أية محبة جارفة تستدعي هذا التضامن من الغريب قبل القريب، والقاصي قبل الداني تجاه موقف طارئ يتعرض له أحد أحفاد زايد الأبطال
يحدثنا الإعلام الجديد اليوم، والذي بات يكشف التفاصيل الدقيقة للشخصيات على اختلاف أنواعها، ومراتبها، ومستوياتها المجتمعية، عن قصص تكاد تكون أغرب من الخيال، لشخصيات بالغت في التعبير عن انتمائها المجتمعي "السامي" فأخذت تنشر صور حياة الليل والنهار، وبأجساد عارية أو تكاد، كما لا تفرّق بين ما هو شخصي وما هو عام من الأمور الكبيرة قبل الصغيرة.
وإن كان تناول الإعلام الجديد مستجداً لمثل هذه الأمور، إلا أن الموضوع نفسه قديمٌ مرتبط بوجود الأسر الحاكمة والنخب المجتمعية المتنفذة سياسياً أو اقتصادياً، وبخاصة الرؤساء الذين ادّعوا الوصول إلى الحكم بحسب الأنظمة الديمقراطية والانتخابات الجماهيرية وبمطلق حرية الشعوب في الاختيار، فهذه الأسر الحاكمة أفسدت السلطة والرفاه أبناءها المدلّلين، حتى باتوا أميل إلى الاعتقاد بأنّهم الأوصياء على الأعناق والأرزاق، والحياة والحرية، وتميم الذميم هنا أيضاً، المثال الأقرب إلينا عن كلّ ذلك، حتى لنضعه في الخانة نفسها التي كان فيها أبناء الزعماء الديكتاتوريين الذين حكموا ويحكمون دولاً مثل كوريا الشمالية، والعراق، وسوريا وليبيا، وغيرها.
أفصّل في هذا الموضوع، لأصل إلى ما نشهده في دولتنا الإمارات الحبيبة من أفعال لا مجرد أقوال، يقوم بها أصحاب السمو الشيوخ حكاماً، وأولياء عهود، وأحفاداً يسيرون على نهج الآباء والأجداد المؤسسين، في التواضع والرقي والحلم والتفاني في سبيل الله سبحانه، وخدمة الأوطان والإنسان في كل زمان ومكان.
ومن منا لم يشهد التكاتف والتضامن والدعاء الحار بالشفاء العاجل لسمو الشيخ زايد بن حمدان آل نهيان، ورفاقه المصابين بحادثة سقوط المروحية التابعة للقوات المسلحة الإماراتية في اليمن، ولي أن أشير لأشيد بمبادرتين صغيرتين كبيرتين في دلالتهما، وسط آلاف ردود الفعل المتضامنة والمساندة والمستعدة لبذل الغالي والنفيس في سبيل سلامة أبطالنا بواسل قوات التحالف العربي في اليمن الشقيق، تتمثل الأولى في مبادرة طلبة "خلوة مجمع أبو العباس لتحفيظ القرآن" في ولاية النيل الأزرق بالسودان، إلى ذبح عجل تقرباً إلى لله، ليقبل دعاءهم بشفاء الشيخ زايد بن حمدان، وقد نشر ناشطون صورة تظهر مجموعة الطلبة السودانيين، وهم يحملون لافتة مكتوب فيها الدعاء بعاجل الشفاء للشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان.
أما المبادرة الثانية فتتمثل في قيام مواطن إماراتي بتوزيع 20 ألف شجرة غاف على المواطنين والمقيمين، عطاءً خيراً لوجه الله تعالي بنية تعافي سمو الشيخ زايد بن حمدان بن زايد آل نهيان، ورفاقه الأبطال تقديراً لعطائهم وبسالتهم وشجاعتهم.
أي شعور هذا الذي يجمع شعوباً في محبة حفيد زايد، سوى القيم التي أورثنا إياها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد؟ بل أي محبة جارفة تستدعي هذا التضامن من الغريب قبل القريب، والقاصي قبل الداني تجاه موقف طارئ يتعرض له أحد أحفاد زايد الأبطال، الذين آثروا الوقوف في الصفوف الأمامية دفاعاً عن الدين والأرض، واسترجاعاً للحق الشرعي السليب في اليمن الشقيق؟ أية رابطة أخُوَّة وإيمان وعقيدة يسطّرها أبطالنا هناك في اليمن بقطرات الدماء لا بالماء أو الحبر؟.
سلامٌ عليكم وأنتم تقتحمون الصعاب أسوداً لا يخشون الموت، ولا يهابون العدوّ مهما تعاظم حجم تآمره وكيده، سلامٌ عليكم وأنتم تسندون بعضكم بعضاً جرحى يعطي واحدهم الأولوية لجراح الثاني، فكأننا بهم في مشهد معارك القادسية واليرموك وأُحد، والعدو واحد، فإن لم يكن فارسياً، كان ذَنَباً من أذنابه، وفي ذلك الحوثي والعفاشي والإخواني والحمدي سواء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة