يرتبط النظام القطري بعلاقات قوية مع كوريا الشمالية، من خلال توظيفه آلاف العمال من بيونج يانج في بناء مرافق دورة كأس العالم لكرة القدم
دخل التوتر العسكري والسياسي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية مرحلة جديدة خطرة جداً؛ فقد هدد الرئيس دونالد ترامب بأن أي تصعيد من بيونج يانج سيواجه بالنار والغضب والدمار، وردت كوريا الشمالية بأنها تدرس توجيه ضربة عسكرية (صاروخية) للوجود الأمريكي في جزيرة جوام.
فبعدما أعلنت كوريا الشمالية أنها تبحث استهداف مناطق قرب المنشآت العسكرية الاستراتيجية الأمريكية في جزيرة جوام في المحيط الهادئ بصواريخ بالستية متوسطة المدى، ذكرت عدة وكالات أن بيونج يانج «تبحث بعناية الخطة الحربية لإقامة غلاف ناري في المناطق المحيطة بجزيرة جوام بواسطة صواريخ بالستية إستراتيجية متوسطة المدى من طراز هواسونغ-12»، وأن الخطة سيتم الانتهاء منها وستوضع قيد التطبيق بشكل متزامن ومتتابع وبانتظار متى يتخذ القائد الأعلى للقوات النووية لكوريا الشمالية كيم جونج أون القرار.
لهذا نجد أن مجلس الأمن قد أقرّ بالإجماع سلة عقوبات جديدة على كوريا الشمالية رداً على تجارب الصواريخ البعيدة المدى، فكان الموقف الرسمي لكوريا الشمالية إزاء هذه العقوبات أن الولايات المتحدة ستدفع الثمن، ومع أن الأمم المتحدة فرضت عقوبات على كوريا الشمالية في السابق، إلا أن تلك العقوبات لم تحمل بيونج يانج على تغيير سياستها العسكرية، فهل العقوبات الجديدة تؤدي إلى تراجعها عن برنامجها لاسيما والعقوبات الجديدة ستؤدي إلى خسارة كوريا الشمالية نحو بليون دولار في السنة.
البعض يرى أن أمريكا دائما ما تعمل على صنع منطقة صراع لتكون هي المنقذ والحل لهذا الصراع وهو ما تبحث عنه في شمال المحيط الهادئ؛ حيث تسعى إلى المزيد من مسار التصعيد العسكري (اللفظي) لابتزاز دول تلك المنطقة كاليابان وكوريا الجنوبية والصين وهو الأسلوب نفسه الذي تتخذه مع إيران لابتزاز الدول العربية والخليج تحديداً، فكوريا الشمالية وإيران كالشيطان تظهران العداوة لأمريكا وتلعبان أدواراً ضد خصومهما وخاصة المُسلمين، وأن ما يحدث ليس محض الصدفة، بل هو مدبر من قِبل الإدارة الأمريكية، وهي وجهة نظر مقبولة ومنطقية إلى حد ما؛ حيث يَرَوْن أن أمريكا صورت الزعيم الكوري كيم جونج أون بالمراهق والمعتوه، ونسجت حوله العديد من القصص والشائعات المفبركة والخيالية والمبالغ فيها، بحملات مركزة لتشويه الصورة الذهنية في عقول العالم وكأنها فصول جديدة في رواية ألف ليلة وليلة، كالإعدامات التي نفذها لأهله ولأقربائه ومعاونيه لأتفه الأسباب، حتى وصلت إلى أنه اعتنق الإسلام بعدما شاهد داعش وإعداماتها المبتكرة!!
هناك وجهة نظر أخرى فيها جزء من نظرية المؤامرة؛ حيث يرى هذا الفريق أن ما تفعله بيونج يانج هو جزء من رد الجميل لدولة قطر وجزء من التعاون المشترك لإشغال العالم، ودور غريب تلعبه كوريا الشمالية في أزمة قطر، لتخفيف الضغوط العالمية على قطر المتهمة بدعم وتمويل الإرهاب، وبخلط الأوراق على الطريقة الإسرائيلية التي افتعلت أزمة الأقصى وأغلقت مكتب قناة الجزيرة، حيث أكدت تقارير وجود صفقة أسلحة أرسلت إلى قطر، يقابله تمويل قطري للتجارب الصاروخية الكورية بالإضافة إلى أن النظام القطري يرتبط بعلاقات قوية مع كوريا الشمالية، من خلال توظيفه لآلاف العمال من بيونج يانج في بناء مرافق دورة كأس العالم لكرة القدم المقرر إقامتها في الدوحة عام 2022، لهذا دخلت على خط الخلاف والأزمة الدبلوماسية المتفاقمة بين قطر والدول المقاطعة الأربع، السعودية والإمارات ومصر والبحرين، حيث ترى قطر أن استخدام ورقة كوريا الشمالية مضمون بسبب العداء الواضح بين واشنطن وبيونج يانج، وقد أكدت بعض الصحف الأمريكية على أن الصلة بين الصراع الدائر في الخليج وما يحدث في جهة وكوريا الشمالية من جهة أخرى.
فهل تكون كوريا الشمالية ورقة وعنوانا لحلحلة الملف الخليجي من خلال تأزيم الملف النووي الكوري الشمالي؟
أما أصحاب الرأي الآخر فيرون أن ما يتناقله الإعلام عن كوريا الشمالية ليس مجرد شائعات أو وهم، فمن السهل حينما توضع السلطة والمال في يد مراهق معتوه، فما عليك إلا أن ترى كل ما تراه من حكومة بيونج يانج، بل إنها قصة رعب حقيقية تعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه مهما كانت غطرستها إلا أنها لا تتجرأ على ضرب كوريا الشمالية لأنه قد يسبب نشوب حرب عالمية ثالثة نووية، لا سيما وأن رئيسها قد صرح بأنه من أول رصاصة تطلقها أمريكا على بلاده، سيطلق صواريخ شاملة ومدمرة على جميع الأهداف دون هدنة أو توقف، وأنه سيجعل أمريكا تعود 300 سنة إلى الوراء بالقنبلة الكهرومغناطيسيةأ اقوى القنابل على مستوى العالم.
لكن السؤال هل تستطيع تنفذ كوريا الشمالية تهديدها؟ وهل تستطيع كوريا الشمالية أن تطلق صاروخاً عابراً للقارات عبر المحيط الهادئ ليصل الى البر الأمريكي؟
هناك من يرى أن من يحكم البلدين مجنونان وأن هناك خطرا محدقا بالعالم قد يتسببان فيه، ولن يزول إلا بسقوط أحدهما لإنقاذ البشرية ومستقبل الكرة الأرضيّة، وهناك من يعتقد بأن ذلك يبدو بعيداً؛ لأن كوريا الشمالية لا تستطيع أن تنفذ تهديداتها لأن الولايات المتحدة قادرة على إلغاء كوريا الشمالية من خريطة العالم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة