السابق للآثار المصرية، وهو عقاب وانتقام الملك من الذين عكروا صفوه كما تقول العبارة المنقوشة على مقبرة توت.
بعد ذلك توالت المصائب وبدأ الموت يحصد العديد من الذين شاركوا في الاحتفال أو أسهموا في نقل محتويات المقبرة، ومعظم حالات الوفاة كانت بسبب تلك الحمى الغامضة أو حوادث أخرى، أشهر هذه الحالات هي الوفاة الغامضة للممول الرئيسي لاكتشاف المقبرة وشريك كارتر اللورد "كارنارفون".
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز، في 22 من ديسمبر/كانون الأول في العام 1922م، أنه تعرض للدغة بعوضة، وقد أصيب بتسمم في الدم ومات بعدها في 5 أبريل 1923، ومات بعد ذلك أخوه غير الشقيق العقيد" أوبري هربرت"بعد أن أصبح أعمى تماماً وتوفي في 26 سبتمبر عام 1923م؛ وذلك بسبب تسمم في الدم.
أثناء الاحتفال الرسمي بافتتاح المقبرة أصيب "محمد زكريا" الأثري المصري بحمى غامضة، وقد قيل أن أصبعه قد جرح داخل المقبرة، وقد فسرت الحادثة على أنها انتقام من الملك توت عنخ آمون بحسب مقولة الفلكي الفرنسي "لانسيلان" والغريب أن التيار الكهربائي انقطع في القاهرة في الليلة نفسها دون تفسير واضح.
توفي سكرتير هوارد كارتر بشكل مفاجئ في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1929؛ فقد وجد مخنوقا في سريره، وبعدها انتحر والده حزناً عليه وفي أثناء تشييع جنازة السكرتير داس الحصان الذي كان يجر عربة التابوت طفلاً صغيراً فقتله، كما اشتعلت النيران بمنزل عالم الأنثربولوجي "هنرى فيلير"، بعد أن أرسل هدية لكارتر عبارة عن صور لسوار الملك توت.
أحداث غامضة تواجه من هاجم اللعنة
الأغرب في هذه الحوادث، هو عندما حاول بعض العلماء التصدي لهذه الفكرة ومهاجمتها في ذلك الوقت تعرضوا لحوادث غامضة في الوقت نفسها.
ومن بينهم الدكتور عز الدين طه، عالم الأحياء الذي أكد عدم وجود "لعنة الفراعنة"، موضحاً أن "هناك بعض الفطريات والسموم التي ربما يكون نشرها القدماء المصريون فوق مقابرهم وبعض أنواع البكتيريا التي تنشط فوق جلد المومياء المتحللة التي عاشت آلاف السنين في حالة سكون فتصيب مكتشفي هذه المقابر".
وقبل أن يستطيع إثبات نظريته لقي مصرعه في حادث سيارة، وتبين من تشريح الجثة أن سبب الوفاة هو ضيق بالتنفس.
وفي عام 1972، عندما صرح الدكتور جمال محرز، عالم الآثار المصري، أنه يرفض ظاهرة "لعنة الفراعنة" لأنه قضى عمره بين الموتى والتوابيت والمومياوات دون أن يحدث له شيء، وبعد هذا التصريح بشهر توفي إثر إصابته بهبوط في الدورة الدموية، والغريب أن وفاته جاءت في اليوم نفسها الذي نزع فيه القناع الذهبي للملك "توت عنخ آمون" للمرة الثانية.
التفسيرات المختلفة للغز
أجمع علماء وباحثون متخصصون على عدم وجود ما يسمى "لعنة الفراعنة" وأنها خرافة ليس لها أساس علمي، وأن كل سلسلة الوفاة التي حدثت لا تتعدى كونها صدفة، والدليل على ذلك هو أن"هاورد كارتر" نفسه مكتشف المقبرة لم يحدث له أي مكروه، على الرغم من أنه قد أساء إلى المومياء بالمقبرة عندما قام بانتزاع القلائد الذهبية من على المومياء، ومزق الكفن نصفين، وأن الصحف في ذلك الوقت ساعدت في نشر الهلع والذعر والترويج لظاهرة واستثمارها في زيادة بيع أعداد الصحف.
حاول بعض العلماء تفسير "لعنة الفراعنة" بأنها تحدث نتيجة لتعرض الأشخاص الذين يفتحون المقابر الفرعونية لجرعة مكثفة من غاز الرادون، وهو أحد الغازات المشعة، وهو غاز عديم اللون شديد السمية، وإذا تكثف فإنه يتحول إلى سائل شفاف، ثم إلى مادة صلبة معتمة ومتلألئة، والرادون هو أحد نواتج تحلل عنصر اليورانيوم المشع الذي يوجد أيضاً في الأرض بصورة طبيعية.
في تصريح خاص لبوابة "العين" الإخبارية، يقول محمد بكير، الباحث الأثري: "الناس في كل زمان ومكان مولعون بكل ما هو غريب ومثير وخارق لقوانين الطبيعة، أسطورة لعنة الفراعنة هي واحدة من الأساطير التي ما زالت تسيطر على عقول الناس، ومن هؤلاء الناس من هم غاية في العلم والثقافة والتقدم التكنولوجي, هي خرافة لا تستند إلى دليل علمي واحد، المشكلة أن الناس تعتنق فكرة ما ثم تحاول إثبات ما افترضوه، وما هو من بنات أفكارهم وخيالهم, وهذا ما حدث بالضبط مع مقبرة الملك توت وما تبع اكتشافها من ظروف وملابسات, هي خرافة لطيفه تدغدغ مشاعر البعض وتلهب خيالهم ولا أكثر".
ورفض" بكير" ربط هذه الحوادث وبين النظرية التي تدعي وجود غازات سامة موجودة في مقبرة توت عنخ آمون نتيجة عدم فتحها لآلاف السنين ووصفها بأنها غير علمية، وهي إحدى قصص ترويج الخرافة والباسها الثوب العلمى الرصين".
فيما قال راجح محمد، مدير مركز الوثائق بمتحف النوبة، لبوابة "العين"، إن هذه الأحداث التي وقعت للعديد من الأشخاص" قضاء وقدر ويصعب علمياً ربطها بالمقبرة".
وعن أسباب ترويج البعض لهذه الفكرة في ذلك التوقيت، يقول راجح: "إنهم أشخاص يبحثون عن مبررات غيبية، الأدباء والكتاب الأجانب يدعمون الروايات بهذه القصص المثيرة للترويج لأعمالهم، وبصفة خاصة إذا ارتبطت بآثار مصر وشهرتها".
ويضيف راجح "أن هناك العديد من الاكتشافات لأجانب في مصر، ولم يحدث لهم شيء، هناك الرحالة "بوركهاردت" الذي وجد معبد أبوسمبل، وقام العالم "بلزوني" بالكشف عنه، وهو من أضخم وأكبر المعابد في بلاد النوبة، ولم يحدث له شيء، وهو من أكبر من نهب وسرق آثار مصر وعمر بها الكثير من متاحف إيطاليا وأوروبا، وغيره الكثير من الأمثلة".
aXA6IDE4LjIyNy41Mi4yNDgg جزيرة ام اند امز